x

«البوب وحمدان».. ورحلة بحث عن الرزق من «التحرير» و«الشعب» إلى بوابة «الرئاسة»

الثلاثاء 03-07-2012 17:14 | كتب: حسام الهندي |
تصوير : اخبار

مع اليوم الأول لتولي الدكتور محمد مرسي مهام منصبه كرئيس للجمهورية بشكل رسمي، الأحد الماضي، بدا المشهد أمام قصر الرئاسة مشابهًا لرصيف مجلس الشعب، قبل صدور حكم المحكمة الدستورية بحله، حيث توافد المئات من أصحاب المطالب، لعرض حاجاتهم على الرئيس الجديد الذي قالها صراحة في خطاب تنصيبه، «أبواب القصر مفتوحة».

وعلى هامش المشهد، وكما اعتدنا في ميدان التحرير وأمام رصيف مجلس الشعب، أينما وجد محتجون، يتواجد الباعة الجائلون بحثًا عن الرزق، لكن هذه المرة أمام قصر الرئيس، الذي كان من رابع المستحيلات أن يخطر ببال أشجع المحتجين، وليس الباعة الجائلين، المرور من أمامه في عهد الرئيس السابق.

شباب فقراء ذوو بشرة سمراء يدفعون عربات المشروبات المثلجة «عرقسوس وتمر هندي وسوبيا»، لا يبالون بالشمس الحارقة، أو يخافون بطش الأمن، طالما الساكن الجديد للقصر أعطاهم الأمان، وتحدث أكثر من مرة عن حقهم أن «ياكلوا عيش».

محمد حمدان وابن عمه حمادة «البوب» جاءا من أقصى الصعيد، وكانا أول من وصل من الباعة الجائلين أمام القصر الجمهوري بمصر الجديدة، حيث عبرا عن سعادتهما من ممارسة عملهما أمام قصر الرئاسة، قائلين «ربنا يخلي الريس مرسي.. النهارده وقفنا في مكان لم نحلم أن نعدي من أمامه، ولكن الرئيس مرسي سمح لنا أن نقف ونبيع أمام القصر».

ويعتقد «حمدان» أن الرئيس يعرف أنه «بيسترزق قدام القصر» ولا يمانع في ذلك، وبرر ذلك بقوله: «لو الرئيس مش موافق كان الحرس خرج وطردنا زي ما بتعمل معانا البلدية دايما، ولكن لأنه عارف حال الغلابة.. وافق».

أما «البوب» حمادة فيؤكد أن «الفقير بيحس بالفقير اللي زيه والرئيس الجديد حاسس بينا»، وأضاف «عرفنا أن الرئيس من بلد على قد حالها في الشرقية والشراقوة ولاد عم الصعايدة، وعمره ما يطردنا، ده إحنا غلابه وشغالين علي العربية بالأجرة».

وأشار «البوب» إلى أن «القصر ده مفيش كلب كان يقدر يقف قدامه زمان وإلا كان انضرب بالنار زي ما كان الناس بتقولنا أيام مبارك».

«البوب وحمدان» أولاد عم، وعادة أهل الصعيد أن جميع أهل القرية أولاد عم، فهما من مركز طهطا في محافظة سوهاج، نزحا من الصعيد إلى القاهرة بعد أن ضاق بهما الحال فحملا كل ما يملكان في الدنيا، خمسين جنيهًا، وانطلقا ليعملا مع أقارب لهما في بيع المشروبات الباردة في الشوارع.

«كل واحد من البلد ربنا كرمه بمنطقة، وأنا والبوب ربنا كرمنا بالعمل هنا في مصر الجديدة مكان نظيف والناس فيه سخية وكتير منهم بيدفع في العرقسوس بدل نص جنيه.. جنيه وفي التمر والسوبيا أكتر من جنيه وأهو كل برزقه»، كما يوضح «حمدان».

يحمل« حمدان» شهادة الثانوية الأزهرية، وله أخ حاصل على ليسانس حقوق ويعمل في نفس المجال بائع تمر هندي وعرقسوس، ويساعدان عائلتيهما وباقي إخوانهما الذين مازالوا يستكملون تعليمهم، أما «البوب» فلم تساعده الظروف لاستكمال تعليمه الثانوي وخرج من المدرسة لمساعدة أهله في «الجري علي الرزق».

ويتمنى «البوب وحمدان» أن يقابلا الرئيس محمد مرسي، ويعرضا عليه أن يحصلا على عمل ثابت يكون مصدرًا منتظمًا للدخل، وإن كان «حتى متعبًا ومرهقًا»، ولكنه سيكون أفضل من الشارع.

ولم يفت «البوب» أن يوجه نصيحة للرئيس طالبًا منه أن «يخلي باله من الشعب.. فلو راعى الرئيس الله في الشعب مش هبيقى فيه فقير أو محروم أو جائع»، أما حلم «حمدان» الشخصي فهو شراء «موبايل» يطمئن به علي أهله في الصعيد.

 «حمدان والبوب» وغيرهما من الباعة الجائلين شدوا الرحال إلى «مصر الجديدة»، بحثا عن الرزق، في رحلة طويلة من ميدان التحرير الذي كثيرا ما هجروه أثناء قمع المحتجين فيه، متوجهين إلى رصيف مجلس الشعب معقل الاحتجاجات الاجتماعية، ليتركوه هو الآخر بعد حل المجلس، إلى قصر الرئاسة، وهم لا يعلمون إذا ما كان وضعهم الجديد سيلحق بما حل بهم في التحرير ومجلس الشعب أم لا.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية