عاشت «المصرى اليوم» يوماً كاملاً مع أشقاء الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، منذ الصباح الباكر حتى وقت متأخر من الليل، وكان من حسن الحظ أن اليوم الذى عاشته الجريدة هو اليوم التاريخى الذى انتظرته مصر منذ 60 عاماً، وهو يوم تسلم رئيس الجمهورية المنتخب السلطة ليصبح أول رئيس مدنى يحكم الجمهورية.
تعددت المشاهد، لكن الحدث واحد: هو خروج مصر من الحكم العسكرى، الذى سيضعها على طريق الديمقراطية، وسيحكمها بميزان العدل والمساواة.
وكان من المشاهد الأولى التى رصدتها «المصرى اليوم» بساطة قرية «العدوة»، مسقط رأس «مرسى»، فعند دخولك القرية تجد الأهالى البسطاء الذين يستيقظون مبكرا للسعى وراء لقمة عيشهم، ويقاتلون من أجل تحقيق حياة كريمة لهم تساعدهم على المعيشة الصعبة.
«المصرى اليوم» التقت شقيق الرئيس الأصغر «السيد»، الذى يتمتع بشبه كبير جداً فى الشكل مع «مرسى»، فهو يعمل موظفاً بإدارة مدرسة العدوة الثانوية، ويجلس على مقعد فى بئر السلم، فهو اختار أن يأخذ مكتبه بعيداً عن زملائه الموظفين، حتى يكسر نفسه، وينسى أنه شقيق رئيس الجمهورية ويبعد الغرور عنه، على حد قوله.
وبعد انتهاء يوم العمل الدراسى الذى يستغرق 5 ساعات يستريح «السيد» لمدة ساعة على فراش رئيس الجمهورية، فى بيت العائلة، وبعد ذلك يتجه إلى منزله الذى يقع على بعد مسافة قريبة جدا من بيت العائلة، ويخلع ثوب الموظف ويرتدى جلباب الفلاح ويبدأ ممارسة مهامه اليومية، التى تنحصر فى وضع أعلاف للجاموس والمعز التى يمتلكها بشراكة بينه وبين رئيس الجمهورية وشقيقه «سعيد»، وبين الذهاب إلى أرضه الزراعية، التى يمتكلها مع أشقائه أيضاً.
وبعد ذلك يقوم برش المحاصيل بالدواء الواقى من الحشرات التى تقتله تارة، ويمضى عدة ساعات فى افتراش الأرض مع العاملين باليومية لجمع المحاصيل تارة أخرى.
«السيد» هو الوحيد بين أفراد الأسرة الذى غاب عن مشاهدة اللحظة التاريخية لحلف اليمين الدستورية لشقيقه، وغاب عن مشاهدة خطابه فى جامعة القاهرة، والاحتفال العسكرى بالتنصيب الرسمى للرئيس. وقال «السيد» لـ«المصرى اليوم»: «إن السبب الذى أبعدنى عن مشاهدة خطاب شقيقى وحفل تكريمه العسكرى هو لقمة العيش، لأننى لو كنت شاهدت وتابعت الخطاب والأجواء الاحتفالية كان سيتعطل عملى، وكانت ستضيع أجرة اليومية للعاملين بالأرض، لأنهم لايستطيعون أن يفعلوا أى شىء فى الأرض إلا فى وجودى».
وأضاف «السيد»: «اللحظات التاريخية التى مرت على الدكتور مرسى لا تعد فرحة منفردة لنا كأشقائه أو أفراد عائلته، فجميع أطياف الشعب شاركوا فى هذه اللحظة التاريخية وحلوا مكاننا وشاركوا الرئيس المنتخب فرحته، وعلى الجميع أن يعلم أن (مرسى) كان فى وقت سابق ملكنا وحدنا، لكن فى هذه اللحظات والمواقف وتحديداً منذ وقت إعلان لجنة الانتخابات الرئاسية فوزه بمنصب الرئاسة أصبح ملكية خاصة للشعب».
وتوقف «السيد» عن الحديث لمدة 15 دقيقة قام خلالها بدفع اليومية للعمال، والاتفاق معهم على موعد العمل فى اليوم التالى، ووضع الأعلاف للمواشى، ورش الجرعة الثانية من الدواء على بعض زراعات الأرض.
وتابع شقيق الرئيس: «الدكتور محمد مرسى أجير عند الشعب المصرى، يعمل من أجلهم ولن يأتى يوم من الأيام نجده صاحب مصلحة شخصية أو يعمل لفئة دون الأخرى، وأنا متأكد أنه سيكون أباً وأخاً وصديقاً لكل المصريين».
وقال: «فى حالة خروج رئيس الجمهورية المنتخب عن الإطار الشرعى للحياة السياسية سأقوم بالتظاهر ضده فى ميدان التحرير، وسأكون أول المواطنين الذين يطالبون بإسقاط نظامه الرئاسى، ولن أترك الميدان حتى أحقق مطالبى، ووقتها ستكون هى مطالب جموع الشعب».
واستدرك: «لكن هذا لا يمنع أنه فى حالة تظاهرى ضد شقيقى الذى لا أتوقع أن يحدث لأنه عادل جدا، سأقوم فور سقوط حكمه وإبعاده عن كرسى الرئاسة، بمقابلته فى بيت العائلة وسأقبل رأسه كعادتى، وأقول له استرح، أنا فعلت كما قال النبى صلى الله عليه وسلم (انصر أخاك ظالما أو مظلوما)، وأنا نصرتك وأبعدتك عن طريق الظلم الذى كنت اقتربت وأوشكت أن تقع فيه».
وللمرة الثانية، توقف شقيق الرئيس عن الكلام، وقال: «بعد إذنك نبطل كلام شوية.. عايز أشتغل فى الأرض، هرش الجرعة التالتة من الدواء وهلم شوية فاصوليا وأرجعلك».
غاب «السيد» ما يقرب من ساعة وجاء بعدها غاضبا بسبب عدم تأديته صلاة العصر «حاضر» فى المسجد، وظل فترة ليست بالقصيرة يستغفر الله على تركه صلاة العصر فى المسجد بسبب انشغاله فى العمل.
وجاء أحد العمال بالأرض ليصب له الماء ليتوضأ، وفرش بعدها سجادة صلاة وأدى صلاة العصر، ووجه دعاء قصيراً لله قائلاً: «يارب وفق أخويا فى مهمته الصعبة دى، وانصره على اللى بيكرهوه..وأبعده عن الشر.. وحبب فيه خلقك.. ولا تجعله ظالما أبدا.. بل اجعله ناصراً للمظلوم.. ومساعداً للفقراء والمحتاجين».
وعاد «السيد» مرة أخرى لاستكمال حديثه لـ«المصرى اليوم»، وقال: «جميع الشائعات التى تدور حالياً ومن قبل على المسرح السياسى فى مصر بوجود مشاحنات وصفقات بين جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة وأطراف أخرى غير صحيحة، لأن الجماعة معروف عنها نزاهتها، وبالمثل نزاهة وشرف المؤسسة العسكرية التى حمت الثورة ولا يعقل أن تبرم صفقات على (قفا المصريين) هى أو الجماعة، وما يتردد كلام غير صحيح، المراد منه إحداث فتنة بين الشعب والجيش، وجماعة الإخوان وإيقاعهم فى بعضهم البعض لتدمير البلاد والعباد، ولابد أن نتوخى الحذر ونقف للمحرضين بالمرصاد ونبعدهم عن حياتنا حتى ننجو بمصر إلى بر الأمان ونبعدها عن الأمواج والفيضانات السياسية».
توقف «السيد» ثوانى عن الحديث وعاد يقول: «تذكرت الأيام الحلوة التى قضيتها فى الجيش، وقتها كتبت خطاباً بيدى أرسلته إلى المشير أبوغزالة قلت له: يا سيادة المشير أنا مش عايز أسيب الجيش بعد انتهاء خدمتى العسكرية عشان أنا بحب البدلة الميرى، لكن الحظ وقتها لم يسعفنى بأن يصل خطابى للمشير».
وتابع: «أحب المشير محمد حسين طنطاوى حبا شديدا واعتبره أخا أكبر ورجلاً بمعنى الكلمة، لكن هذا لا يمنع أننى فى أوقات كثيرة اختلفت معه سياسيا».
وتابع: «أول حديث دار بينى وبين الدكتور مرسى بعد وصوله للرئاسة سألنى فيه عن عيالى وعيال إخواتى، وأهل البلد، وبعد كده سألنى عن أخبار الأرض إيه، لأنه يعلم جيداً أهمية الزراعة فى مصر.. وأنا كمواطن مصرى وليس بصفتى أخاه أطالبه بأن يضع إعادة الثروة الزراعية للبلاد فى الصفحة الأولى لأجندته الرئاسية».
وعن بعض المطالب العربية للرئيس المنتخب بإصدار قرار جمهورى بالعفو عن الرئيس السابق حسنى مبارك قال «السيد» إن «الدكتور مرسى لا يستطيع أن يصدر قراراً بهذا الشأن، لأنه لن يتهاون فى حق شهداء ثورة 25يناير، لكن فى نفس الوقت على الشعب المصرى أن يعلم أن رئيس الجمهورية كإنسان صعبان عليه ما وصل إليه (مبارك)، مستشهدا بآيات من القرآن تؤكد قدرة الله على تبديل الأمور.
واختتم «السيد» حديثه مع «المصرى اليوم» قائلاً: «بالرغم من ظلم وقهر النظام السابق لشعبه إلا أننى لم أذهب مرةواحدة إلى أمن الدولة فى حياتى، وعمرى ما تخيلت نفسى فى هذا المشهد، ويوم جمعة الغضب الأولى، فى 28 يناير 2011، انزعجت جدا من الأحداث خاصة موت أكثر من شاب، وعلمت أن الله سبحانه وتعالى سينصرنا، ودخلت نمت على فراش الدكتور محمد مرسى، وحلمت فى منامى بأن الثورة نجحت بفضل الله وأن شقيقى أصبح رئيسا للجمهورية».
عزة مرسى، الشقيقة الصغرى لرئيس الجمهورية، حياتها مختلفة نسبياً، فمنزلها بعيد نوعاً ما عن بيت العائلة وأشقائه، وتجدها دائماً فى منزلها لا تحب الخروج كثيرا إلى فى الأمور المتعلقة بمصالح جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة.
«عزة» حاصلة على الثانوية العامة، ربة منزل، 42 عاما، ولها 4 أولاد، تستيقظ مبكراً لخبز العيش فى الفرن البلدى المتواجد بمنزلها وبعد ذلك تقوم بغسل ملابس أولادها وتنظيف المنزل، ثم شراء متطلباتها، وتجلس بعد ذلك لفترة قصيرة، حتى يأتى موعد الغداء تقوم لتحضيره حتى يأتى زوجها ويتناولون الطعام.
وتستأنف «عزة» بعد وجبة الغداء عملها فى المنزل بين غسيل الصحون وترتيب البيت من الداخل مرة أخرى، حتى يأتى موعد نومها لتستريح من أعمال المنزل الشاقة، وتستيقظ قبل ساعة من موعد الفجر لتصلى صلاة التهجد حتى يؤذن الفجر، وبعدها يبدأ يومها مرة أخرى. قالت «عزة» لـ«المصرى اليوم» إن حياتها لم تتغير بعد فوز شقيقها برئاسة الجمهورية، و«كل ما تغير فى الأمر أننا أصبحنا لا نرى الدكتور مرسى كثيراً وبعد عننا بسبب مسؤولياته الكبرى المعلقة، على عاتقه حاليا، بعد أن أصبح رئيساً لكل المصريين».
وأثناء حديثها للجريدة خرجت «عزة» عن التصريحات المألوفة التى لم نشهدها من قبل قائلة: «لو كان مرسى مش مرشح حزب الحرية والعدالة، عمرى ما كنت هديله صوتى، حتى لو كان إيه حصل، لأننى أؤيد مرشح الجماعة ولا أؤيد شقيقى».
وطالبت «عزة» شقيقها بأن يسير دون موكب، لأن الشعب يحبه وهو الذى يحيمه بعد الله من أى سوء، وعليه أن يتخذ حذره من أن يشعر الشارع المصرى بأن رئيسه يحتمى بأحد غيره.
وأضافت عزة مرسى، أنها قامت بتسمية ابنها الأصغر «أحمد ياسين» على اسم الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس خاصة وأنه ولد يوم اغتياله فى 22 مارس 2004.
يأتى أخيراً الشقيق الأكبر لرئيس الجمهورية «سعيد» الذى يعمل مشرفاً فنياً بمديرية الإسكان بالشرقية صباحاً وفلاحاً بعد الظهر مثله مثل شقيقه «السيد»، ولكن الاختلاف الذى يعيشه «سعيد» عن أشقاء الرئيس حاليا كونه الأكبر ويعانى تكدس المواطنين أمام منزله يومياً منذ فوز شقيقه بمنصب الرئيس.
قال سعيد لـ«المصرى اليوم»: «منذ أن فاز الدكتور محمد مرسى برئاسة الجمهورية ولا أستطيع النوم من كثرة التليفونات والتهانى، والأدهى بسبب شكاوى الأهالى التى تطالبنى بأن أرسلها إلى الرئيس وأسلمها له بيده، لدرجة أننى شعرت بأن منزلى تحول إلى مكتب شكاوى يستقبل طلبات المواطنين».
وأثناء تواجدنا بجوار «سعيد» فى الأرض الزراعية طلب منه أحد العاملين أن يرشح نفسه لمنصب الرئاسة فى الدورة المقبلة، فرد عليه قائلاً: «أنا عمرى ما هترشح للرئاسة عشان أنا مش فاضى، أنا أخرى أترشح فى المحليات، لأن هذا المكان هو الذى أستطيع أن أخدم فيه طبقا لظروف الوقت». وأضاف «سعيد»: «أنا متفائل جدا بتولى شقيقى رئاسة الجمهورية، وأتوقع أن يكون حاكما عادلا مثل عمر بن الخطاب، نظرا لأن شقيقى يعلم دينه جيدا ويخشى معصية الله ويدرك جيدا أنه يراه فى كل أوقاته».