عندى ملاحظتان مهمتان للغاية.. الأولى أن النائب العام، أصدر قراراً خطيراً فى طريقه لمقابلة رئيس الجمهورية، لإنهاء أزمة قرار العزل.. وهو ما أكد لى أنه باق، قبل قرار الرئيس بالاستبقاء.. هذا القرار هو إحالة هتلر طنطاوى، للكسب غير المشروع.. الملاحظة الثانية أن عاصم الجوهرى، قال فى اللحظة الأخيرة أيضاً «الرقابة الإدارية رمز للفساد».. لا أظن أنها كانت مصادفة!
ربما لم يلتفت أحد لهاتين الملاحظتين، فى غمرة الانشغال بمغادرة الجوهرى، أو عزل النائب العام.. وربما مررنا عليهما مرور الكرام، رغم ما فى الأمرين معاً، من دلالات كثيرة.. لا أدرى إن كانت تصريحات الجوهرى، بمثابة بلاغ للنائب العام؟.. أم أن النائب العام بصدد فتح ملفات الرقابة الإدارية؟.. المؤكد أنه لا الجوهرى قال ما قاله فى لحظة غضب، ولا النائب العام فعل فى لحظة انتقام!
فى فترة سابقة على الثورة، تحولت الرقابة الإدارية، إلى دولة داخل الدولة.. تحكم وتتحكم فى كل شىء.. لها قانونها الخاص، ولها زنازينها السرية أيضاً.. تنام فى أدراجها ملفات كثيرة.. هذه الملفات لوزراء وكبراء.. منهم بالطبع هتلر طنطاوى، وسيد مشعل، وإبراهيم نافع وسمير رجب.. غير معقول أن تكون هذه الملفات قد ظهرت فجأة.. غير معقول أن يكون إبراهيم سليمان، ظهر بعد الثورة!
الحيتان كانت موجودة.. الفساد كان موجوداً.. يظهرونه بثمن، ويخفونه بثمن.. هم أيضاً إن كانوا حاربوا الفساد، فقد تورطوا فيه.. بعض ضباط فى «الرقابة» ساوموا المسؤولين.. حصلوا على الأراضى، فى مواقع كثيرة، منها التجمع الخامس، والطريق الصحراوى، والحزام الأخضر، و6 أكتوبر، والصالحية ووادى النطرون، والبستان أمام الريف الأوروبى.. للأسف ما قاله الجوهرى، كان فى اللحظة الأخيرة!
حين أحال النائب العام هتلر طنطاوى، كان فى طريقه إلى الرئاسة، لإنهاء فضيحة العزل.. انشغلنا فى مصير النائب العام، ونسينا إحالة هتلر طنطاوى.. فهمت من القرار أن النائب العام، يريد أن يقول إنه موجود، وإنه باق فى منصبه.. يحارب الحيتان ويضرب رموز الفساد.. أظن أنه حان الوقت، لضرب دولة الفساد، فى هيئة الرقابة الإدارية.. حان الوقت أيضاً لهدم الزنازين السرية «الانتقامية»!
بما أننا فى عهد جديد، يعنى أننا فى دولة قانون.. وبالتالى فإن السجون تحت إشراف النيابة.. تطبق عليها قواعد حقوق الإنسان.. السجون طبقاً للقانون لها مكان محدد.. فما هو موقف زنازين الرقابة الإدارية؟.. قيل إنها غرف احتجاز لساعات، لحين عرض المتهمين، على النيابة المسائية.. هذا الكلام غير دقيق.. خاصة أن هناك أسماء عديدة قضت فى هذه الزنازين عدة شهور، وليس ساعات!
لا أتصور أن ما قاله المستشار عاصم الجوهرى، مجرد كلام جرايد.. ولا أتصور أنه قاله فى لحظة غضب.. هناك قصص كثيرة تروى عن فساد ضباط، كانوا تحت خط الصفر، هم الآن يعيشون فى قصور التجمع الخامس.. هناك قصص أخرى تروى، عن زنازين هتلر والتهامى.. من سخريات القدر، أنهما الآن يحاكمان فى تضخم ثروتيهما.. وكأنه دين يدفعه كبراء هيئة الرقابة الإدارية!
هل ينكر ضباط الرقابة الإدارية، أن المشير طنطاوى والفريق عنان، كثيراً ما تدخلا لإنقاذ بعض العسكريين، من سجون هتلر والتهامى؟.. هل ينكرون أن هذه الزنازين، أنشأها حبيب العادلى؟.. هل آن الأوان أن تهدمها الثورة؟.. هل يتدخل النائب العام، لإلغائها؟.. ما معنى أن تكون هناك، سجون سرية للرقابة الإدارية؟!