فى الوقت الذى يواصل فيه فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19»، حصد المزيد من الأرواح، وإصابة الآلاف يوميا فى غالبية دول العالم، باشرت العديد من البلدان اتخاذ إجراءات جديدة لمواجهة الوباء ومددت حظر التجول وإغلاق المؤسسات العامة، وفرض قيود على السفر لاحتواء كورونا، فيما بدأت دول أخرى تخفيف إجراءات العزل والإغلاق بعد تراجع ذروة تفشى الوباء فيها، لتفادى الوقوع فى الانكماش الاقتصادى والركود، بينما واجه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مزيدا من الانتقادات لتأخره فى اتخاذ إجراءات وقائية، بعد أن أكدت تقارير أن أول ظهور له كان فى نهاية ديسمبر العام الماضى.
وقال كبير مستشارى الصحة الأمريكية، أنتونى فاوتشى إنه «كان يمكن إنقاذ الأرواح» لو اتخذت الإدارة الأمريكية إجراءات مشددة لكبح كورونا، وأضاف: «لو قمنا بإغلاق كل شيء منذ البداية، لكان الأمر مختلفاً بعض الشىء ولكن اتخاذ هذا القرار أمر معقد»، وسجلت الولايات المتحدة حوالى 600 ألف إصابة، وتخطى عدد الوفيات بها 21 ألف حالة، معظمها فى نيويورك، وتوقع فاوتشى أن تبدأ مناطق أمريكية العودة تدريجيا إلى طبيعتها فى مايو المقبل، مع توقعات بأن تكون ذروة الإصابات قاربت على الانتهاء، فى حين ذكرت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية، أن الفيروس ظهر لأول مرة فى الولايات المتحدة، بداية ديسمبر الماضى، وأوضحت أن علماء يعتقدون أن ارتفاع الوفيات بخليج سان فرانسيسكو فى فبراير ومارس يعود إلى تفشى الفيروس بكاليفورنيا فى وقت مبكر، ونقلت عن الرئيس التنفيذى لمقاطعة سانتا كلارا بكاليفورنيا، جيف سميث قوله: «كان الفيروس طليقا وربما كان موجودا منذ فترة طويلة، ولم يتم التعرف عليه لأننا كنا فى موسم الإصابة بالإنفلونزا».
ومددت السعودية، أمس الأول، العمل بحظر التجول السارى فى أنحاء البلاد، حتى إشعار آخر، ومنذ فرض حظر تجول كامل فى الرياض ومدن كبرى أخرى، الإثنين الماضى، سجلت السعودية أكثر من 300 حالة إصابة جديدة يوميا، وارتفع عدد المصابين بها إلى 4462، و59 حالة وفاة وهو أكبر عدد أعضاء مجلس التعاون التى تجاوز إجمالى الإصابات فيها 14000 إصابة والوفيات 96 وفاة. وحذرت الإمارات من أنها ستراجع علاقاتها المتعلقة بالعمالة مع الدول التى ترفض قبول عودة مواطنيها من الإمارات بما فى ذلك من فقدوا وظائفهم أو اضطروا إلى أخذ إجازات، وقالت إن أحد الخيارات التى تدرسها يقضى بفرض حصص مشددة على تأشيرات العمل الصادرة لرعايا تلك الدول. ومددت الحكومة الأردنية أمس الأول إغلاق المدارس والجامعات والهيئات الحكومية حتى نهاية الشهر الجارى بعدما فرضت حظر التجول الشامل فى 20 مارس الماضى بجانب فرض قيود على تنقلات الأشخاص وإغلاق المحلات، وسجلت الأردن 389 إصابة و7 حالات وفاة، كما أعلنت أستراليا ونيوزيلندا أنه من السابق لأوانه تخفيف الإجراءات والقيود المفوضة لمواجهة كورونا، وأعلنت السودان، مساء أمس الأول، حظر النقل على جميع المسافرين على الطرق بين المدن وتطبيق قوانين الطوارئ لضمان الالتزام بإجراءات الحماية من الوباء، وحذرت من أن ينتهكون القيود ويخالفون إجراءات العزل ويخفون المعلومات أو يعوقون العلاج الطبى، يمكن أن يواجهوا المحاكمة الجنائية بمقتضى الطوارئ.
وفى المقابل، تواجه العديد من البلدان مطالب وضغوطا شعبية وسياسية متزايدة لتخفيف القيود والإغلاق، التى تسببت بشلل اقتصادى وبداية ركود فى بعض الدول، وشرعت إسبانيا فى تخفيف الإجراءات الصارمة التى أبقت الناس فى المنازل أكثر من شهر وعطلت النشاط، وأعلنت أنها ستسمح للعاملين فى بعض الصناعات غير الضرورية بالعودة إلى المصانع ومواقع البناء، بعدما ارتفع عدد الوفيات بها إلى 17489 حالة، بتسجيل 517 حالة جديدة، وبلغ إجمالى الإصابات المؤكدة 169496 حالة، وهو أقل معدل منذ أيام، لكن لا يزال أغلب السكان يلتزمون منازلهم كما ستظل المتاجر والحانات والأماكن العامة مغلقة حتى 26 إبريل، وأوصت الأكاديمية الألمانية للعلوم «ليوبولدينا» بإعادة فتح المدارس تدريجيا فى أسرع وقت ممكن، بشروط محددة، وبدأ ساسة بارزون فى ألمانيا مناقشة احتمال تخفيف القيود المفروضة، وقال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطانى، بوريس جونسون، إن جونسون سيتبع النصائح الطبية بشأن موعد عودته لعمله رافضا التكهن بالوقت الذى قد يستغرقه تعافيه الكامل من كورونا، وأكد المتحدث أن التحاليل أثبتت خلو جونسون من فيروس كورونا قبل مغادرته المستشفى، وحذر مسؤولون فى كوريا الجنوبية من أن التقدم الذى تم تحقيقه بصعوبة فى مكافحة كورونا يمكن أن يتراجع بسبب الإصابات الجديدة فى الحانات وأماكن الترفيه، وسجلت كوريا الجنوبية 25 إصابة جديدة، أمس، وسط مخاوف من تزايد الإصابات بين مرضى سبق أن تعافوا من الوباء.