x

ناجح إبراهيم الرئيس عبدالناصر فى فكر داعية ناجح إبراهيم الأربعاء 01-08-2012 21:31


الحكم على «جمال عبدالناصر» أو غيره من الشخصيات العامة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالثقافة غير الموضوعية السائدة فى مجتمعاتنا العربية والإسلامية.. والتى تجعل العاطفة هى الحكم فى التقييم. إن الإنصاف والموضوعية يقتضيان أن ننحى العواطف جانباً عند الحكم على الأشخاص.. وأن نزن الناس بميزان الحسنات والسيئات.. وألا تحملنا العداوات الشخصية، أو الوقوع تحت وطأة الظلم على الحيف فى أحكامنا.. مصداقا لقول الله تعالى: «وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى». لقد تعرضت الحركة الإسلامية فى مصر- ممثلة فى جماعة الإخوان المسلمين- إلى ظلم فادح على يد ناصر وأركان حكمه.. وذاقت على يده شتى صنوف التعذيب. ولكن ذلك لا يصح أبدا أن يكون مبررا لغمط حسنات عبدالناصر أو إغفال الإنجازات التى أنجزها لوطنه.. أو تصويره وكأنه حاكم بلا حسنات.. أو كأنه شيطان رجيم.. كما لا يصح أن يرفعه الآخرون إلى مرتبة الحكام المعصومين.. فهو بشر يخطئ ويصيب، وله إيجابيات وسلبيات. إن النظر إلى الأشخاص والأحداث بموضوعية وتجرد يدل على النضج واكتمال العقل والفكر.. والتجرد لله سبحانه فى الحكم على الناس. ويمكن أن أقسم فترات حياتى بالنسبة لعلاقتى ومشاعرى تجاه عبدالناصر إلى ثلاث فترات:

الأولى: الإعجاب الشديد بالرئيس عبدالناصر والحب الشديد له.. واستمرت هذه المرحلة معى منذ طفولتى.. وحتى انتمائى للحركة الإسلامية فى الجامعة.

ورغم هذا الحب الشديد لناصر.. لكننى لم أشارك فى أى هيئة من منظمات الشباب أو الاتحاد الاشتراكى التى كانت منتشرة وقتها فى الستينيات. وهذا الحب نشأ وترعرع فى نفسى لأننى نشأت فى أسرة وطنية كمعظم الأسر المصرية المتوسطة التى عاشت معانى التحرر الوطنى والكفاح ضد المستعمر.

الثانية: زوال الإعجاب والحب لناصر، وذلك بعد انتمائى للحركة الإسلامية.. وبعدما سمعت من دعاة الإخوان ما صنعه ناصر بالإخوان من تعذيب وإعدام ومحاكم عسكرية عامى 1954و 1965م.

وقد كانت لدينا فى شبابنا حمية دينية قوية.. ولم يكن لدينا تمحيص أو تدقيق تاريخى لفحص هذه الأحداث.. ولم تكن لدينا فلسفة الحكم على الإنسان بمجمل حسناته وسيئاته.. وكان لدينا لونان فقط أبيض وأسود.. فمن كان ضد الحركة الإسلامية فهو محارب ومعادٍ للإسلام.. فتنسى حسناته.. فهو كالثوب الأسود الذى لا يعرف البياض أبداً.

ومن كان من دعاة الإسلام والحركة الإسلامية تذكر حسناته وتنسى سلبياته.. فهو كالثوب الأبيض الذى لا يقربه الغبار.

الثالثة: وهى مرحلة الدراسة الشاملة والبصر العميق لكل ما حولنا.. وهذه المرحلة بدأت فى السجن حيث الوقت المتسع ووجود الكتب مع التفكير العميق.. وقبل ذلك كله التجرد لله سبحانه.. وترك نظرية الأبيض والأسود.. وإدراك أن هناك مزيجاً كبيراً من الألوان فى منتصف المسافة بينهما.. مع دراسة الإيجابيات والسلبيات لكل شخص.

وكذلك معرفة أن الحركات الإسلامية وكذلك الدول الإسلامية تختلف عن الإسلام نفسه.. فالإسلام معصوم وهى غير معصومة.

ولذا كان لزاماً علينا النظر فى أمر ناصر.. ودراسة تاريخه بعمق بعيداً عن نظرية المؤامرة التى شوهت العقل العربى.

وللحديث بقية إن شاء الله

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية