منفرداً، صلى بابا الكنيسة الكاثوليكية البابا فرنسيس قداس «أحد الشعانين»، بالفاتيكان، على غير العادة، في ظل التدابير الاحترازية للحد من انتشار فيروس كورونا.
سار البابا وحيداً خلال القداس، وخدامه يبتعدون عنه أمتاراً، وهى صورة تحدث لأول مرة، وتعكس الحالة العامة التي تعيشها إيطاليا ومعظم دول العالم بعد تفشى الفيروس الذي راح ضحيته آلاف، وتغير البرنامج اليومى للبابا إذ أصبح يتواصل عن بعد مع المرضى الذين كان معتاداً على لقائهم مباشرة.
المونسنيور يوأنس لحظى، السكرتير الخاص بالبابا فرنسيس، تحدث لــ«المصرى اليوم»، عن كواليس الحياة في الفاتيكان بعد تفشى كورونا، وتعليمات البابا في تلك الفترة الحرجة، حيث دعا «لحظى» المصريين إلى الالتزام بالبقاء في المنازل حفاظا على أرواح الجميع، منبهاً إلى أن إيطاليا دفعت ثمن عدم الالتزام بهذه القواعد مع تفشى الإصابات وسقوط آلاف الضحايا. وإلى نص الحوار:
■ طمئنا على صحة بابا الفاتيكان في ظل انتشار شائعات حول إصابته بكورونا.
- البابا بخير والحمد لله، وهو حاليا بصحة جيدة بعد دور البرد الذي عانى منه منذ فترة ولا صحة لهذه الشائعات.
■ كيف يقضى البابا برنامجه اليومى في ظل هذه الظروف؟
- يتابع عن كثب تطور الأوضاع في إيطاليا وفى جميع دول العالم، ويمارس نشاطه اليومى المكثف بكثير من الحذر، وبالطبع أثرت التعليمات الطبية الخاصة بمرض كورونا على كل شىء، وتم إلغاء جميع الاحتفالات واللقاءات العامة، وأصبح الأمر يقتصر على بعض اللقاءات الشخصية المهمة، ويتم تسيير الشؤون الأخرى عبر وسائل التواصل الاجتماعى والكتابة والتليفون.
■ ما توجيهات البابا للكهنة خلال هذه الفترة، وكيف ستسير الأمور في احتفالات عيد القيامة؟
- البابا يوصى الكهنة والأساقفة بالالتزام بالتوجيهات والتعليمات الطبية التي تمنع التجمعات لمنع أي تفش لهذا الوباء لأن التساهل قد يؤدى إلى المشاركة في انتشار المرض بين أفراد الشعب، فضلاً عن تكثيف الصوم والصلاة حتى يرفع الله هذا الوباء عن البشرية، وكذلك ممارسة الأسرار المقدسة باسم الشعب المجبر على الغياب عن هذه الأسرار في هذه الأوقات المقدسة، إضافة إلى إشعار الأشخاص المحتاجين والمرضى والفقراء بقرب الكنيسة منهم.
■ هناك الكثير من الموتى الذين يُدفنون بدون إقامة الطقوس، فما رأى الكنيسة الكاثوليكية في هذا الأمر؟
- تتم الصلاة عليهم من قبل الكهنة المقيمين بالمستشفيات، والذين يقومون بممارسة طقس الجنازات بشجاعة وتضحية وباسم الأقارب الذين لا يستطيعون المشاركة في هذه الصلوات. وكثير من الآباء الأساقفة يذهبون إلى المقابر للصلاة على أرواح المتوفين.
■ كيف تسير حياة رجال الدين في إيطاليا، خاصة بعد وفاة العشرات منهم؟
- قدم ويقدم رجال الدين في إيطاليا وفى العديد من الدول الكثير من التضحيات، سواء بإسعاف المرضى أو تقديم الصلاة والأسرار المقدسة لهم، ورغم الثمن الباهظ الذي تقدمه الكنيسة يوميا فإن الآباء الكهنة والأساقفة والمكرسين لا يستطيعون التخلى عن أبنائهم، وهم يحاولون التعبير عن قربهم من المؤمنين عبر وسائل التواصل الاجتماعى والصلاة على الموتى، وقد انتقل المرض في كوريا لأن شخصا مريضا دخل إلى اجتماع صلاة فخرج عدد كبير بالعدوى، ونقلوها بدورهم إلى أقاربهم وأسرهم، وهكذا تفشى الوباء، والحقيقة أن ألم الرعاة للصلاة بدون شعب هو أرحم بكثير من التسبب في مرض أو موت أحد أبناء الشعب.
■ هناك العديد من الأشخاص الذين يرون أن هذا الفيروس هو غضب من الله، فكيف يرى البابا انتشار هذا الوباء من المنظور الروحى؟
- البابا يرى أن الله لا يجرب بالشرور، ولكن الله هو وحده القادر على تحويل حتى الشر إلى خير، ونحن نعيش في وضع إنسانى تسوده الأنانية والتفكير في الربح بأى ثمن واحتقار الحياة وتشريع القتل والإجهاض والشذوذ، ولكن الله لا يحاسبنا أبدا بحسب استحقاقاتنا، ولكن بحسب فيض وعظمة رحمته. وهو قادر على أن يخرج من هذا الشر خيرا كبيرا وتوبة حقيقية.
■ كيف يسير العمل داخل الفاتيكان خلال هذه الفترة، وما الاحتياطات التي تم اتخاذها لتفادى انتشار الوباء؟
- تم تطبيق جميع التعليمات الخاصة بحظر التجوال المطبقة في الدولة الإيطالية ومنع جميع التجمعات والاحتفالات واللقاءات، وتم كذلك تطبيق الحجر الصحى على الأشخاص الذين ظهرت عليهم بعض الأعراض أو الذين تقابلوا مع أشخاص مصابين، وطُلب من الأشخاص المقيمين داخل الفاتيكان تسيير جميع أعمال المجامع والمكاتب بدلا من زملائهم الذين لا يستطيعون المجىء، وتم أيضا تطبيق أسلوب العمل عن بعد.
■ ما الرسالة التي وجهها البابا خلال اللقاء مع عدد من المرضى المصابين بكورونا؟
- لم يلتقِ البابا أي مصابين بكورونا، والصور التي تم نشرها مؤخراً قديمة للقاء البابا مع بعض المصابين بأمراض أخرى، وفى الوضع الحالى لا يمكن مقابلة الأشخاص المصابين لأن القانون يمنع هذا حتى بالنسبة لأقاربهم، والبابا يصلى ويتصل ويشجع ولكن من داخل الفاتيكان.
■ أرسلت رسالة إلى الكهنة قبل أيام من قرار منع القداسات في مصر طالبتهم فيها بضرورة منع التجمعات في الكنائس، في رأيك ما الذي يجب اتباعه في مصر حتى لا تتفاقم الأمور؟
- للأسف الأسلوب الوحيد لمجابهة هذا الوباء هو التزام البيوت والامتناع تماماً عن مقابلة الأشخاص، ولا يوجد حتى الآن أي دواء أو طريقة أخرى، وشعرت بضرورة توجيه هذه الرسالة الصوتية لأننا نعيش في إيطاليا وضعاً مأساوياً لأن بعض الأشخاص تساهلوا في البداية ولم يأخذوا الأمر على محمل الجد، ما تسبب في موت أعداد هائلة، ومصر تقوم بخطوات محمودة ومهمة لمنع انتشار الوباء ولكن يبقى الأهم هو الإحساس الشخصى لكل إنسان بضرورة الالتزام بها.