كنت أتمنى أن أتجنب السياسة، لكن الأحداث الدامية تلاحقنا.
أولا: بالنسبة لكارثة ارتطام حافلة الأطفال بالقطار، لا أجد أى فائدة من إقالة وزير النقل. هل المطلوب منه أن يقف حارسا فى المزلقانات؟ أم أن المنظومة بأكملها يجب أن تتغير؟. هل نسيتم كيف احترق قطار الصعيد ليلة العيد بالآلاف من ركابه؟. هذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، وسنقيل فى المرة المقبلة وزير النقل أيضا.
ثانيا: اشتباكات محمد محمود لماذا تجددت؟. وفى الوقت نفسه تشتبك الشرطة مع الجيش فى مكان آخر! فهل هناك ميكروب للجنون ينتقل مع الهواء من مكان إلى آخر؟. والله العظيم حرام. لو كنا إسرائيليين لم نكن لنصنع فى مصر ما يفعله أبناؤها. لماذا قامت القوى الثورية بالاشتباك مع الشرطة؟ ولو كنت وزير الداخلية، ووجدت مظاهرات تقترب من مقر الوزارة، هل كنت ستقف متفرجا؟ وهل تملك اختيارا غير منعهم؟.
ألا يعلمون أن ضياع هيبة الدولة هو ضياع للدولة ذاتها!. ثم لماذا ينتقمون من الشرطة؟. ولماذا نشتبك مع الشرطة أصلا؟ أليسوا هم إخواننا وأبناءنا؟. يعنى الذى جعله حظه الهباب يصبح ضابط شرطة، ما الذى يصنعه ليكفر عن هذا الذنب العظيم؟ هل يحرق نفسه بجاز أم يشنق نفسه؟.
عن نفسى أرى أن مهنة الشرطة هى أسوأ مهنة فى العالم، كان الله فى عونهم. عمل ليل نهار فى أسوأ الظروف الممكنة! رواتب هزيلة! ضغوط رؤساء! شعب يكرهها! ولا أحد يرحمهم ولا أحد يشعر بهم.
بعض العدل يا سادة. تذكر أنك كان يمكن أن تصبح ضابط شرطة. فماذا كنتَ ستفكر وقتها؟ تذكر أنه اختار الكلية فى فترة المراهقة! حين كان يفرح بسترة الضابط ذات الأزرار اللامعة!. وطبعا أسهل وسيلة لادعاء الثورية أن تشتم فى الشرطة. مع أنك لا تغمس خبزك بالتعب مثلهم، ولا تخاطر بحياتك مثلهم، ولا تجيد فى الغالب إلا الجهاد الإلكترونى.
الكل يحجم عن إنصاف الشرطة. لا لشىء سوى أنه سيفقدهم تعاطف قرائهم. وأنا أعلم جيدا أننى سأخسر قطاعا من القراء بسبب هذا المقال، لكن تأتى لحظات فى العمر يجب أن تختار وتتحمل نتيجة اختيارك.
الضابط المخطئ يتم عقابه، أما آلاف الشرفاء من قوات الشرطة فلهم كل الاحترام. ضع نفسك مكان ضابط يتقى الله ولا يدرى علام الكراهية. ضع نفسك مكان المجند. كان يزرع الأرض فى قريته. ويتسلى فى الأمسيات الباسمة بشىّ كوز ذرة أو مص عود قصب. اقتادوه إلى الجيش وساقوه إلى المعسكرات، وفجأة وجد نفسه يأكل من القوى الثورية علقة، دون أن يدرى ما الحكاية!.
أسوأ أنواع الفقر: أن تجد نفسك عاجزا عن الفرح. يا رب اشتقنا إلى الفرح. يا رب نعرف أن ما نحن فيه بذنوبنا. أستغفر الله العظيم وأتوب إليه. توبة عبد يعرف أن فوقه رباً قوياً قادراً.