لا أعرف على وجه اليقين من هو صاحب القرار الأخرق بتخفيض الإضاءة فى شوارع القاهرة وفى محطات مترو الأنفاق وعلى الكبارى والطرق السريعة بذريعة توفير الطاقة! اختار «الفالح» الذى أصدر القرار الوقت الذى يكاد ينعدم فيه الأمن تماماً فى الشارع المصرى ليُصدر قراره.. الوقت الذى تنتشر فيه حالات السرقة بالإكراه والسطو المُسلح والخطف والتحرش والإجرام بكل أشكاله، ليقرر تهيئة الظروف المناسبة لكل خارج على القانون ليمارس نشاطه وإجرامه بسهولة ويُسر! إننى أدعو كل مواطن مصرى يتعرض هذه الأيام لأىٍ من هذه الحوادث أن يتقدم ببلاغ إلى النائب العام يتهم فيه هذه الحكومة التى فرضت الإظلام على شوارعنا، بالضلوع فى الجريمة التى تعرض لها، بتوفيرها الظروف المواتية لعمل اللصوص والمجرمين بل وتشجيعهم بتهيئة الأجواء لممارسة السلوك الإجرامى.
بالله عليكم يا من تبوأتم مقاعد المسؤولية وأنتم معدومو الكفاءة والخبرة، كم ستوفرون من مال عندما تخفضون الأضواء وتقطعونها أحياناً فى مبنى محطة مترو رئيسية مثل محطة العتبة التى تتميز بازدحام شديد، وهل يساوى هذا ما تتعرض له السيدات والفتيات من مضايقات سخيفة مُنحطة أثناء دخولهن وخروجهن من المحطة؟ كم ستوفرون من مال فى مقابل زيادة فرص حدوث حوادث السيارات إلى الضعف أو أكثر بسبب القيادة فى الطرق المزدحمة المظلمة وما ينتج عنها غالباً من خسائر بشرية ومادية لا تُقدر بثمن؟
أى غباء صوّر لهؤلاء المسؤولين أنهم يوفرون أموالا فى حين أن أى حسابات اقتصادية علمية بسيطة سوف تثبت أن تكلفة ما يمكن أن يحدث من خسائر نتيجة حوادث طرقات الظلام هذه هى أضعاف ما فكر فى توفيره قليلو العقل والحيلة من مسؤولى هذا النظام الخائب؟
ألا يعلمون أن طرقنا وشوارعنا وكبارينا كلها تقريباً لا ينطبق عليها من قريب أو بعيد المعنى الذى يعرفه العالم عن هذه المُسميات؟ أنقيد الإضاءة فى شوارع مليئة بالحفر والمطبات وكبارى مُتهالكة الوصلات وميادين ليس فيها إلا الفوضى والمُخالفات، فى ظل غياب شبه تام لجميع السُلطات؟ ألم يسمع هؤلاء المُغيبون المُفلسون الذين تولوا زمام أمورنا فى غفلة من الزمن، أن هناك طُرقاً حديثة لخفض الاستهلاك الكهربائى فى الوقت الذى يمكن أن تزداد فيه قوة الإنارة لتصبح طُرقنا أكثر أمناً وأماناً؟ ليعلم «الإخوان المُفلسون» الذين يتولون المسؤولية الآن على أرض مصر، ويُسيرونها بأسوأ مما كانت تسير عليه فى عقود الفساد والانهيار، أن المواطن المصرى من أكثر مواطنى العالم دفعاً للضرائب بالنسبة لدخله، وأن حقوقه فى العيش الآدمى وتوفير الطرق الآمنة له للحركة والانتقال والحفاظ على روحه وممتلكاته هى من الحقوق الأساسية التى يجب أن يحظى بها مقابل ما يدفعه من ضرائب .
تخوف الكثيرون من حكم الإخوان عندما بدأت إرهاصاته منذ ما يقرب من عام عقب الانتخابات البرلمانية التى دبرت لها تلك الجماعة وبحسب ما خططوا له بعد ركوب الثورة، وكان مصدر الخوف الأساسى أنهم أتوا من ظلام السجون، وأن الله ابتلاهم بظلام العقول، فلم يكَذّب هؤلاء «الإخوان المُفلسون» الظنون، ورويداً رويداً رأينا الظلام يزحف من عقولهم ليغشى أرض مصر الطيبة وشوارعها وميادينها!
إهداء: هذه كلمات أهديها للرئيس مرسى، قرأتها منذ زمن للشاعر أحمد مطر، واستدعتها إلى ذاكرتى أحداث الجمعة الماضية فى ميادين مصر.. تقول الكلمات:
صحوة الطاغوت خمرٌ
والهتافات حشيش
آه لو ألقى على التاريخ نظرة
آه لو حاول أن يدرك سره
لرأى أن الجماهير رياح
وعروش الظلم ريش
ولألفى كل فصل دموى
ينتهى دائماً بفقرة:
يسقط الحاكم
والشعب يعيش