x

أسامة غريب يا فرحة ما تمت! أسامة غريب الإثنين 27-04-2020 01:35


فى اليوم التالى التقينا على باب دار العرض مبكرًا وقمت بتسليم الريس جمعة شريكى فى البيزنس جنيهًا كاملًا حصلتُ عليه من سلفيات جمعتُها من إخوتى بضمان المشروع، ووضع هو مثله. لم أشأ أن أسأله عن كيفية تدبيره للجنيه لأننى لم أرغب فى الاطلاع على تفاصيل جريمة!.

مشينا نحو سينما راديو والأحلام الوردية تداعب عقولنا. أخبرنى جمعة أن هذه مجرد بداية لأن لديه مشروعات أكبر سيدخلنى معه فيها بعد أن يصير بحوزة كل منا عشرة جنيهات.

سألته عن مشروعات المستقبل فألمح إلى نيته التوجه فى المرحلة القادمة نحو المسرح حيث التذاكر أغلى والربح أوفر. عندما وصلنا إلى السينما مضى جمعة نحو الشباك ليشترى بالجنيهين 12 تذكرة.

عاد إلىّ متهللًا وفى يده التذاكر: سنبيع عشرة تذاكر ونشاهد الفيلم بتذكرتين ثم يتبقى لنا بعد استرجاع رأس المال خمسون قرشًا مكسبًا صافيًا وهو أول الغيث.

بعد ذلك وقفنا نتابع الطابور أمام الشباك حتى تلاشى بعد نفاد التذاكر وتم إغلاق الشباك.

فى اللحظات التالية يبدأ الشعور بتعطش السوق ويسود الإحساس بأهمية أى تذكرة تظهر فى أى يد وتصير لها قيمة مساوية للهفة طالب الشراء.

هنا نزل جمعة بكل ثقله واندمج فى الزحام يعرض البضاعة، ومن الواضح أن الطلب كان عاليًا مما حدا بالرفيق جمعة إلى أن يرفع السعر ويجعله خمسة وثلاثين قرشًا للتذكرة، وبهذا فقد ارتفعت الأرباح لعنان السماء!.. يا للوغد الناصح الذى يعرف من أين تؤكل الكتف.. يبدو أن جمعة موهوب فى البيزنس، إنه يفهم لغة السوق ويستجيب لنبضه بسهولة.. كم أنا محظوظ بك يا جمعة.. سينما وفلوس وعشاء.. أحمدك يا رب.

لكن.. يا إلهى!.. ما هذا الذى يحدث؟.. هل حقيقى ما أراه؟.. إن عصبة من الشبيحة الشداد ينقضون على صديقى ويلكمونه ويركلونه ويسددون إليه الضربات فى كل أنحاء جسمه.. إن جمعة يجرى فيلحقون به ويعرقلونه فيقع منكفئًا على وجهه وتنقض عليه الطغمة الباغية فتنتزع التذاكر من يده وتختطف الفلوس، وكبيرهم يزعق فيه بصوت جهورى ألا يأتى إلى هنا أبدًا وإلا فالموت سيكون مصيره.

أبصرت جمعة يقوم من على الأرض يلملم ملابسه التى تمزقت ووجهه معفر بالتراب وقد تغيرت معالمه، وشاهدته وهو يتغلب على الألم ويطلق ساقيه للريح تاركًا ممر العقاب الرهيب!. من الواضح أن منفذى الاعتداء الغاشم بحق جمعة هم تجار السوق السوداء الذين فيما يبدو لا يسمحون للدخلاء بالتعدى على مناطق نفوذهم.

برغم الصدمة والترويع أخذت أقزقز اللب وأتظاهر بمطالعة الأفيش ثم مشيت متصنعًا الهدوء وابتعدت عن المكان خشية أن يدركوا أننى شريك جمعة فى البضاعة!.

أما فيلم «أميرة.. حبى أنا» فقد شاهدته بعد ستة شهور عندما هبط من عليائه وعُرض فى سينما ريالتو بالظاهر حيث التذكرة بثلاثة قروش ونصف!.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية