x

الدكتور مصطفى النجار فن الاغتيال المعنوي الدكتور مصطفى النجار الأحد 16-09-2012 21:22


فى عالم السياسة توجد مواجهات مباشرة بين الخصوم السياسيين والقوى المختلفة، ولكن وراء الكواليس تدور معارك أخرى طاحنة لتكسير العظام منها ما هو مشروع ومنها ما هو غير أخلاقى، وتشتد فى مصر الآن حملات الاغتيال المعنوى الموجه ضد خصوم سياسيين عجزت بعض القوى السياسية عن مواجهتهم الشريفة، وعن إيقاف تقدم شعبيتهم التى لا ترضيهم، ويرون أنها خطر عليهم.

الاغتيال المعنوى يتعمد الإضرار بشخصية المستهدَف وصورته السياسية والأخلاقية، ليتم استنزافه وإضعاف تأثيره فى الجمهور من خلال التشكيك فى مصداقيته أمام مجتمعه ومؤيديه ليصبح محل اتهام فى عيون من حوله لتناله سهامهم.

صور الاغتيال المعنوى متعددة، منها قذف الناس بالباطل والافتراء عليهم والتدليس فى أقوالهم، وبث أخبار كاذبة عنهم، وتحريف ما يقولون، ومنها تكفير المخالف وشحن الناس ضده عبر التهييج الذى يرتدى ثوبا دينيا أو وطنيا مزيفا، ليطعن فى هذا الشخص، ويقلل من قدره عند الناس.

مطابخ الاغتيالات المعنوية كانت حصرية للنظام السابق وأجهزته القمعية، ولكنها توسعت اليوم وصارت موجودة داخل كثير من الأحزاب والحركات وبعض وسائل الإعلام التى تعتبر رأس الحربة فى إتمام عملية القتل أيا كان نوع الإعلام تقليديا أو حتى وسائل الإعلام الجديد ومواقع التواصل الاجتماعى.

من أخطر أنواع الاغتيال المعنوى الآن فى مصر الاغتيال باسم الدين وتهييج مشاعر العامة عبر القوالب الجاهزة لتنفيذ القتل، مثل الاتهام بالعمالة والخيانة والفسق وكراهية الشريعة، وكل هذه المحفوظات التى تشبه مطرقة من الجهل والتخلف والابتزاز والخسة، يهوُون بها على رؤوس الشرفاء.

أخبرنى شاب جامعى حديث التخرج أنه وجد إعلاناً على الإنترنت عن وظيفة براتب مجز فى مجال السوشيال ميديا، وعندما ذهب لمكان العمل أعطوه قائمة بعدة أسماء وقالوا له ستبحث عن أى خبر عن هؤلاء أو مقالات لهم، وتقوم بالتعليق عليها بشكل سلبى تحقر فيه من أفكارهم وأشخاصهم وتهاجمهم بشدة، وعندما سألهم عن هويتهم ومن يتبعون؟ تهربوا من الإجابة وقالوا له لا تتدخل فيما لا يعنيك ستنفذ المطلوب مقابل الراتب الذى سندفعه لك.

كنا نسخر قبل الثورة من اللجنة الإلكترونية للحزب الوطنى وأمن الدولة، ولكن ما نراه اليوم تجاوز ذلك، هناك صفحات إخبارية الكترونية وشبكات جديدة يتم تمويلها من مصادر مجهولة وتقوم بممارسة كل فنون الدعاية السوداء بدءاً من إنشاء حسابات مزيفة للمشاهير والرموز على فيس بوك وتويتر، ونسب تصريحات كاذبة لهم عبر هذه الحسابات.

إن شدة الصراعات السياسية والاختلافات الفكرية لا تبرر أن نضحى بكل ما هو أخلاقى من أجل إضعاف خصومنا. الاغتيال المعنوى لا يختلف عن التصفية الجسدية فى شىء بل قد يكون أكثر ألما.

لذا نقول لكل من تورط فى ذلك سواء أشخاص أو أحزاب أو جماعات: إن الاغتيال المعنوى سهل رده وممارسته بشكل عكسى على من يفعلونه، ولكن فى النهاية سنعيش فى مجتمع ممزق فاقد الثقة فى كل شىء وسيدفع الكل الثمن، فأفيقوا لما تفعلون لأنكم لا تكسرون أشخاصا بل تهدمون وطنا وتقتلون كل القيم.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية