x

انهيار تاريخي للنفط الأمريكي.. ماذا حدث وكيف تستفيد مصر؟ (تقرير)

عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان: الوضع الحالي خطير.. ويجري إعادة رسم الاقتصاد العالمي
الإثنين 20-04-2020 22:16 | كتب: هبة الحنفي |
 - صورة أرشيفية - صورة أرشيفية تصوير : اخبار

في ساعة متأخرة من مساء الاثنين هوى سعر برميل النفط الأمريكي في العقود الآجلة لاستحقاق مايو إلى 11 دولارًا، قبل أن يستقر دقيقتين عند دولار واحد فقط، ليواصل سقوطه إلى سالب 3.7 دولار، قبل أقل من خمس دقائق، ليقبع في الهاوية عند سالب 37 دولارًا للمرة الأولى في تاريخه حتى كتابة تلك السطور.

كارثة يواجهها سوق النفط العالمي مع امتلاء مستودعات تخزين الخام، لتتحول العقود الآجلة للنفط الأمريكي أثناء تعاملات الإثنين، إلى سلبية للمرة الأولى في التاريخ.

«ضياع وليس انهيار»، هكذا بدأ الدكتور رمضان أبوالعلا، أستاذ هندسة البترول، ونائب رئيس جامعة فاروس، حديثه لـ«المصري اليوم»، قائلًا إن استمرار ما يحدث سيؤدي إلى القضاء على النشاط في قطاع البترول، وسيؤدي إلى تأثيرات سلبية على الاقتصاد الأمريكي بشكل خاص، والدول النفطية بشكل عام.

يسمي «أبوالعلا» ما حدث اليوم في أسعار النفط الأمريكي بأنه «ظاهرة» في الولايات المتحدة الأمريكية فقط، لأن الأسعار هناك يتم تحديدها بشكل تلقائي، وليس كما يحدث في مصر من تحديد أسعار البترول كل 3 أشهر، حسب لجنة التسعير التلقائي.

وتستهدف اللجنة المشكلة بقرار من رئيس الوزراء، تعديل أسعار بيع بعض المنتجات البترولية في السوق المحلية، كل ثلاثة أشهر ارتفاعًا وانخفاضًا، في حدود نسبة 10% من الأسعار السارية، والإبقاء على تثبيتها دون تغيير، وفقًا للتطور الذي يحدث للسعر العالمي لبرميل خام برنت، وتغير سعر الدولار أمام الجنيه.

ويرجع نائب رئيس جامعة فاروس الأسباب إلى وجود مخزون كبير لدى الولايات المتحدة الأمريكية، فأصبحت الكمية المعروضة كبيرة، ويريد المستثمرون التخلص منها، قائلًا إن ما يحدث في جميع أنواع السلع هناك الآن ينطبق أيضًا على البترول، مضيفًا أنه «بمجرد نفاذ هذا المخزون سيزيد السعر من جديد، لأن السعر الآن ليس حقيقيًا، لأن تكلفة البرميل الواحد من حفر وصناعة تصل إلى أكثر من ذلك بكثير».

إلى أبعد من ذلك ذهبت الدكتورة بسنت فهمي، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، لتفسر ما يحدث على أنه «إعادة رسم الاقتصاد العالمي بالكامل» مرجعة انخفاض الأسعار إلى عدة أسباب أولها شراء الولايات المتحدة الأمريكية البترول بأسعار رخيصة وتخزينها، ومع الأزمة العالمية الأخيرة من توقف حركة الطيران بعد أزمة كورونا زاد المخزون، إضافة إلى أن الإنتاج الأمريكي يعتبر بترول صخري، فضلًا عن الركود العالمي في سوق النفط، ما أدى إلى البيع بالسالب في أجل مايو.

في حديثها لـ«المصري اليوم» وصفت بسنت فهمي، الوضع الحالي بـ«الخطير» لأن هناك اقتصادات في العالم تعيش على البترول، خاصة دول الخليج، وروسيا، ما قد يجعلنا «أمام اقتصاد عالمي جديد يخرج من حيز العولمة إلى العالمية، مع نمو الاقتصاد التشاركي».

على النقيض من «فهمي» استبعد رمضان أبوالعلا، أستاذ البترول، استمرار الوضع، رغم التهاوي التاريخي للأسعار اليوم، لأن الاستثمارات في مجالات البترول عالمية، كما أن شركات البترول العالمية لها استثمارات كبيرة وتؤثر على صناع القرار في العالم.

يشرح «أبوالعلا» النتائج المتوقعة لما يحدث الآن من سعر النفط الأمريكي: «سيؤدي إلى انهيار لدول الخليج وشركات البترول العالمية والأمريكية، ولذلك لن يستمر الأمر طويلًا». متوقعًا ارتفاع الأسعار من جديد بحد أقصى شهرين أو ثلاثة أشهر.

وحول تأثير ما يحدث من تهاوي أسعار النفط الأمريكي، على دول الخليج، قال «أبوالعلا» إن الأمر سيكون له «تبعات سلبية حادة على دول الخليج»، ورغم ذلك إلا أنه يتوقع مقاومة الأسواق الخليجية بسبب مخزونها الاستراتيجي الجيد من العملة الصعبة في تلك الفترة، معولًا على صمودها بسبب ما أسماه «وعي الأسواق الخليجية وقدرتها على التعامل مع الصدمات».

مقسمة دول العالم إلى 3 أنواع، يمتلك النوع الأول تكنولوجيا عالية، والثاني يمتلك ثروات هائلة لم تمس بعد (أفريقيا والشرق الأوسط)، والثالث يمتلك الأموال، شرحت بسنت فهمي، عضو مجلس النواب، تأثيرات ما حدث اليوم، متوقعة خلق علاقة ثلاثية بين أصحاب التكنولوجيا مع أصحاب الثروة وملاك الأموال.

على الخط يدخل الدكتور إبراهيم زهران، الخبير البترولي، الذي توقع تأثيرات مختلفة لتهاوي سعر النفط الأمريكي على الأسواق الخليجية، مفسرًا الأمر بأن الأسواق الخليجية أسواق منفصلة، لكن الأزمة هناك تكمن في انهيار الميزانيات، ما قد يعرضها لشبح الإفلاس.

يشرح «زهران» لـ«المصري اليوم» تأثير أسعار اليوم على السوق المصري قائلًا إن الأمر سيكون له تبعات إيجابية وأخرى سلبية، وتتمثل التأثيرات الإيجابية في استيراد البترول بأسعار منخفضة ما ينعكس بشكل جيد على الدولة المصرية، إضافة إلى أن المنتجات التي ستسوردها مصر خلال الفترة المقبلة ستتأثر إيجابًا بانخفاض سعر البترول.

في هذه النقطة يتفق الدكتور رمضان أبوالعلا مع الدكتور إبراهيم زهران، إذ يقول «أبوالعلا» إن مصر الآن تستطيع الاستفادة من السعر المنخفض للبترول، لأنه يمكنها الاستيراد بأسعار زهيدة خلال الأشهر المقبلة، لكن عدم وجود طاقة تخزينية لديها لن يفيدها كثيرًا في شراء كميات كبيرة في الوقت الحالي.

«مصائب أمريكا عند مصر فوائد بشكل مؤقت»، هكذا يشرح أستاذ البترول رمضان أبوالعلا التأثيرات «الإيحابية» لتهاوي سعر النفط الأمريكي على سوق البترول المصري، قائلًا إن مصر يمكنها الاستفادة من الوضع الحالي، وكان يمكنها مضاعفة الاستفادة حال كانت تملك طاقات تخزينية.

بصوت متفائل قالت بسنت فهمي، إن مصر ستكون أكثر الدول المستفيدة من الوضع الحالي، بفضل عدة عوامل، أبرزها القرارات الاقتصادية التي اتخذتها مؤخرًا، محذرة من انخفاض الأسعار بشكل قد يضر مصر:«لو سعر البترول نزل ولم يتم تخفيض تعريفة المرور في قناة السويس ستعبر المراكب من طريق رأس الرجاء الصالح ما قد يضر بالاقتصاد المصري».

رغم استفادة الدولة، إلا أن المواطن المصري لن يشعر كثيرًا بالاستفادة لأنه بمجرد الاجتماع المقبل للجنة بعد أقل من 3 أشهر ستكون الأسعار عاودت الانضباط، حسب «أبوالعلا»، أستاذ البترول، الذي توقع تضرر الشركات المنتجة للبترول، وتوقف استثمارات التنقيب عن البترول في مصر.

وقبل 10 أيام، أعلنت الحكومة تخفيض أسعار البنزين بكافة أنواعه، وبحسب الأسعار الجديدة، انخفض سعر بنزين 80 إلى 6.25 للتر، بدلًا من 6.5 جنيه، و92 إلى 7.50 للتر بدلًا من 7.75 جنيه، و95 إلى 8.5 للتر، بدلًا من 8.75 جنيه.

ورأى محللون أن الانخفاض الذي اقرته اللجنة كان بسيطًا للغاية، رغم تهاوي أسعار الخام من مستوى يتجاوز 65 دولارًا نهاية العام الماضي إلى ما دون 25-30 دولارًا خلال الشهر الجارى.

وعن التأثيرات السلبية، يقول الخبير البترولي، إبراهيم زهران، إنه من المتوقع انخفاض سعر الغاز الطبيعي تأثرًا بانخفاض سعر البترول، ما يضر مصر كونها أحد مصدري الغاز.

كانت بيانات البنك المركزي أظهرت أواخر الشهر الماضي تحول الميزان التجاري البترولي لمصر خلال النصف الأول من العام المالي الجاري لتسجيل عجز بقيمة 733.3 مليون دولار مقابل فائض نحو 150.8 مليون دولار في نفس الفترة من عام 2018-2019.

وأرجع «المركزي» سبب العجز إلى انخفاض حصيلة الصادرات البترولية بنحو مليار دولار لتسجل 5 مليارات دولار مقابل 6 مليارات دولار خلال النصف الأول من العام المالي الماضي، كما انخفضت الواردات البترولية بسبب وقف الاستيراد من الغاز الطبيعي اعتبارًا من الربع الثاني من العام المالي 2018-2019، وارتفاع الواردات من البترول الخام.

أحد أسوأ التأثيرات السلبية، حسب «زهران» سيظهر في انخفاض قيمة تحويلات المصريين في الخارج، واضطرار العمالة المصرية في الخليج العودة إلى مصر، بسبب عدم قدرة الدول الخليجية على دفع المرتبات وغيرها من مستحقات العاملين، ما قد يؤدي إلى تسريحهم.

يذكر أنه بلغت تحويلات المصريين في الخارج 26 مليار دولار في العام المالي 2018-2019، وحسب نشرة أصدرها جهاز التعبئة والإحصاء عن المصريين بالخارج لعام 2017، فإن عدد المصريين بالسعودية يبلغ 2.9 مليون شخص، وتراجع العدد خلال 2018 ما بين 200 إلى 250 ألف، بعد تطبيق السعودية نظام السعودة، الذي يقضي بإحلال السعوديين محل الأجانب في عدد من الوظائف وحسب البنك الدولي، تبلغ نسبة تحويلات المصريين من المملكة 40% من إجمالي التحويلات.

ووفقًا لآخر إحصائية أعلنتها وزيرة الهجرة، نبيلة مكرم، في فبراير 2019، فإن عدد المصريين بالخارج يتراوح ما بين 13 إلى 14 مليون مواطن، بينما يقدّر جهاز التعبئة العامة والإحصاء في إحصائية أصدرها عام 2017 العدد، بـ9.5 مليون مواطن.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية