لا شك أن الأغنية الشعبية أصبحت لغة السينما العصرية التى كانت سبباً فى نجاح العديد من الأفلام خلال السنوات الماضية، راهن عليها المنتجون، وحصدوا من ورائها الملايين، ومع انطلاق الموسم الصيفى لهذا العام خرج علينا المنتجون بمجموعة كبيرة من الأغانى الشعبية داخل أفلامهم، تعرض يوميا وبشكل مستمر فى الفضائيات كنوع من الدعاية لجذب الجمهور، فى فيلم «حصل خير» للمنتج أحمد السبكى قدم مجموعة من الأغانى لـ«سعد الصغير ومحمود الليثى وطارق الشيخ وقمر اللبنانية»، وشقيقه المنتج محمد السبكى قدم يسرا ومى عز الدين فى أغنية شعبية لفتت أنظار الجميع فى فيلمه «جيم أوفر»، أما المنتج أحمد السرساوى فاستعان بالمطربين الشعبيين شحتة كاريكا وسمسم شهاب وبوسى فى فيلمه «الألمانى»، البعض يعتبرها بدعة يتمنى انتهاءها، ويتهم صناعها بتدمير الذوق العام، والتسبب فى انحطاط الأغنية، وصناعها يردون بأنها ناجحة وتمتع الجمهور كما يتم استخدامها كدعاية ناجحة.. «المصرى اليوم» تتناول جميع الآراء فى هذا الملف.
حلمى بكر: «دعارة» غنائية لا تعترف بالممنوعات
رفض الملحن حلمى بكر وصف الأغانى التى تقدم حاليا بالسينما بالشعبية، مؤكدا أنها أغانى «بيئة» ودعارة غنائية على حد وصفه، أو أغان خارج اللجنة كما يطلق عليها لا تعترف بالرقابة أو الممنوعات، وأغانى الميكروباص والتاكسى والمراكب الليلية.
وقال: الأغنية الشعبية لها مفردات «شيك»، كلمات يتداولها الشعب وليست سباباً وألفاظا نائية ، واتهم «حلمى» منتجى السينما بتدمير الذوق العام للجمهور، وأنهم السبب فى انتشار هذه الأغانى بحثا عن المكاسب، مؤكداً أننا نعيش عصر انحطاط الأغنية واندثار المواهب ونجاح معدومى الموهبة والأصوات الجيدة، أو عصر موسيقى «الكومبو» الجاهزة التى تعتمد على الأجهزة والمعدات فى الغناء، وبسبب ذلك فقدنا الإبداع والريادة. وتمنى «حلمى» أن يكون ظهور هذه الأغانى بمثابة «بدعة»، وأن تنتهى فى أسرع وقت، محملا المسؤولية لنقابة الموسيقيين المسؤولة عن الارتقاء بمستوى المهنة، وهو دور لا تمارسه كما يجب أن يكون، وإلى جهاز الرقابة على المصنفات الفنية أيضا، مطالبا إياه بضرورة أن يكون له دور فى مواجهة هذا النوع من الغناء.
نادر صلاح الدين: المنتجون اعتمدوا على «عدوية» فى السبعينيات.. ولا أعرف سوى سعد الصغير حالياً
السيناريست نادر صلاح الدين يؤكد أنه ليس ضد وجود الأغانى الشعبية فى السينما بشرط أن تكون لها ضرورة درامية يقبلها الجمهور دون أن يشعر بأنها مجرد تطويل للأحداث، وأشار إلى خوضه هذه التجربة مع محمد سعد فى فيلميه «بوحة» و«اللى بالى بالك»، وغيرهما من الأفلام التى كانت تستوعب ذلك.
وأشار إلى أن هذه الظاهرة ليست وليدة هذا العام، لكنها كانت موجودة منذ السبعينيات، وأحمد عدوية صاحب تاريخ قوى فيها، وكان المنتجون يعتمدون عليه فى نجاح أفلامهم وقتها. وأضاف: للأسف معظم المنتجين يعتمدون على الأغنية فى تسويق أفلامهم، وكثيراً ما كانت هناك أفلام لا تحتوى على أغان ويسجل صناعها أغنية تكون بمثابة حملة تسويقية للفيلم سواء شعبية أو درامية حسب نوع العمل الذى يقدمونه، والعادة جرت أن يكون المخرج هو المسؤول عن إضافة الأغانى لفيلمه، لكن فى الأساس هذا هو دور المؤلف فهو من يحدد موعد الأغنية فى فيلمه. وأكد «صلاح الدين» رفضه فكرة وجود خليفة لـ«عدوية» فى مصر حالياً ووصفها بالفكرة العقيمة، لأنه لا يمكن أن يكون هناك فنان خليفة أو امتداد لغيره، فكل فنان له طابع وشكل وكيان مختلف.
وأشار إلى أنه لا يعرف من الجيل الجديد سوى سعد الصغير، واعترف بأن هذا تقصير منه ولا يقلل من الآخرين.
أحمد البدرى: «حقى برقبتى» لم تقلل من نجومية يسرا
أحمد البدرى مخرج فيلمى «جيم أوفر» ليسرا ومى عز الدين و«غش الزوجية» لرامز جلال وإيمى سمير غانم، أكد أن الطرب الشعبى موجود فى السينما منذ بدئها فى مصر مع محمد قنديل وشكوكو وإسماعيل ياسين ومحمد رشدى وحسن الأسمر وعدوية وغيرهم، وقال: إن كل زمن وله مطربوه، متسائلا: لماذا الحملة الضخمة التى تشن على مطربى هذا الجيل؟
أضاف «البدرى»: سعيد جدا بتقديم يسرا ومى عز الدين أغنية «حقى برقبتى» التى حققت نجاحا كبيراً قائلا «الأغنية مكسرة الدنيا» فى الميكروباصات والمراكب الليلية والتوك توك، وكلماتها غير مشينة، ولها غاية درامية ضمن الأحداث، وكذلك دويتو «قاهر النساء» فى فيلم غش الزوجية، الذى جمع رامز جلال وعبدالباسط حمودة، مؤكدا أن غناء يسرا هذا النوع من الغناء لا ينقص من قيمتها كفنانة، لأنها لن تغامر بماضيها وتاريخها فى سبيل أغنية، ولولا اقتناعها بالفكرة وتأثيرها لما نفذتها وقدمتها بهذا الشكل. وتابع: فكرة الأغنية الشعبية انتقلت إلى المسلسلات الدرامية أيضا، والسبب هو نجاحها فى التسويق والترويج للأعمال، وأقدم من خلال مسلسل «كيد النساء 2» أكثر من أغنية ستغنيها هيفاء وهبى وفيفى عبده والأمر عرض وطلب، ومن يرفض هذا النوع من السينما لن يذهب لمشاهدته.
شحتة كاريكا: مصر كلها تسمع أغنياتى
المطرب الشعبى شحتة كاريكا، الذى قدم مهرجان «حارة عجيبة» كما يطلق عليه ضمن أحداث فيلم «الألمانى».
أكد أنه سعيد جداً بنجاح أغنيته، التى تحكى عن الحارة الشعبية وأجوائها وعاداتها وتقاليدها اليومية من أحداث بلطجة وضجيج وأصوات مرتفعة وتعاملات الجيران بعضهم البعض.
وأشار إلى أنه يقدم «موسيقى الدرامز» منذ 4 سنوات ويجتهد فيها دائماً ويعمل على تطويرها، وأنه لا يهتم بالنقد الذى يواجهه، لأن مصر كلها تستمع لأغنياته والأجانب أيضاً يعشقون الطرب الذى يقدمه على حد تأكيده.
أضاف: أحترم الغناء الشعبى فهو سبب شهرتى ودخولى السينما، وكذلك سعد الصغير ومحمود الليثى ومحمود الحسينى وطارق الشيخ وعبدالباسط حمودة وغيرهم.
أحمد السبكى: الجمهور مكتئب ويشعر بملل ويحتاج للترفيه عنه
المنتج أحمد السبكى، صاحب هذه الظاهرة فى السينما خلال السنوات الأخيرة، دافع عن وجود الأغنية الشعبية فى أعماله وقال: الجمهور يعيش حالة ملل واكتئاب ويحتاج لوسيلة ترفيه تخفف عنه حدة الظروف التى يعيشها، وبصراحة الجمهور يعشق هذا اللون من الغناء، وهذا هو سبب إصرارنا على تقديمه.
وأكد «السبكى» أن المصريين هم «شعب الأغنية الشعبية»، على حد وصفه، ويقبل على سماعها بحثا عن التغيير، وتساءل: فلماذا إذن الابتعاد عنها، خاصة أنها تساعدنى كمنتج فى الترويج لأفلامى؟ وتعد سبباً رئيسياً فى نجاحها بدليل أن «شارع الهرم» الذى تم عرضه فى وقت صعب جداً، وكان عملاً شعبياً استعراضياً غنائياً، إلا أنه حقق إيرادات لم تشهدها السينما منذ زمن بعيد، وكذلك فيلما «كباريه» و«الفرح» وغيرهما.
وقال «السبكى»: الأغنية الشعبية لا تنقص من شأن أفلامى، وأرفض ما يردده البعض بأنها دعوة للإسفاف والابتذال، بل إنها دائما ما تقدم بشكل محترم يحاكى الواقع وأحرص على تطويرها وتقديمها بأشكال جديدة ومختلفة.
أحمد الحضرى: أغانى فقيرة فنياً ومجرد حشو لتطويل مدة عرض الفيلم
أكد الناقد أحمد الحضرى أن وضع السينما سيئ جداً، وتعتمد على التهريج والسطحية فى تناول أى موضوع، وهى بذلك سينما وقتية لن تستمر طويلاً، وقال: الأغانى الشعبية قد نتقبلها فى أفلام وأوقات معينة، لكن غير مقبول تقديمها فى أى وقت ولأى سبب وتكون هى الأساس الذى تقوم من أجله صناعة السينما، ووصف «الحضرى» الأغانى التى يتم تداولها هذه الأيام بالفقيرة فنيا ومعدومة النجاح ومحكوم عليها بالنسيان السريع ودخيلة على الفن المصرى، بل مجرد حشو لتطويل مدة عرض الفيلم.
وطالب صناع السينما والفن فى مصر بضرورة العودة إلى تقديم الأعمال الأدبية والكلاسكيات الأدبية لنجيب محفوظ وطه حسين وإحسان عبدالقدوس وغيرهم حتى تعود للسينما رونقها ومكانتها على المستوع العربى. وعن أسباب انتشار الظاهرة فى الفترة الأخيرة أكد «الحضرى» أن إقبال الجماهير على تلك النوعية من الأغانى جاء نتيجة اختلاف أذواقهم وقبولهم هذه النوعية الهابطة من الأفلام، بالإضافة إلى ضعف القائمين على هذه الأعمال من منتجين ومخرجين، ولهثهم وراء تحقيق أعلى المكاسب المادية بغض النظر عن القيمة الفنية للعمل الذى يقدمونه.
طارق الشناوى: ما يهمهم الإيرادات واللعب فى المضمون
الناقد طارق الشناوى يرى أن الفنانين دائما ما يتبعون مقولة «اللى تكسب به العب به»، ولأن تجربة الأغنية الشعبية كانت سببا فى نجاح أفلام كثيرة مثل «الفرح» و«كباريه» و«شارع الهرم»، فلماذا لا يقدمون على هذه التجربة لضمان نجاحهم؟
وأضاف: فى فترة من الفترات اتجه جميع نجوم السينما للغناء فى أفلامهم، منهم يسرا ومحمود ياسين وعادل إمام ومحمود عبدالعزيز حتى أحمد زكى، وكان سبب هذه الموجة قيام أحد النجوم بالغناء فى أحد أفلامه، وكتب له النجاح وحقق إيرادات مرتفعة، وتجار السينما فى مصر لا يهمهم الفن أو الإبداع، وما يهمهم فقط هو الإيرادات وشباك التذاكر وبمعنى مختصر «اللعب فى المضمون».
ووصف «الشناوى» فيلمى «حصل خير» لسعد الصغير و«جيم أوفر» ليسرا بالأفلام السخيفة، وبالتالى فإن الأغانى الشعبية الموجودة داخلهما سخيفة، لأن نزع الأغنية من السياق العام للفيلم يعد سلبيا، وإذا عدنا لفيلم «الكيف» لمحمود عبدالعزيز، فإنه احتوى على العديد من الأغانى الشعبية الناجحة لأنها مرتبطة بالسياق الدرامى، وتعبر عن أحداث العمل رغم كلماتها المتدنية والضعيفة، وقد تكون الأغنية جيدة لكن الفيلم كان سببا فى فشلها، لتصبح مجرد هزليات رخيصة تبغى الإضحاك والإسفاف فقط.
علاء الشريف: وسيلة دعائية تساهم فى التسويق
علاء الشريف، مخرج ومؤلف فيلم «الألمانى»، رفض اتهام الأغنية الشعبية بالوقوف وراء تراجع الذوق العام للمشاهد وقال: إن من يردد هذا الكلام هم أصحاب «الموضة القديمة»، فالأغانى التى قدمتها من خلال الفيلم سواء أغنية «أنا إنسان» للمطرب أحمد سعد، أو أغنية «لفى بينا يادنيا» للمطربة بوسى مناسبة جداً لمضمون الرسالة التى يريد الفيلم توصيلها، وقد حاولت من خلالهما المزج بين الموسيقى الشعبية والكلام الراقى البعيد عن الابتذال والإسفاف.
وأضاف: تقديم الأغانى ضمن الأفلام رؤية إنتاجية إخراجية متوازنة وناجحة دون شك، بدليل نجاح معظم الأفلام الأخيرة، وتحقيقها أعلى إيرادات وإقبالاً جماهيرياً فى ظل ظروف صعبة تعيشها الصناعة والبلد.
وأشار «الشريف» إلى أن أغانى الأفلام والمسلسلات هى وسيلة دعائية للأعمال يقوم بها المنتجون بتكلفة أقل من تكلفة الحملات الدعائية للأفلام وتساهم بشكل كبير فى التسويق للأعمال.
عماد عبيد: «السبكى» سبب تراجع الأغنية الشعبية
عماد عبيد، الشاعر الغنائى، الذى كتب هذا الموسم أغنية «تاعب روحى» للمطرب الشعبى سمسم شهاب ضمن أحداث فيلم «الألمانى» قال إنه ضد تصنيفه كشاعر شعبى، مؤكدا أن الأغنية هى وسيلة للترفيه، وأن إقبال الجمهور على الأغنية هو المعيار الأساسى للنجاح.
وأكد أنه يحرص دائما فى كلماته على الابتعاد عن الإسفاف والابتذال، وأنه مع تقديم الأغنية الشعبية، سواء فى السينما أو الدراما، بشرط أن تعكس الحالة الدرامية والرسالة التى يريد أن يناقشها صناع العمل، رافضا منهج «السبكى» فى التعامل مع الأغنية الشعبية، واتهمه بأنه السبب فى تراجعها، وأنه يقدمها داخل أفلامه «حشوا» ليستخدمها كوسيلة دعائية ، بغض النظر عن رسالتها أو مضمونها وغرضه الأساسى منها توفير ثمن الدعايا الإعلانية لأفلامه من خلال عرضه للأغنية.
وعبر «عماد» عن استيائه من وصول الأغنية إلى هذا الحد المتدنى، وأنه ضد ما قامت به يسرا ومى عز الدين فى فيلمهما «جيم أوفر»، واصفا ما قدماه بالإسفاف والغناء الرخيص، وأنهما بذلك يشجعان هذا النوع من الغناء ويقبلانه، وقال: عيب على يسرا أن تنساق وراء هذا التيار وأن تقدم أى كلام فاضى.
محمد عبدالمنعم: أغنياتى سبب فى نجاح العديد من الأفلام
الملحن محمد عبدالمنعم، صاحب الكلمة الأولى فى صناعة هذه الأغانى، والذى لحن معظمها قال: إن أغنياته كانت سبباً فى نجاح العديد من الأفلام، وتساءل: ماذا تقول لأعداء النجاح؟ وتابع: فخور بتصنيفى كملحن شعبى، وبأننى سبب فى نجاح العديد من الأغانى التى قدمها حكيم ومحمد فؤاد وإيهاب توفيق وخالد عجاج وشيرين عبدالوهاب.
وأشار «عبدالمنعم» إلى أن الجمهور يعشق الأغانى الشعبية، وهو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة فى الفن والإبداع، وهو من يقرر نجاح هذا أوفشل ذاك، ولذلك فإنه مستمر فى تقديمها.
ومن الأغانى التى لحنها «عبدالمنعم» هذا الموسم: «قاهر النساء» فى فيلم «غش الزوجية»، وهى دويتو بين المطرب عبدالباسط حمودة ورامز جلال، إضافة إلى أغنية «أنا ماسك نفسى» لرامز جلال، وفى فيلم الألمانى أغنيتى «لفى بينا يادنيا» للمطربة بوسى، و«أنا إنسان» لأحمد سعد، وكل أغانى فيلم «حصل خير» لسعد الصغير وطارق الشيخ.