x

نيران «رملة بولاق» حرمت «فكيهة» من بيتها و«فرحانة» من اسمها.. والحل: «مرسى»

الأحد 01-07-2012 00:54 | كتب: ياسمين القاضي |
تصوير : أحمد طرانة

ذهبت فكيهة محمد، 70 عاماً، إلى الطبيب، للعلاج من أمراض الشيخوخة التى أصابتها، لكنها سرعان ما عادت أدراجها بعد تلقيها اتصالا هاتفيا وهى عند الطبيب من جيرانها، لإبلاغها بأن منزلها المكون من حجرتين «احترق».

«فكيهة» لا تملك بيتا آخر غير بيتها الذى احترق ضمن العشش المحترقة فى رملة بولاق، لذا اضطرت للرجوع إلى البيت نفسه، رغم احتراقه، وجلست فى منزل جارتها بعد إطفاء الحريق، لأن بيتها لم يعد يصلح للسكن، وبالرغم من أن بيتها محترق منذ 4 أيام فإن فكيهة لاتزال تبكى حتى الآن: «بيتى مليش غيره عايشة فيه من أكتر من 50 سنة وشايلنى أنا وابنى، دلوقتى أنا نايمة فى بيت جارتى وابنى نايم فى ورشته».

بيت إنصاف هلال، جارة فكيهة، كان جاهزا لاستقبالها، لأنه كان فارغا، تحكى «إنصاف»: «عندى بنتين معوقين وعندما شبت النيران فى بيت الست فكيهة كان الدخان هيخنقهم فالرجالة ربنا يكرمهم طلعوا شالوهم وطلعوهم الشارع، ولما صعبوا على الجيران أخدوهم ينيموهم عندهم».

الرابط بين فكيهة وإنصاف والبيوت المجاورة لهما هو أن أزواجهن إما موتى أو مرضى، لذا كانت ليلة احتراق العشش أصعب ليلة يشهدنها.

تنظر «إنصاف» إلى يمينها فترى بيت فكيهة محترقا، ثم تنظر يسارا فترى أبراج «نايل سيتى» فتقول: «ليه كدا.. ليه يمنعوا عنا الخراطيم، كانوا ممكن ينقذونا زى ما أنقذناهم أيام الثورة، لولا شبابنا كانوا زمانهم زى أركيديا مول دا جزاء وقفتنا معاهم؟!».

عندما تروى مأساة احتراق بيتها ونومها فى الشارع منذ 4 أيام، تظهر على وجهها علامات الحزن، حتى تسألها عن اسمها فتجيب بضحكة ساخرة: «فرحانة ناصر»، فرحانة امرأة عجوز طالت التجاعيد كل خلية فى وجهها، وبعد هذا العمر وبعدما زوجت ابنيها أصبحت تعيش وحدها فى عشتها المحترقة، لذا تظن أن اسمها فى ظل كل هذه الظروف أصبح غير واقعى.

حزن أهالى المنطقة لم يكن بسبب احتراق البيوت فقط، فالحدث الأكثر مرارة لدى المنطقة هو وفاة محمد عبدالنبى، الطفل الذى لم يتجاوز عامه الخامس، بسبب الحريق، تقول جدته: «ولا 100 بيت تعوض ضفر الولد ولو عوضونا بإيه مش هيعوضونا ابننا»، «محمد» كان فى البيت وقت احتراقه، لكن أهل المنطقة ورجال الإطفاء لم يستطيعوا إنقاذه. منذ احتراق عششهم، والمشهد لم يتغير، ملابس ملقاة على الأرض وتجمع للأهالى فى الشارع بعد احتراق أغلب البيوت، واتجاه نحو منزل الطفل المحترق، لمواساة والدته، التى تنتقل من كرسى لآخر تبكى على وفاة ابنها، الجدة أيضا لا تفعل شيئاً سوى النظر إلى بيت ابنها المحترق والبكاء، والحل الوحيد الذى توصل إليه أهالى المنطقة: «هانروح التحرير نكلم مرسى لما يروح ونقوله يشوفلنا حل بقى مش عاوزين غير بيت يلمنا وتعبنا من الوعود اللى ملهاش لازمة».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية