«نشعر وكأنها ذكرى تاريخية، وكأنها حدث ضمن أجندة حدث فى مثل هذا اليوم».. هكذا وصف الأقباط إحساسهم بأحداث أسبوع الآلام وعيد القيامة، اللذين يحلان وسط تدابير مجابهة فيروس كورونا، مؤكدين سيطرة حالة من الضيق عليهم وفقدانهم الاشتياق لصناعة كعك وبسكويت العيد نظرا لما فرضه الظرف الراهن على الأسر القبطية من قضاء اسبوع الآلام «بين أربعة حوائط». فى بيت ريفى بسيط بقرية الدوادية بالمنيا، وقفت الأم الشابة سهير سمير، «أم مريم»، حزينة نظرا لفقدانها زهوة عيد القيامة وأسبوع الآلام، لأول مرة فى حياتها، وفق تعبيرها.
قالت «أم مريم»، باكية: «لا أشعر بفرحة العيد، ولأول مرة لا أخبز الكعك والبسكويت، رغم أن من عاداتنا المقدسة فى الريف ألا يخلو منزل من نواعم العيد سوى فى حالة الوفاة؛ لكن هذا العام يسيطر الحزن على كل البيوت، فأغلب الأسر لم تخبز نواعم العيد.. مفيش نفس نعمل حاجة حلوة واحنا محرومين من الكنيسة واللمة مع عيلتنا والخروج والتنزه مع أطفالنا بسبب كورونا». وتضيف مريم عجايبى، 9 سنوات: «بنصلى فى البيت واحنا مشغلين الصلاة مع البابا تواضروس، بس مش عارفين، والصراحة الصلاة فى البيت مش حلوة زى الكنيسة، وكمان فى الكنيسة كانوا بياخدوا الأطفال، ويفهمونا الصلوات والطقوس بأسلوب بسيط». وتابعت «أم مريم»: «الشىء الوحيد الذى حرصنا عليه هو إعداد وجبة الفول النابت، الذى نفطر عليه بعد صوم الجمعة العظيمة».
ويحتل يوم الجمعة العظيمة مكانة كبرى لدى الأقباط، حيث يعتبرونه أقدس أيام السنة وأشدها روحانية، وينهى المصلون هذا اليوم إفطارهم فى وقت متأخر من مساء الجمعة بتناول الفول النابت، الذى يوحى بحياة جديدة نبتت للإنسان المسيحى بعد صلب السيد المسيح؛ مثل حبة الفول اليابسة التى تنبت بعد وضعها فى المياه لمدة 3 أيام، فتعود إليها الحياة مرة أخرى، هكذا يشبهها الأقباط بالموت 3 أيام مع المسيح وقيامته فى اليوم الثالث.
ومن أسماء هذا اليوم لدى الأقباط، «الجمعة العظيمة، جمعة الآلام، الجمعة السوداء، الجمعة المقدّسة، الجمعة الحزينة، جمعة الفصح»، وكلها ألقاب للجمعة الأخيرة، قبل عيد القيامة مباشرة، وآخر جمعة فى الصوم الكبير لدى الأقباط «55 يوما»، وهو اليوم الذى يتذكر فيه المسيحيون حادثة صلب السيّد المسيح وموته، ودفنه، ويكون هذا العيد هو السّابق لعيد القيامة المجيد، متزامناً مع احتفالات اليهود بعيد الفصح.
وينتهى اليوم بالميطانيات «سجدات»، ويسجد المصلون فى هذا اليوم 400 سجدة، و100 سجدة فى كل اتجاه «شرقا وغربا وشمالا وجنوبا»، يصرخ فيها الشعب طالبًا الرحمة بصوت واحد وبنفس واحدة، قائلين: «كيرياليسون»، لاستمطار مراحم الله ورأفته على البشر.