حفر لنفسه طريقًا خاصًا وأسلوبًا مميزًا، فتربع على عرش تلاوة القرآن الكريم لعقود، إنه القارئ محمد محمود الطبلاوي، شيخ المقرئين ونقيب القراء.
ولد الشيخ الطبلاوي في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي، في قرية ميت عقبة، بمحافظة الجيزة، عام 1934، التحق بالكتاب من عمر الرابعة، وأتم حفظ القرآن في العاشرة، وعمل بعدها مقرئًا يحي ليالي بعض المناسبات الدينية والاجتماعية، وتوفى مساء اليوم الثلاثاء، عن عمر يناهز 86 عاما، بعد رحلة عطاء ثرية مع القرآن لأكثر من 60 عاما، وبعد صراع طويل مع المرض.
عرف الشيخ محمود الطبلاوي الذي تعود أصوله إلى محافظتي الشرقية والمنوفية طريقه جيدًا ولم يحيد عنه في مرة من المرات، وربما هو ما دفعه للتقدم لاختبارات الإذاعة 9 مرات، ولم ينجح إلا في المرة العاشرة، لكنه لم يتخل عن ثقته في نفسه وفي موهبته، وصفه الكاتب الكبير الراحل محمود السعدني، بـ: «آخر حبات مسبحة القراء العظماء».
يرى الشيخ الطبلاوي أن دور الإذاعة المصرية تراجع، ولم يعد كما كان في السابق، ويضيف في تصريحات سابقة: «بدأ هذا الدور في التراجع منذ وفاة الدكتور كامل البوهي رئيس الإذاعة الأسبق، وأعتقد أن الإذاعة لا تعطي لقراء القرآن الكريم المساحة الكافية، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على الإهمال والعشوائية التي تعيش فيها الإذاعة المصرية حاليًا، ولهذا لابد من وقفة لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح حتى يأخذ كل ذي حق حقه».
سجل «الطبلاوي» القرآن كاملاً، مجوداً ومرتلاً، وزار عشرات الدول العربية والإسلامية والأجنبية، وحظي بشهرة واسعة جعلته أميرًا لمدرسة التلاوة في مصر لعدة عقود، والمقرئ الأول.
اشتهر «الطبلاوي» بقراءة قرآن الجمعة، خاصة تلك التي ينقلها التليفزيوني الرسمي ويحضرها رئيس الدولة أو كبار المسؤولين، لذلك كان على علاقة مباشرة بكل من حكموا مصر، وهو ما أكده في تصريحات تليفزيونية سابقة، حيث قال إن الرئيس المخلوع حسني مبارك كان طيباً ولكن من حوله أضروا به وحاشيته أساءت له، ويضيف:«أخبرت الرئيس المعزول محمد مرسي في فترة حكمه، العاقل من اتعظ بغيره»، ولم ينس الدعاء بالتوفيق للرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، كما جمعته علاقة قوية بالرئيس الراحل أنور السادات، ووصف الرئيس الراحل بأنه «ابن بلد ناصح ويفهمها وهي طايرة».
لم يمنعه تقدمه في السن من صدارة المشهد والحافظ على لقب المقرئ الأول، ليكون أميرًا للقراء لعقود متتالية بعدما حفر لنفسه أسمًا ومكانة ومدرسة في التلاوة يشار لها بالبنان.