حالة من الترقب والحذر مخلوطة بالأمل سادت الأوساط السياحية مع بدء العد التنازلى لتطبيق قرار مجلس الوزراء، بإعادة تشغيل الفنادق وعودة السياحة الداخلية، وفق ضوابط واشتراطات الصحة والسلامة، بالتنسيق بين وزارتى السياحة والآثار والصحة والسكان.
وبدأ الدكتور خالد العنانى، وزير السياحة والآثار، جولاته ببعض المقاصد السياحية لرصد مدى جاهزية الفنادق والمنتجعات السياحية لتطبيق القرار، ولدعم المستثمرين والعاملين بها، سعيًا لحشد الجهود لإنجاح التجربة، فى حين أتم العديد من الفنادق استعداداتها بتوفير المعايير اللازمة لبدء استقبال النزلاء بنسب إشغال لا تزيد على 25% من طاقتها القصوى ووفق المنظومة الاستثنائية للإجراءات الاحترازية لتجنب تفشى وباء «كورونا».
وأبرمت الفنادق عقودًا مع الشركات المعتمدة من جانب وزارة الصحة، لتنفيذ أعمال التطهير والتعقيم المستمر، واعتماد استخدام البوابات الخاصة بالكشف عن المصابين، وإسناد مهام الفحص الطبى والعلاجى لأطباء مقيمين بالفنادق والمنتجعات وحسب إرشادات منظمة الصحة العالمية.. ليبقى السؤال: هل تنجح الفنادق فى توفير التدابير اللازمة خلال الأيام المقبلة، خاصة مع تزايد معدلات الإصابة بالوباء حسب الأرقام المعلنة من وزارة الصحة؟.
أعرب محمد عيد، مدير إدرة التسويق بمجموعة الباتروس للسياحة، عن حماسه لبدء تنفيذ قرار رئيس الوزراء بعودة نشاط القطاع السياحى وفق اشتراطات الصحة والسلامة، ولفت إلى أن مجموعته أتمت استعداداتها لاستقبال النزلاء المصريين وفق نسب الإشغال المقررة ضمن الإجراءات الاحترازية لتجنب تفشى الوباء، مستدركًا: «سيتم استقبال النزلاء بـ3 فنادق تابعة للمجموعة بالغردقة وفندقين بشرم الشيخ، تم اختيارها بعناية لتوفير التنوع المطلوب من حيث مستوى الخدمة، وهو ما يتيح لطاقم العاملين تقديم خدماتهم الفندقية بكفاءة وتميز بالإضافة إلى الخدمات الترفيهية التى تقدمها الأكوا بارك فى إطار مساحة توفر التباعد الاجتماعى اللازم للوقاية من تجنب العدوى».
وأضاف «عيد»، أن إدارة المجموعة أعدت العديد من الترتيبات لضمان سلامة النزلاء، سواء من خلال نشر التوعية بصور مبتكرة وتوفير أجهزة قياس درجات حرارة أجسام النزلاء وكذلك أجهزة التعقيم والتطهير، بداية من لحظة دخول النزيل وطوال فترة إقامته وحتى مغادرته، فضلًا عن إجراءات التطهير والتعقيم المقررة لطاقم العاملين أيضًا، ونفى انعكاس إجراءات الوقاية ونسبة تشغيل الفنادق التى لا تتجاوز 25% من قدرة استيعابها على الأسعار، مؤكدًا أن العكس تماما سيحدث؛ إذ تعرض المجموعة أسعارًا تنخفض إلى أقل من 50% من المتوسط الذى كان سائدًا من قبل، وكان يتراوح ما بين 5 و8 آلاف جنيه للغرفة يوميًا، بينما يتراوح متوسط السعر الذى ينتظر النزلاء حاليًا ما بين 2000 و3 آلاف جنيه للغرفة، تشجيعًا لنجاح التجربة وعودة السياحة الداخلية، خاصة أن معظم فنادق المجموعة كانت دائمًا محجوزة ضمن البرامج السياحية للزوار الأجانب، غير أن هذه التجربة فرصة كبيرة ليستمتع المصريون بخدمات فندقية متميزة فى وطنهم.
وأشار بيتر ناثان، نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة «كيروسيز»، إلى أن الإجراءات التى تم اتخاذها لعودة النشاط السياحى داخليًا فى مصر جيدة للغاية وتواكب ما يحدث فى العالم حاليًا للتعايش مع أزمة تفشى الوباء، بحسب إرشادات منظمة الصحة العالمية، وكان لا بد من اتخاذ هذه الخطوة، لأنه لا بديل سوى السعى لدوران عجلة الحياة من جديد لوقف نزيف الخسائر على كل المستويات، قائلًا: «سنخضع كل قدراتنا للاختبار الجاد ونأمل فى التزام الجميع وتقبل الزبائن لنمط الخدمة الفندقية التى سوف يتم تقديمها وفق الإجراءات الاحترازية المقررة ومن المؤكد أن سعادتنا ستتضاعف إذا ما سارت الأمور على نحو جيد لنصبح مؤهلين بجدارة لدخول المرحلة الثانية التى تستوعب انفراجة إضافية بزيادة الإشغالات المقررة إلى 50% من القدرة الاستيعابية للفنادق».
وأضاف «ناثان»: «نعلم أن السوق لا يستوعب أى زيادة فى الأسعار لذلك تحملنا تكاليف التعقيم والتطهير وكافة الإجراءات الاحترازية المقررة دون زيادة فى أسعار الغرف، وسعر الغرفة فى فندقنا الـ 4 نجوم يتراوح ما بين 1100 و1200 جنيه بينما كانت الأسعار فيه قبل أزمة الوباء بين 1500 و1700 للغرفة فى الليلة».
وأوضح حسام مندور، المدير العام لفندق «بريميير لو ريف» بسهل حشيش، أن مجموعته انتهزت فرصة توقف النشاط السياحى واعتمدت خطة تجديدات، تشمل الغرف وحمامات السباحة والأرضيات والأثاث الفندقى أيضًا، إذ إن الأعمال التجارية حاليًا تحول عمليًا دون المشاركة فى استقبال النزلاء وفق القرارات الجديدة لاستعادة السياحة المحلية، لافتًا إلى أن القرار جيد ومطلوب للتعايش مع أزمة لا تبدو لها نهاية فى الأفق القريب. وطالب «مندور»، كل المشاركين، سواء كانوا أصحاب الفنادق أو العاملين بها أو النزلاء، بالالتزام الصارم بالإجراءات المقرة والاعتياد على النمط المطلوب للخدمة والتعاملات لتجنب أى أخطاء تؤدى إلى كارثة حقيقية الجميع فى غنى عنها، معربًا عن أمله أن تضيف التجربة لمساتها المهمة على التدريب الضرورى للكوادر العاملة على النمط الجديد من الخدمة السياحية.
وأشار وائل رباح، مدير إدارة المبيعات والتسويق لفنادق جاز شرم الشيخ، إلى أنه تقرر فتح فندقين من 10 فنادق تملكها مجموعته وهما «جاز مرابيل» بشرم الشيخ ويحتوى على 600 غرفة يستقبل نصفها النزلاء بداية من أول يونيو المقبل، والثانى «جاز أكوا مارين» بالغردقة ويشمل 1300 غرفة بحيث يستقبل النزلاء فى نحو 300 غرفة بنسبة 25% بداية من عيد الفطر، وقال: «نملك الرغبة والقدرة على المساهمة الجادة والملتزمة لإنجاح التجربة للتعايش مع الأزمة واستعادة عجلة الإنتاج ودورانها ووقف نزيف الخسائر خاصة مع بدء فصل الصيف الذى نتوقع فيه أن تتحقق آمالنا فى استعادة الرواج السياحى فى بيئة آمنة محليًا وعالميًا لذلك بادرنا بالمشاركة وسنترقب ما يحدث بحذر لأننا نعول كثيرًا على مدى قبول نمط الخدمة غير التقليدى والمعتاد عليه من الزبائن، خاصة فيما يخص المطاعم والبوفيه والجوانب الترفيهية».
وأوضح «رباح»، أن النزلاء لن يتحملوا التكاليف الإضافية للاشتراطات المقررة، وأن مجموعته قررت تخفيض الأسعار بنسبة 40% عما كانت عليه فى الموسم الماضى، دعمًا لإنجاح التجربة وجذب الزبائن وتشجيعهم على قبول النمط الجديد للخدمة الفندقية المشبعة بالإجراءات الاحترازية، تأمينًا لهم وللوطن من أى أخطار صحية على خلفية أزمة «كورونا» العالمية، منوهًا بأن الإقبال على الحجوزات لا يزال ضعيفًا للغاية، رغم الجهود التسويقية الكثيرة لإقناع العملاء بخوض التجربة فى إجازة عيد الفطر وموسم الصيف.
وأعربت نجلا ماضى، مدير قطاع المبيعات والتسويق بشركة «جاز» لإدارة الفنادق والمنتجعات عن تقديرها للقرارات التى اتخذتها الدولة فى محاولة جادة منها للنهوض بالقطاع والتغلب على الظروف العالمية الصعبة التى أثرت على الجميع، متابعة: «الحماسة لدينا لا يجب أن تنسينا التوقعات التى تشير إلى صعوبة جذب الـ25% التى أقرتها الوزارة دعمًا للقطاع السياحى والعمالة الكثيفة المباشرة وغير المباشرة به وتأثرهم الشديد من جراء ذلك.. فالإحساس بالخوف هو الإحساس الأضخم والأكثر خطورة فى الوقت الحالى ويؤثر بقوة على قرار السفر، وخفض الأسعار لن يكون هو العنصر الجاذب للعملاء فى مثل هذه الظروف، خاصة أن هناك تكاليف ثابتة وتكاليف إضافية وخاصة بالظروف الحالية وهى تكلفة كبيرة ولا بد من وجود سقف للقدرة على تجاوزها وإلّا أصبح المشروع منفذًا للخسائر الدائمة».
وأشارت «نجلا»، إلى أنه لا مفر من خوض التجربة لرصد الاحتياجات المطلوبة للاستمرار على ذات النمط أو إعلان التوقف تمامًا، انتظارًا لتحسن الظروف؛ إن ثبت أن الاستمرار خطر، مؤكدة أن الفترة المقبلة فى حاجة لتكثيف الاتصالات السياسية مع الدول ذات الأسواق الواعدة حتى يتم ضمان فاعلية البرامج السياحية التى يتم التجهيز لها من الآن وقبل موسم بدء الإجازات والمصايف بفترة كافية، وتابعت: «الفترة الماضية انتهزت غالبية الفنادق الفرص لعمل التجديدات اللازمة فضلًا عن تدريب العمالة على الظروف المستجدة والتى فرضت بدورها نمطًا جديدًا للخدمة السياحية فى كل مرافق تقديمها».
وأكد وليد قنديل، مدير إدارة المبيعات والتسويق بفندق «شتيايجنبرجر التحرير»، حرصه على مواكبة قرارات الدولة للأزمة التى فرضت نفسها على العالم وتستدعى كافة الشعوب للتماشى معها دون التهاون فى الإجراءات الاحترازية المطلوبة للوقاية من الإصابة بالوباء، معربًا عن تخوفه وشعوره بأن القرار جاء متسرعًا، وربما لا يتناسب مع تضاعف أعداد الإصابات من واقع الأرقام الرسمية التى تعلنها الدولة عبر إعلامها الرسمى، مردفًا: «أشعر أن الأفضل هو عدم التفكير فى الفسح والترفيه قبل إيجاد العلاج الأمثل لقضية حياة أو موت واضحة المعالم».
وأوضح «قنديل»، أن فنادق القاهرة تعتمد بنسبة من 80 لـ 85 % على السائح الأجنبى، أمّا النسبة الباقية فتعتمد على المؤتمرات التى تعقد لمختلف النقابات، خاصة الطبية منها، وهى بالتأكيد نسبة لا تكفى للاعتماد عليها فى توفير الحد الأدنى من مرتبات العمالة بالفندق، خاصة مع توقف كل هذه الفعاليات مع بداية الأزمة الحالية، متابعًا: «لا أتوقع أن تشهد الفنادق التى استعدت لاستقبال الرواد تزاحمًا من الزبائن فى العيد، خاصة أن كل المؤشرات تشير إلى أن الخوف لا يزال يسيطر على السوق المحلية للسياحة».