بثت وكالة الأنباء الكورية الشمالية بياناً صادرا عن «كيم يو جونج»، شقيقة زعيم كوريا الشمالية، أعلنت فيه تكليف الجيش باتخاذ إجراءات انتقامية بحق الجارة الجنوبية التى دأبت مؤخراً على إرسال منشورات دعائية معادية ومحاولة نشر الأخبار الكاذبة بين أبناء الشطر الشمالى. وقالت كيم فى بيانها: إن الوقت قد حان لإنهاء عمل مكتب الاتصال المشترك وقطع كل علاقة بحكومة سيول.
معروف أن الستار الحديدى المضروب حول كوريا الشمالية يمنع تدفق الأنباء الحقيقية القادمة من هناك، ومع ذلك فإن هذا التعتيم لا يبرر سيل الأخبار والدعايات المفبركة التى تطلقها سيول بحق جارتها الشمالية ومعظمها أخبار خارج حدود العقل، مثل الخبر الشهير الذى شاع قبل سنوات عن إعدام وزير الدفاع لكوريا الشمالية، هيون يونج تشول، بأن أطلقوا نحوه نيران مدفع مضاد للطائرات وذلك فى الثلاثين من إبريل 2016.
وقتها نشرت الوكالة الكورية الجنوبية استناداً إلى معلومات تلقتها من أعضاء فى البرلمان الكورى الجنوبى أن وزير الدفاع الكورى الشمالى أقيل من منصبه وأعدم بسبب غفوة ألمت به واستسلم لها أثناء عرض عسكرى فى حضور الزعيم كيم جونج أون!. قيل أيضاً، نقلاً عن سيول، إن وزير الدفاع رد ذات مرة على الزعيم بصورة غير لائقة، الأمر الذى أحفظ الرجل الكبير عليه وجعله ينتقم منه شر انتقام بقذيفة مدفع مضاد للطيران!.
هذا وقد سبق للكوريين الجنوبيين أن أذاعوا من قبل عن إعدام الرجل الثانى فى هرم القيادة لدى بيونج يانج وهو زوج عمة زعيم البلاد بعد اتهامه بالفساد والقيام بأعمال تضر باقتصاد البلاد.
من المعروف بطبيعة الحال أن كوريا الشمالية تعتبر واحدة من أواخر قلاع الشيوعية التى مازالت صامدة ومخلصة لنهجها الاقتصادى والسياسى، كما تعتبر ضمن عدد محدود جداً من الدول مازال قادراً على مناطحة الولايات المتحدة ومجاهرتها بالعداء. ولا شك أن التوتر بين الدولتين الناشئتين عن انقسام كوريا عام 53 يسمح بكل أشكال الحرب الدعائية التى تروج فيها المبالغات والأكاذيب، كما أن غياب الشفافية عن الحالة الكورية الشمالية يساعد على ذيوع أخبار دموية مضحكة من النوع السالف، إلا أن مسألة قتل وزير الدفاع بمدفع طيران بسبب غفوة هى أمر لا يسهل تصديقه. نحن لا ننفى وجود بلاد يحكمها الجنون مثلما كان يحدث فى ليبيا القذافى وإفريقيا الوسطى بوكاسا وأوغندا عيدى أمين، لكن الغريب أن وسائل الدعاية الغربية كانت تتغاضى عن هؤلاء مثلما تتغاضى عن المذابح والانتهاكات إذا ما ارتكبها عملاؤهم ووكلاؤهم المحليين فى العالم الثالث، لكن يبدو أن الإلحاح على بيونج يانج بأخبار من هذا النوع هدفه خلق رأى دولى مرحب بأى عقوبات تنوى الولايات المتحدة توقيعها عليها فى المستقبل. أما الحكايات المفبركة العجيبة التى كانت مقصورة فيما مضى على الأطفال يروونها لهم قبل النوم، فإن البادى أن وسائل الدعاية الدولية الجبارة قد جعلت من الناس جميعاً مستهلكين لها!