ترددت قليلاً قبل كتابة هذا المقال خوفاً من أن يقال إن فيه مداهنة لرجل أعمال كبير، ولكن قررت أن أكتب ما أراه حقاً وصدقاً عن إنجاز أكاديمى مهم.
منذ فترة طويلة حجزت مع العائلة إجازة العيد فى قرية الجونة السياحية بالقرب من مدينة الغردقة وهى أول زيارة لهذه القرية، وكما علمت هو مشروع عمره حوالى 25 عاماً وتقوم به الشركة التى يملكها المهندس سميح ساويرس، وبالصدفة البحتة علمت أن هناك افتتاحاً لجامعة ألمانية مهمة بالجونة وأن الدعوة مفتوحة، فقررت أن أضيع أكثر من نصف يوم من الإجازة لاستكشاف هذه الجامعة الجديدة حيث إننى مهتم بالجامعات المصرية، وكتبت عن تدهورها كتاباً منذ أكثر من خمس عشرة سنة. وأنا لى موقف واضح ومستمر من الجامعات الخاصة التى تنشأ بغرض الربح، لأننى أعتقد أن هذه الجامعات بها تناقض كبير بين مصلحة المالك الذى يبغى أكبر ربح وبين الطالب المفروض أن يتلقى أحسن تعليم ممكن.
ولذا فقد كتبت كثيراً عن الجامعات فى أوروبا وهى فى معظمها حكومية، وهى مجانية فى فرنسا وألمانيا والدول الإسكندنافية، وبمصروفات معقولة فى الدول الأخرى باستثناء إنجلترا، وهناك أيضاً الجامعات الأهلية وهى جامعات تنشأ بجهود ذاتية من المواطنين ورجال الأعمال وربما تساندها الدولة عن طريق منح أرض مجانية ويقوم الطالب بدفع مصروفات، ومن المفروض أن تغطى الجامعة مصاريفها وأى ربح يستثمر فى تطوير الجامعة كما هو الحال فى معظم جامعات الولايات المتحدة ومنها الجامعة الأمريكية بالقاهرة. وكل هذه الجامعات التى ذكرتها ليست بغرض الربح وأى فائض مالى يعاد صرفه على تحسين أحوال الجامعة.
وذهبت إلى حفل افتتاح الجامعة الألمانية فى الجونة فى الصباح وكان هناك د. العربى أمين عام الجامعة العربية ووزيرا البحث العلمى والخارجية ومحافظ البحر الأحمر ومستشار وزير التعليم والسفير الألمانى وعدد من كبار المسؤولين والأكاديميين الألمان وعرفت معلومات عامة عن هذه الجامعة، ملخصها ما يلى:
أولاً: هى جامعة للدراسات العليا فقط والبرنامج العلمى يحوى ثلاثة تخصصات هى التخطيط العمرانى وهندسة المياه وهندسة الطاقة وهى جامعة أنشئت أساساً للبحث العلمى فكل الطلاب سوف يدرسون الماجستير وربما الدكتوراه وكلهم حصلوا على الدرجة العلمية الأولى من إحدى الجامعات.
ثانياً: عدد الطلبة المقبولين هذا العام هو 30 طالباً منهم حوالى 7 طلاب من جنوب أفريقيا والهند والصين وبنجلاديش وهناك فرصة لزيادة العدد حتى 90 طالباً.
ثالثاً: مبانى الجامعة بالكامل شاملة معامل الأبحاث على مستوى المعامل فى برلين وكذلك أماكن إقامة الطلاب قام بدفع تكلفتها المهندس سميح ساويرس على مساحة 32000 متر مربع.
رابعاً: هذه الجامعة هى جزء لا يتجزأ من جامعة TU ببرلين وهى مسؤولة بالكامل عن إدارتها وجميع أعضاء هيئة التدريس من الألمان وهم جزء من هيئة تدريس الجامعة فى برلين ومن ضمنهم الدكتورة المصرية هبة عجيب من أهل النوبة وكانت قد أخذت منحة للدراسة من هذه الجامعة بعد الثانوية العامة وتخرجت بتفوق واستمرت تعمل كعضو هيئة تدريس بالجامعة فى برلين بعد حصولها على الدكتوراه.
خامساً: مصروفات الطالب 20000 يورو فى السنة ومعظم الطلبة المصريين من المتفوقين من الطبقة المتوسطة تلقوا منحاً دراسية بالمجان من سميح ساويرس أو بعض المتبرعين.
سادساً: جميع الأبحاث والشهادات ستكون مطابقة لمواصفات جامعة TU برلين، وبالطبع شهادتا الماجستير والدكتوراه ستكونان من هذه الجامعة.
إن هذا العمل المتميز سوف يتيح لمجموعة من الشباب المصريين الحصول على تخصص وشهادة محترمة تفيده وتفيد الوطن.
أعتقد أن الاستثمار فى التعليم هو الذى يحقق أكبر عائد للوطن وإذا كانت الدولة لأسباب كثيرة متعسرة مالياً فعليها أن تعطى الأولوية للاستثمار فى التعليم، وعلى القطاع الخاص المستنير أن يساعد الدولة فى إنشاء الجامعات المؤسسة لغير الربح وهو عامل أساسى فى ضمان الجودة.
تحية لكل القائمين على هذا العمل العظيم..
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.