x

عمال المصانع بالإسماعيلية: نحارب من أجل لقمة العيش

السبت 18-04-2020 23:30 | كتب: محمد محمود رضوان |
عمال فى المناطق الصناعية بالإسماعيلية يتخذون إجراءات السلامة عمال فى المناطق الصناعية بالإسماعيلية يتخذون إجراءات السلامة تصوير : أحمد شاكر

«أكل العيش مُر».. هكذا بدأ العمال داخل عدد من المصانع بالمنطقتين الصناعيتين الأولى والثانية بالإسماعيلية حديثهم لـ«المصرى اليوم»، خلال جولة داخل المصانع، الاحتياج للمال وزيادة الأعباء والالتزامات المالية كفيلة باتخاذ قرار الخروج للعمل فى ظل هذه الأزمة التى يشهدها العالم فى ظل الخوف من فيروس «كورونا»، ولم نجد أمامنا سبيلا أو طريقا سوى الخروج للبحث عن لقمة العيش فى ظل انتشار الفيروس القاتل.

جولة «المصرى اليوم» بدأت من أمام أحد مصانع الملابس بالوقوف لدقائق على بوابة الأمن للمصنع، ليتم قياس درجة الحرارة، ويسلم كل من يدخل للمصنع «كمامة» قبل الدخول. قال محمد نوفل، مدير المصنع: «فى بداية انتشار الفيروس تم إعطاء العمال إجازة لمدة أسبوعين، وعقب عودتهم تم تعقيم كامل للمصنع بالمطهرات والكلور، وتوفير كمامات للعمال تم تصنيعها بالمصنع، مع توفير كميات من المطهرات والكلور لتنظيف وتعقيم المصنع يوميًا، وتوسيع المسافات بين كل عامل واستخدام المراوح لتهوية المصنع بشكل جيد أثناء العمل».

وأوضح حمدى محمد، وطارق محجوب، نائبا المدير، أن هناك طريقة لدخول العمال للمصنع، والذين يصل عددهم إلى قرابة 1000 عامل فى الصباح، بعد إحضارهم بواسطة أتوبيسات مجهزة، لتكون أولى الخطوات لهذه الطريقة قبل الدخول للمصنع بأن يتم قياس درجة الحرارة لكل عامل، ثم أجهزة البصمة بالوجه وليس باليد لعدم انتقال العدوى، والتأكد من ارتداء كل عامل للكمامة الخاصة به، مع تعقيم الطرقات والممرات داخل المصنع على مدار اليوم بالكلور والمطهرات.

وداخل أحد خطوط الإنتاج وأمام ماكينة خياطة، تقف حنان محمد، 55 عاما، عاملة بالمصنع، قائلة: «أعمل بالمصنع منذ عام 2009، لم أفكر أبدا فى أن أقدم استقالتى أو إجازة مفتوحة، حتى بعد علمى بالفيروس المستجد، لأننى فى أشد الحاجة للعمل والراتب الذى أحصل عليه، بسبب ظروف المعيشة الصعبة، وهذا ما دفعنى للاستمرار فى العمل مع زيادة انتشار الفيروس، وتحذيرات الحكومة ومسؤولى الصحة، وأحمل على عاتقى التزامات مادية صعبة على أسرتى وأساعد فى تلبية طلبات واحتياجات الحياة، مع محاولات المحافظة على غسل اليدين وارتداء الكمامة والتطهير بالكحول».

وأوضحت فاطمة محمود، إحدى العاملات بالمصنع: «لا أستطيع أن أتوقف عن العمل، لأنه فى حالة توقفى عن العمل أو إعطائى إجازة إجبارية سيسبب لى ذلك العديد من المشكلات المادية الضخمة، حيث أننى ملتزمة بأقساط وطلبات مالية شهريا، لا بد من سدادها، وبسبب تلك الظروف لا أستطيع أن أطلب إجازة، لأنه لو مش هموت من الفيروس هموت بسبب الديون والجوع، هناك الملايين من العمال لا يمتلكون إلا الراتب الشهرى البسيط من العمل بالمصانع، وعلى أكتافهم أعباء وديون وأسر تحتاج لطعام وشراب ودواء، لذا نحن ليس لدينا رفاهية الامتناع أو رفض نزول المصانع للعمل، وعلى الجميع التفكير جيدا فى هؤلاء العمال أولا».

وعلى إحدى ماكينات الخياطة داخل المصنع وجدنا عجوزا يرتدى نظارته الطبية، وقال: «اسمى سمير محمد، 71 عاما، أعمل بالمصنع منذ 20 عامًا، أنا بشتغل هنا فى قسم العينات، أقوم بتجهيز عينة القطعة التى يقوم باقى العمال بالمصنع بالعمل عليها وتصنيعها، لا أستطيع أن أكون بدون عمل، لذلك أنا حريص على النزول للمصنع وأداء عملى بشكل يومى، وفى احتياج للعمل ماديا، وهذا ما جعلنى حريصا على أننى لا أنقطع عن العمل فى ظل انتشار فيروس كورونا».

ومن داخل أحد مصانع البويات والكمياويات بالمنطقة الصناعية وجدنا موظفى أمن يرتدون كمامات وعن بعد يتم قياس درجة الحرارة قبل الاقتراب من بوابة المصنع الرئيسية وبعدها عليك التسجيل البيانات باستمارة تضم معلومات شخصية عن الزائر وهل تعرف أحد المصابين أو قريبا لمصاب بفيروس كورونا؟، هل سافرت لخارج البلاد فى الفترة الأخيرة؟، هل لديك أقارب أو أصدقاء قادمين من خارج البلاد خلال الأيام الماضية؟، كل هذه الأسئلة قبل سماح موظفى الأمن لك بالدخول إلى المصنع، وبمجرد الدخول إلى المصنع، أكد أحمد عثمان، مسؤول السلامة والصحة المهنية، أن الإدارة قررت عقب ظهور وتفشى فيروس كورونا المستجد عددا من القرارات الهامة لتلك المرحلة، كان منها توفير الكمامات والكحول فى كل منطقة داخل المصنع، وعلى أن يكون العمال فى مجموعات صغيرة، وأن يكون كل منهم بعيدا عن الآخر أثناء العمل، وأوقات الراحة وداخل المطعم وأتوبيسات نقل العمال التى تمت مضاعفتها لكى يكون كل عامل فى مكان، منفردا، وأن تكون منطقة التدخين بشكل أوسع وأكبر جيد التهوية، ولا يدخل إليها سوى 4 عمال فقط. وأضاف أنه تتم قياس درجة حرارة العمال من وقت لآخر أثناء العمل، مع انتشار أدوات التعقيم والكحول فى كل مكان داخل المصنع، ويعمل بالمصنع حوالى 200 عامل على ورديتين، مع إلغاء كل الاجتماعات بالعمال والمديرين، الاجتماعات الهامة تكون عبر «فيديو كونفرانس».

وأشار إلى أن إدارة المصنع وضعت خطة طوارئ للتعامل مع الأزمة الحالية، ومن ضمنها فى حالة ظهور أى أعراض للفيروس على عامل، يتم عزله فورا داخل غرفة العيادة بالمصنع والاتصال بغرفة عمليات الخط الساخن لوزارة الصحة، مع عزل المخالطين له، كما تم منح العمال المصابين بالأمراض المزمنة والسيدات العاملات بالمصنع والحوامل ومن لديهن أطفال، إجازة مدفوعة الأجر.

وقال محمد سالم، مدير عام المناطق الصناعية بالإسماعيلية، إن المنطقة تلقت تعليمات من اللواء شريف فهمى بشارة، محافظ الإسماعيلية، بعد تفاقم أزمة فيروس كورونا، بالقيام بإجراءات احترازية شملت تشكيل لجنة من الطب الوقائى بمديرية الصحة وإدارة المناطق الصناعية للمرور على المصانع الموجودة بالمنطقة، ويصل عددها إلى 212 مصنعا، للتأكد من استخدام كافة أدوات ووسائل الوقاية والتعقيم داخل وخارج المصانع، كما تم التنبيه على المصانع بتوفير كافة أدوات التعقيم من مطهرات وكلور وكمامات للعمال، للحفاظ عليهم، وأعطت اللجنة مهلة 48 ساعة فقط كحد أقصى للقيام بتلك الملاحظات، والتنبيه بإغلاق المصنع تماما فى حالة عدم تنفيذ توصيات اللجنة.

وأضاف «سالم» أن هناك بعض المصانع طلبت من إدارة المناطق الصناعية توفير أعداد كافية من الكمامات والمطهرات والكلور، وتم توفير كافة احتياجات المصانع بأسعار مخفضة عن الأسواق، مشيرا إلى أن اللجنة تمر يوميًا على كافة المصانع العاملة للتأكد من ارتداء العمال للكمامات وتطبيق كافة وسائل التأمين للعمال.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية