x

وداعًا «راهب النحت» آدم حنين

الأربعاء 27-05-2020 15:22 | كتب: بوابة الاخبار |
أعمال فنية أعمال فنية تصوير : اخبار

«النور قلب النحت، والجص قلب النقاء»، هكذا كان يطلق الفنان التشكيلى ورائد فن النحت آدم حنين إبداعاته منطلقا من هذه المقولة، حيث يرى فى النحت النور والإبداع.

وتوفى آدم حنين صباح أمس -الجمعة – عن 91 عاما فى المستشفى الإيطالى إثر مضاعفات صحية، وتم دفنه بمقابر العائلة بمدينة 6 أكتوبر، ليحمل صباحا حزينا إلى التشكيليين وعالم الإبداع الذى ارتبط باسمه وإسهاماته.

ونعت د. إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة وجميع الهيئات والقطاعات المثال الكبير آدم حنين وقالت «إن المشهد التشكيلى المصرى فقد رمزا عبقريا ومثالا فذا»، وأضافت فى بيان أن الراحل أحد علامات النحت الحديث والمعاصر ولعب دورا مهما فى المجال على مدار عقود، وأشارت إلى تأسيسه سمبوزيوم أسوان الدولى لفن النحت الذى يعد تظاهرة فنية تجمع مبدعى العالم على أرض مصر.

وأشارت «عبدالدايم» فى بيانها إلى أن آدم حنين كان عضو لجان التحكيم للمعارض العامة والدولية منذ عام 1971، ومهرجان السينما بالقاهرة والإسكندرية، وشارك فى ترميم تمثال أبوالهول عام 1990، وكان قوميسير عام سمبوزيوم أسوان الدولى السادس عشر للنحت 2011، ورئيساً شرفياً للجنة العليا لسمبوزيوم أسوان الدولى لفن النحت الدورة الثالثة والعشرين يناير 2018، ونال الكثير من الجوائز منها جائزة الدولة التقديرية فى الفنون عام 1998، الجائزة الكبرى لبينالى القاهرة الدولى 1992.

وقد نعى وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى الفنان الراحل عبر حسابه على وسائل التواصل الاجتماعى وقال: «وداعاً يا صديقى وصديق الدرب الذى أثرى الحياة الثقافية والفنية بأعماله الفريدة التى ستبقى مدى التاريخ»، وخص «المصرى اليوم» بصورة من أرشيفه تجمعه مع الفنان الراحل فى فترة شبابهما.

ونعتته د. صفية قبانى نقيب الفنانين التشكيليين والعميدة السابق لكلية الفنون الجميلة بقولها: «كان أبرز وأحد عمدة فن النحت».

وتابعت فى تصريحات لـ«المصرى اليوم»: فقد الفن التشكيلى فى مصر والعالم النحات الكبير آدم حنين الذى أثر فى جيل كامل من نحاتى مصر الشباب والمعاصرين أمثال عصام درويش، محمد رضوان، وووصفت « القبانى» الراحل بأنه إنسان وفنان جميل وكان مبتسما دائما، وهو علامة من علامات الفن المعاصر، وتمثاله على بوابه أكاديمية الفنون فى روما.

وتابعت: قابلته فى سمبوزيوم أسوان للنحت وكان هو مؤسسه والمتحف المفتوح للأعمال النحتية فى أسوان وأصبح حدثا عالميا يأتى إليه النحاتون من جميع أنحاء العالم وأصبحنا نمتلك أكبر متحف مفتوح بسبب هذا السميوزيوم الدولى الذى يأتى إليه النحاتون من العالم ويتركوا أعمالهم عند نهاية الحدث معظمها جرانيت.

ولد آدم حنين صمويل هنرى فى القاهرة عام 1929من أسرة من أسيوط تعمل فى صياغة الحلى، ونشأ فى حى باب الشعرية، وكان فى الثامنة من عمره عندما اكتشف المتحف المصرى للآثار خلال زيارة مع المدرسة، وأصبحت هذه الزيارة نقطة تحوّل فى حياته، فحين بلغ العشرين، قرر أن يصبح نحاتاً والتحق بمدرسة الفنون الجميلة فى القاهرة، حيث تخرج فى كلية الفنون الجميلة بالقاهرة 1953، ثم درس فن النحت فى ألمانيا الغربية 1957، والتحق بمرسم الفنون الجميلة بالأقصر 1954-1955، وعمل كرسام فى مجلة «صباح الخير» 1961، ومستشار فنى بدار التحرير للطبع والنشر 1971.

أصقل آدم حنين موهبته ودراسته بالدراسة فى الخارج أيضا، حيث درس فى مرسم انطونى هيلر فى ميونخ سنة 1957 بعد أن أنهى دراسته الحرة بمدرسة الفنون الجميلة على يد الفنان أحمد صبرى، كما عاش فى النوبة فترة أثناء منحته للتفرغ فى الفترة من 1961 ـ 1969، وسافر لباريس وعاش فيها كفنان محترف من سنة 1971، وتحول بفنه للتجريد، واستخدام خامة الفخار الزلطى فى تماثيله.

ورغم الدراسة والعمل بالخارج إلا أن «حنين» ركز أعماله الفنية على البيئة المحلية والتراث المصرى القديم وكان له قدرة على التعبير عن الواقع الاجتماعى. كان «حنين» يرى «الجص» مادة محايدة زاهدة بعكس مواد أخرى جميلة وحية، متأنقة وغنية تزيد العمل الفنى جاذبية وإغراء لأنها تضيف من جمالها الخاص إلى جمال التشكيل كالأحجار القيمة والمعادن النفيسة والأخشاب المنوعة.

وكان من أبرز مقاله «أحاول الوصول المباشر والواضح إلى الحقيقة بعيداً عن إغراءات مادة النحت أسعى للوصول إلى النحت الصافى والحقيقة العارية، يبهرنى النور الصافى حين يسقط على مادة محايدة لا تنافسه ولا تتدخل فى جمالة وعزوبيته، فقط تستكين المادة النقية لاستقبال النور لتعكسه فى عيوننا على حقيقته البعيدة عن أى مغريات ومحسنات، لقد خلق الله سيدنا آدم عارياً». ولـ«آدم حنين» مقتنيات فى متحف وزارة التربية والتعليم ووزارة الثقافة ومتحف الفن الحديث بالقاهرة، وحديقة النحت الدولية بمدينة دالاس الأمريكية وقرية الفن بالحرانية بالجيزة ومبنى مؤسسة الأهرام بالقاهرة، وفاز بالجائزة الأولى فى مسابقة الإنتاج الفنى 1955، والتقى فى واحد من معارضه سنة 1960 بعالمة الانثروبولوجيا عفاف الديب اللى تزوجها لتصبح رفيقة مشواره ومديرة وناقدة أعماله فى بداية مسيرته الفنية. وانتقل «حنين» عام 1971 مع زوجته إلى باريس التى عاش فيها 25 عاما، وخلال هذه الفترة تفرغ لفنّه ثم عاد لمصر عام 1996، وأقام مسكنه ومحترفة فى منزل من الطوب الطينى بناه المهندس المعمارى رمسيس ويصا واصف المعمارى المشهور فى قرية الحرانية. وعمل آدم حنين خلال الفترة من عام 1989 إلى 1998 مع وزارة الثقافة فى ترميم تمثال أبوالهول فى الجيزة. وفى عام 1996 أسس «حنين» سمبوزيوم أسوان الدولى لفن النحت، وهو ورشة سنوية ومعرض يقومان على دعوة نحاتين من كافة أنحاء العالم لتجريب ونحت منحوتات من الجرانيت المحلى، وقدم خبراته فى إنجاز عدد ضخم من القطع الكبيرة والصغيرة الحجم، باستخدام مواد متنوعة مثل الجرانيت والبرونز والجص والحجر الجيرى والفخار.

جسّدت أعمال آدم حنين الأولى رشاقة ومتانة التماثيل المصرية القديمة مع الدلالة على حس تبسيطى فى معالجة الكتل والأحجام.

تذكّر أعماله بالتماثيل القديمة مثل تمثال الكاتب، المعروف بعنوان «شيخ البلد» والمعروض فى المتحف المصرى للآثار بجانب أعمال محمود مختار.

ولـ«آدم حنين» موهبة أخرى لم تكن تقل إبداعا عن موهبته فى النحت، فقد كان رساما ماهرا غير أنه لم يستخدم بتاتًا فى لوحاته الألوان الزيتية على القماش بل أعاد إحياء تقنيات قديمة، مثل الرسم على أوراق البردى بأصباغ طبيعية ممزوجة بالصمغ العربى أو تقنية الرسم على الجص التقليدية، وأنجز سنة 1960 رسومًا لتزيين كتاب صديقه الشاعر صلاح جاهين (1930 ـ 1986) «رباعيات صلاح جاهين»، واستخدم لذلك الحبر الهندى على الورق، وتتميّز لوحاته، سواء التشخيصية منها أو التى تمثل أشكالًا هندسية تجريدية، بصفاء الأشكال وحرارة الألوان التى يعززها عمق نحتى. ومن أشهر أعمال آدم حنين تمثال أم كلثوم، وله أعمال من الخزف الملون على واجهة مدينة الفنون بالهرم، كما تنتصب أمام مبنى مؤسسة الأهرام بالقاهرة أحد تماثيله على هيئة طير مفرودة الجناحين ومنفذة من البرونز، وأنجز أيضا تمثاله «الحرية» فى وزارة التربية والتعليم.

أعمال فنية

أعمال فنية

أعمال فنية

أعمال فنية

تامر فتحي

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية