قال مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية إن الجماعات التكفيرية والإرهابية سعت خلال الأعوام الماضية وتحديدًا منذ هجمات 11 سبتمبر إلى تكثيف نشاطها الإرهابي والدموي خلال شهر رمضان المعظم، وتحويل مناسبة الشهر الكريم إلى برك من الدماء لتكدير صفو العالم الإسلامي، وهو ما دفع حسب تقرير حديث للمرصد إلى محاولة كثير من المراكز البحثية والأكاديمية لافتراض وجود علاقة ارتباط سببية بين الشهر المعظم وتزايد مؤشرات العمليات الإرهابية خلال هذا الشهر مقارنة ببقية الأشهر الأخرى.
وقال المرصد في تقرير، الأحد، إن «شهر رمضان المعظم كشف حقيقة عقيدة تلك الجماعات الإرهابية، وكشف زيف دعواتها مرارًا وتكرارًا ومدى ارتكابها للعديد من الجرائم بحق المسلمين بوجه خاص وبالبشرية بوجه عام، حيث تسعى جماعات الإرهاب والتكفير إلى تنغيص مناسبة الشهر الكريم واستغلال المسلمين بأداء فرائض الصوم وشعائر هذا الشهر الكريم، ومن ثم انهالت جماعات التكفير في السير في مسارين مختلفين لتكدير شهر رمضان الأول يعتمد على فتاوى التكفير والتحريم والتي يتم إطلاقها بشكل متزايد ومتسارع خلال هذا الشهر لتضليل عموم المسلمين عن أداء بعض الشعائر أو الطقوس خلال الشهر الكريم، أو من خلال إطلاق فتاوى استباحة إراقة الدماء ونهب الأموال والثروات بدون وجه حق، وهي كلها فتاوى تعارض وتناقض حقيقة مقاصد الشريعة الإسلامية السمحة».
وأضاف المرصد أن «المسار الآخر الذي تتبناه جماعات العنف والإرهاب في شهر رمضان إنما يرتكز بالأساس على إراقة الدماء وتنفيذ العمليات الانتحارية وتفجير السيارات المفخخة، وليس هناك دلالة على غدر تلك الجماعات أقرب من تنفيذ تلك الجماعات الإرهابية لإراقة الدماء قبيل ساعات الإفطار أو خلاله أو أثناء أداء الصلوات، وهو ما يؤكد أن تلك الجماعات إنما أسست على هدم أسس الدين وقوام أداء الشعائر فيه، وهي سلوكيات انحراف عقدي ليست من الدين في شيء، كما أوضح المرصد أن تلك الجماعات تعتمد في تنفيذ عملياتها الإرهابية خلال شهر رمضان على الاستدلال بمجموعة من الغزوات والمعارك التاريخية التي تمت خلال شهر رمضان، وهي قراءة واستدلال خاطئ ينتقص لقراءة السياقات التاريخية والاجتماعية التي تمت خلالها تلك المعارك التاريخية».
ورصد تقرير المرصد أبرز العمليات الإرهابية التي تمت خلال شهر رمضان منها تفجير الكرادة في العاصمة العراقية في بغداد والذي أدى إلى استشهاد أكثر من 300 شخص، وتفجير سوسة في تونس والذي راح ضحيته 39 سائحًا، وتفجير مسجد الإمام الصادق بالكويت والذي قتل فيه 26 مصليا.
وأشار تقرير المرصد إلى نتائج دراسة أجنبية كان قد أجراها أربعة باحثين أجانب وهم (أمارناث أماراسينغام وتشارلي وينتر، [xvii] بيتر فان أوستايين، [xviii] وSajjan Gohel ) حيث قام المؤلفون بتحليل 25،360 هجومًا إرهابيا منذ 11 سبتمبر من قبل 81 منظمة إرهابية، باستخدام بيانات من قاعدة بيانات الإرهاب العالمي (GTD) وأفضت إلى أن عدد الهجمات الإرهابية خلال شهر رمضان بين عامي 2001 و2011 أقل أو يساوي تقريباً المتوسط السنوي، فيما أخذ منحنى العمليات في التزايد والتضاعف بدءًا من 2012 حيث كان رمضان أكثر عنفا في كثير من الأحيان من بقية العام، فيما يعد رمضان عامي (2013، 2014) أعلى من حيث عدد الهجمات، فيما وصلت ذروة العمليات خلال رمضان في عام 2014 تزامنا مع إعلان داعش «خلافته» خلال رمضان 2014.
وأكد المرصد أن «ظهور وصعود تنظيم داعش الإرهابي مثل نقطة تحول كبيرة في مؤشرات الإرهاب بصفة عامة، وبمؤشر العمليات الإرهابية خلال رمضان بشكل خاص، فهو التنظيم الذي اختار من رمضان تاريخا لإعلان سيطرته على الموصل العراقية وتأسيس»خلافته المزعومة«ومنها انطلق في السيطرة على معظم الأراضي العراقية والسورية، كما كانت دعوة»أبومحمد العدناني«الناطق آنذاك باسم التنظيم في عام 2015 و2016 إلى جعل رمضان»شهر الغزو والجهاد«، فيما عملت أداة التنظيم الترويجية والإعلامية للحشد لتنفيذ تلك العمليات خلال شهر رمضان المعظم».
وتابع المرصد أن «العمليات الإرهابية خلال شهر رمضان تندرج ضمن ما يسمى بـ»الإرهاب الموسمي«حيث دائما ما تسعى الجماعات الإرهابية والمسلحة إلى تنفيذ عملياتها خلال المناسبات مثل»الأعياد، الاحتفالات«خاصة تلك التي تتسم بالبعد الجماهيري الواسع والتجمعات الضخمة أو تلك التي لها بعد ديني واجتماعي، وهي عمليات غالبا ما تسعى للحصول على ترويج إعلامي ودعائي بشكل كبير، كما انها أبعاد في عمليات التجنيد. ومع ذلك تبقى مؤشرات الإرهاب في رمضان غير منفصلة عن بقية مؤشرات السنة ولكنها ترتبط ارتباطا وثيقا بها من حيث حالة الخمول والاضطراب التي تمر بها التنظيمات أو حالة النشاط الإرهابي».
وأشار تقرير المرصد إلى أن «شهر رمضان الكريم شهد الكثير من بطولات المسلمين تاريخيا، كما شهد الكثير من بطولات القوات المسلحة المصرية في الدفاع عن حقوق المسلمين وحماية لأرواحهم وأموالهم وحملا للأمانة التي على عاتقهم، فشهر رمضان شهد انتصارات أكتوبر التي مهدت لإعادة بناء مجتمعاتنا، وفيه قدمت الآلاف من البطولات خلال تلك المعركة المجيدة، كما أن الشهر الكريم شهد عددا من حوادث الغدر والخيانة والإرهاب ضد عناصر التأمين والحماية من قواتنا المسلحة ورجال الشرطة ليسطر بطولات أخرى وتضحيات أخرى تضاف إلى قوائم البطولات والتضحيات لقواتنا المسلحة».
وتابع المرصد أن «العمليات الإرهابية خلال الشهر الكريم في مصر تأتي في سياق المؤشر العالمي والإقليمي للعمليات الإرهابية خلال تلك الفترة، ومن أبرز عمليات الغدر التي تمت في مصر (هجوم رفح 2012، هجوم رفح 2013، حادثة الفرافرة 2014، حوادث 2015، اغتيال النائب العام هشام بركات 2015)، وهي عمليات لم تضعف من عزيمة القوات المسلحة بل زادتها ثباتا ويقينا بالنصر».
وانتهى المرصد إلى أن «العمليات الإرهابية في رمضان ليس لها سند أو أساس في العقيدة أو الشريعة الإسلامية السمحة، وإنما مرجعها التضليل والتحريف والجهل بالواقع وحقيقة الأحداث التاريخية العظيمة في الإسلام، وهي تعتمد على قراءات مغلوطة وتفسيرات وفتاوى تختلف في سياقها الزمني والمكاني عما نحن فيه الآن، كما أنها معارك بطولية كانت تتم بأوامر الحاكم المسلم آنذاك وليس من قبل جماعات خارجة عن الأطر القانونية والاجتماعية، فالمعارك التاريخية والغزوات كانت بطولات، أما عمليات تلك الخوارج فهي إرهاب».