تعاقبت حضارات كثيرة على سيناء، كما أن عمرو بن العاص دخل مصر عبرها، وتعرضت للغزو الصليبى أكثر من مرة، كما مثلت الطريق البرية التي قطعها صلاح الدين الأيوبى الذي اهتم بتعميرسيناء وجدد القلاع والموانئ، وكان العصرسالمملوكى بداية استقرار في سيناء، ونمت العريش في العصر المملوكى، وأصابها التدهور في نهايتة وأنشأ السلطان المملوكى قنصوة الغورى قلعتى نخل والبغلة، لتأمين حدود مصر الشرقية، وأمن طريق الحجيج، ومع قدوم العثمانيين أولى سليم الأول سيناء اهتماماً فبنى قلعة العريش، ورمم قلعة نخل وراجت حركة التجارة بين مصر والشام، وخلال الحملة الفرنسية في ١٧٩٨ كانت سيناء مسرحاً للصراع الفرنسى العثمانى،ومع تولى محمد على أنشأ محافظة العريش في ١٨١٠ كأول شكل إدارى منظم في سيناء، ووضع تحت تصرف المحافظ قوة لحماية حدود مصر الشرقية، وقوة لحماية أمن المدينة وأنشأ نقطة جمركية وأخرى للحجر الصحى ورمم آبار المياه ووضع حراسة عليها وأنشأ البريد وخلال فترة حكم عباس الأول أراد أن يجعلها مصيفاً ومزاراً سياحياً، فبنى بالقرب من الطور حماماً كبريتياً، ومهد الطريق من دير سانت كاترين إلى قمة جبل موسى للجذب السياحى.
وخلال فترة حكم إسماعيل حدثت عدة أحداث مهمة أبرزها افتتاح قناة السويس للملاحة عام ١٨٦٩، التي كان لإنشائها آثار مهمة على مجتمع سيناء. لقد كانت سيناء تمثل منطقة استراتيجية مهمة بالنسبة لمصر، فقد دخل من خلالها الغزاة إلى مصر، وتمثل سيناء تاريخاً عريقاً سطرته بطولات المصريين، وهى البوابة الشرقية، وحصن الدفاع الأول عن أمن مصر.كما كانت مسرحاً لمعارك كبرى إلى أن وقعت حرب ١٩٦٧، ومن بعدها الاستنزاف، في السادس من أكتوبر 1973 وجه السادات ضربة مباغتة لإسرائيل حقق فيها الجيش المصري انتصارا أذهل العالم حيث عبر القناة واقتحم خط بارليف الحصين بعد توجيه ضربة جوية استباقية ترنحت إسرائيل على أثرها وكان من أهم نتائج الانتصار استرداد السيادة الكاملة على قناة السويس، واسترداد جزء من الأراضي في شبه جزيرة سيناء وعودة الملاحة في قناة السويس في يونيو 1975، كما أسفرت عن نتائج مهمة على الصعيدين العالمي والمحلي منها انقلاب المعايير العسكرية في العالم شرقاً وغرباً وتغيير الاستراتيجيات العسكرية في العالم، وعودة الثقة للمقاتل المصري والعربي بنفسه وقيادته وعدالة قضيته وتجلت الوحدة العربية على نحو تلقائي في أروع صورة حيث تعاونت الدول العربية مع مصر بالقوات وبالمال وبمنع النفط عن الدول الداعمة لإسرائيل وتحطيم أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لايهزم .
ومهدت حرب أكتوبر الطريق لعقد اتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل الذي عُقدفي سبتمبر 1978 على اثر مبادرة «السادات»التاريخية في نوفمبر 1977 م وزيارته للقدس وكانت المرحلة الثانية لاستكمال تحرير الأرض بعد اليوم السادس عشر من حرب أكتوبرعن طريق المفاوضات السياسية،إثر إصدار القرار رقم 338 والذي يقضي بوقف جميع الأعمال العسكرية بدءً من 22 أكتوبر1973بعد تدخل أمريكا والدول الأعضاء في مجلس الأمن وقبلت مصر بالقرار ونفذته مساء يوم صدور القرار، إلا أن إسرائيل كعادتها في اختراق المعاهدات الدولية خرقت القرار أدى إلى إصدار مجلس الأمن قراراً آخر يوم 23 أكتوبر يلزم جميع الأطراف بوقف إطلاق النار والذي التزمت به إسرائيل ووافقت عليه،ودخلت في مباحثات عسكرية للفصل بين القوات الأمر الذي أدى إلى توقف المعارك في 28 أكتوبر 1973 بوصول قوات الطوارئ الدولية إلى جبهة القتال على أرض سيناء لتبدأ مباحثات الكيلو 101بين شهري أكتوبر ونوفمبر 1973 تم فيها الاتفاق على تمهيد الطريق أمام المحادثات السياسية للوصول إلى تسوية دائمة في الشرق الأوسط، حيث تم التوقيع في 11 نوفمبر 1973 م على اتفاق تضمن التزاماً بوقف إطلاق النار ووصول الإمدادات اليومية إلى مدينة السويس وتتولى قوات الطوارئ الدولية مراقبة الطريق ثم يبدأ تبادل الأسرى والجرحى، واعتبر هذا الاتفاق مرحلة افتتاحية هامة في إقامة سلام دائم وعادل في منطقة الشرق الأوسط ثم كانت اتفاقيات فض الاشتباك الأولى في يناير 1974 والثانية في سبتمبر 1975 وفي الأولي تم توقيع الاتفاق الأول لفض الاشتباك بين مصر وإسرائيل، والذي حدد الخط الذي ستنسحب إليه القوات الإسرائيلية على مساحة 30 كيلومتراً شرق القناة وخطوط منطقة الفصل بين القوات التي سترابط فيها قوات الطوارئ الدولية وفي سبتمبر 1975 م تم التوقيع على الاتفاق الثاني وبموجبه تقدمت مصر إلى خطوط جديدة مستردة حوالي 4500 كيلو متر من أرض سيناء، ومن أهم ما تضمنه الاتفاق أن النزاع في الشرق الأوسط لن يحسم بالقوة العسكرية ولكن بالوسائل السلمية.
وكانت مبادرة الرئيس السـادات بزيـارة القدس في نوفمبر 1977 والتي أعلنها في بيان أمام مجلس الشعب قائلا أنه على استعداد للذهاب إلى إسرائيل، وبالفعل قام في نوفمبر 1977 بزيارة إسرائيل وإلقاء كلمة بالكنيست الإسرائيلي طارحاً مبادرته التي كان من أبرز ما جاء فيها أنه ليس وارداً توقيع أي اتفاقاً منفرداً بين مصر وإسرائيل ومؤكداً أن تحقق أي سلام بين دول المواجهة كلها وإسرائيل بغير حل عادل للقضية الفلسطينية وإن لم يتم ذلك فلن يتحقق السلام الدائم العادل وطرحت المبادرة خمس نقاط جوهرية وأساسية يقوم عليها السلام وهي إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية التي احتلت عام 1967 وتحقيق الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير بما في ذلك حقه في إقامة دولته وأن من حق كل دول المنطقة العيش في سلام داخل حدودها الآمنة والمضمونة عن طريق إجراءات يتفق عليها تحقيق الأمن المناسب للحدود الدولية بالإضافة إلى الضمانات الدولية المناسبة وأن تلتزم كل دول المنطقة بإدارة العلاقات فيما بينها طبقاً لأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وبصفة خاصة عدم اللجوء إلى القوة وحل الخلافات بينهم بالوسائل السلمية
ووافقت مصر وإسرائيل على الاقتراح الأمريكي بعقد مؤتمر ثلاثي في كامب ديفيد مؤتمر كامب ديفيد 18 سبتمبر 1978 بالولايات المتحدة الأمريكية، وتم الإعلان عن التوصل لاتفاق يوم 17 سبتمبر مننفس العام، وتم التوقيع على وثيقة كامب ديفيد في البيت الأبيض يوم 18 سبتمبر 1978، ويحتوي الاتفاق على وثيقتين هامتين لتحقيق تسوية شاملة للنزاع العربي ـ الإسرائيلي.
ونصت الوثيقة الأولى على أن مواد ميثاق الأمم المتحدة، والقواعد الأخرى للقانون الدولي والشرعية توفر الآن مستويات مقبولة لسير العلاقات بين جميع الدول وتحقيق علاقة سلام وفقا لروح المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة وإجراء مفاوضات في المستقبل بين إسرائيل وأية دولة مجاورة ومستعدة للتفاوض بشأن السلام والأمن معها، هو أمر ضروري لتنفيذ جميع البنود والمبادئ في قراري مجلس الأمن رقم 242 و338.
فيما عنيت الوثيقة الثانية؛ بإطار الاتفاق لمعاهدة سلام بين مصر وإسرائيل حيث وقعت مصر وإسرائيل في 26 مارس 1979 معاهدة السلام اقتناعاً منهما بالضرورة الماسة لإقامة سلام عادل وشامل ودائم في الشرق الأوسط وفقاً لقراري مجلس الأمن 242 و238 وتؤكدان من جديد التزامهما بإطار السلام في الشرق الأوسط المتفق عليه في كامب ديفيد وقد وقعت مصر وإسرائيل معاهدة السلام اقتناعاً منهما بالضرورة الماسة لإقامة سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط، والتي نصت على إنهاء الحرب بين الطرفين وإقامة السلام بينهما وسحب إسرائيل كافة قواتها المسلحة وأيضاً المدنيين من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب وتستأنف مصر ممارسة سيادتها الكاملة على سيناء.
وعلي أثر إبرام معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل بدأ الانسحاب الإسرائيلي الكامل من شبة جزيرة سيناء، وعودتها للسيادة المصرية وفق جدول زمني وفي 26 مايو 1979تم رفع العلم المصري على مدينة العريش وانسحاب إسرائيل من خط العريش / رأس محمد وبدء تنفيذ اتفاقية السلام وفي 26 يوليو 1979 كانت المرحلة الثانية للانسحاب الإسرائيلي من سيناء (مساحة 6 آلاف كيلومتر مربع ) من أبوزنيبة حتى أبوخربة وفي 19 نوفمبر 1979 تم تسليم وثيقة تولي محافظة جنوب سيناء سلطاتها من القوات المسلحة المصرية بعد أداء واجبها وتحرير الأرض وتحقيق السلام وفي 19 نوفمبر 1979 كان الانسحاب الإسرائيلي من منطقة سانت كاترين ووادي الطور، واعتبار ذلك اليوم هو العيد القومي لمحافظة جنوب سيناء و«زي النهارده» يوم 25 إبريل1982 تم رفع العلم المصري على حدود مصر الشرقية على مدينة رفح بشمال سيناء وشرم الشيخ بجنوب سيناء واستكمال الانسحاب الإسرائيلي من سيناء بعد احتلال دام 15 عاماً وإعلان هذا اليوم عيداً قومياً مصرياً في ذكرى تحرير كل شبر من سيناء وقام الرئيس السابق حسنى مبارك برفع العلم المصري فوق شبه جزيرة سيناء بعد استعادتها كاملة من المحتل الإسرائيلي، وكان هذا هو المشهد الأخير في سلسة طويلة من الصراع المصري الإسرائيلي انتهى باستعادة الأراضي المصرية كاملة بعد انتصار كاسح للسياسة والعسكرية المصرية فيما عدا الجزء الأخير ممثلاً في مشكلة طابا التي أوجدتها إسرائيل في آخر أيام انسحابها من سيناء، حيث استغرقت المعركة الدبلوماسية لتحرير هذه البقعة الغالية سبع سنوات من الجهد الدبلوماسي المصرى المكثف.
وخلال الانسحاب النهائي الإسرائيلي من سيناء كلها في 1982، تفجر الصراع بين مصر وإسرائيل حول طابا وعرضت مصر موقفها بوضوح وهو انه لا تنازل ولا تفريط عن ارض طابا، وأي خلاف بين الحدود يجب أن يحل وفقاً للمادة السابعة من معاهدة السلام المصرية ـ الإسرائيلية والتي تنص على أن تحل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير هذه المعاهدة عن طريق المفاوضات وإذا لم يتيسر حل هذه الخلافات عن طريق المفاوضات تحل بالتوفيق أو تحال إلى التحكيم.. وقد كان الموقف المصري هو اللجوء إلى التحكيم بينما ترى إسرائيل أن يتم حل الخلاف أولا بالتوفيق وفي 13 يناير 1986 أعلنت إسرائيل موافقتها على قبول التحكيم، وبدأت المباحثات بين الجانبين وانتهت إلى التوصل إلى«مشارطة تحكيم» وقعت في 11 سبتمبر 1986م ،والتي تحدد شروط التحكيم، ومهمةالمحكمةفي تحديد مواقع النقاط وعلامات الحدود محل الخلاف وفي 30 سبتمبر 1988 ثم أعلنت هيئة التحكيم الدولية في الجلسة التي عقدت في برلمان جنيف حكمها في قضية طابا، والتي حكمت بالإجماع أن طابا أرض مصرية وفي 19 مارس 1989م رفع الرئيس السابق مبارك علم مصر على طابا المصرية.