قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إن «شهر رمضان هو شهر التكافل والتراحم، وأن التكافل الاجتماعي منهج إسلامي ويكمن أثره في أن الإسلام لم يأمر بعبادة فردية منفصلة عن الكون وعن المجتمع، إنما أمر بعبادة متفاعلة مع الناس ومع المجتمع، ومع الأجواء الكونية بالكامل».
وأضاف «الجندي» في كلمته ضمن فعاليات «ملتقى الفكر الإسلامي» الذي ينظمه المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، بمسجد النور بالعباسية في إطار التعاون والتنسيق بين وزارة الأوقاف والهيئة الوطنية للإعلام، الثلاثاء، أن «المتأمل للقرآن الكريم يجد أن هناك أربع سرعات في القرآن، سرعة المشي في قوله تعالى :» فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ«، وسرعة السعي في قوله تعالى :»إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ «، وسرعة المسارعة في قوله (عز وجل) :»وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ«، والسرعة الأعلى في قوله سبحانه :» فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ«، مشيرًا إلى أن»التراحم الاجتماعي، والصدقات، والكرم، والجود، والمَنّ، والإحسان، والتواد، هذه كلها صفات طيبة من الله (عز وجل) مَنّ بها على عباده، وحين ننظر إلى قول الله تعالى: «فَكُّ رَقَبَةٍ»، نجد أن «فك رقبة» ليس موجودًا اليوم، ولكن هناك مَنْ هُم على أضراب هذه الحالة وعلى أمثالها وأشكالها، الذين استغرقهم الدَّين بسبب ظروفهم المادية، فهم يحتاجون إلى مساعدة ومساندة، يحتاجون إلى عطاء، يحتاجون إلى عتق رقابهم من الدَّين الذي ألمّ بهم«.
وأوضح في كلمته التي جاءت بعنوان «رمضان شهر التراحم والتكافل» أنه «حين نتأمل قول تعالى» أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ«، والمسغبة هي المجاعة، نجد أن القرآن الكريم يأمرنا بالعطاء، والصدقة، وهنا تظهر قيمة التكافل الاجتماعي في أزهى صوره، فلو أن كل إنسان التزم بالكفالة الاجتماعية الواجبة عليه لأسرته وأقاربه لانتهت حالات الفقر من الأرض جميعًا، وقد أمرنا النبي (صلى الله عليه وسلم) بذلك فقال :» اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ«، وقال (صلى الله عليه وسلم):» يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ«».
وأكد عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية أن «ما يحدث للأرض بأكملها من أوبئة ومن جوائح كما هو الحال المشاهد الآن، إنما هو من السنن الكونية التي أرادها الله تبارك وتعالى، كما قال سبحانه :»سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ «، مشيرًا إلى أن الإنسان في حالة اليسر يظن أن الله يكرمه ويغدق عليه، وفي حالة العسر يظن أن الله قد غضب عليه، لكن المسألة ليس فيها إكرام ولا غضب، إنما هو ابتلاء من الله سبحانه وتعالى، وقد أجابت سورة الفجر عن ذلك، حيث يقول الله (عز وجل) :» فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا«، فالمخرج مما نحن فيه هو إطعام الطعام، وفعل الخيرات، ونشر الصدقات، والتعاون الاجتماعي والتكافل الاجتماعي، هذه كلها أمور تساعد وتسهم في استقرار المجتمع».
وتابع: «فإذا جاءك فقير أو محتاج، أو يتيم، أو صاحب أزمة، فعلى الإنسان أن يسارع بالعطاء والجود والإحسان والمن والكرم، وهنا يظهر التكافل والتراحم بين أبناء المجتمع، حتى يشعر الأغنياء بإخوانهم الفقراء، فتسود بينهم المحبة والمودة، ويعيش المجتمع حياة آمنة هادئة ينعم فيها بالأمن والرخاء، قال تعالى:» وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ«.