رغم أن الكثيرين يشكون من صوتها الصاخب وحركاتها المفاجئة وإثارتها العديد من المخاطر فى الطرق العامة، أصبحت العربات ذات العجلات الـثلاث- والمعروفة فى مصر باسم «التوك توك»- من أكثر وسائل النقل محافظة على نظافة البيئة فى الهند، الأمر الذى جعلها جزءاً أساسياً من خطط إقليم «دلهى» لتنقية الهواء، حيث صرحت سلطات الإقليم بطرح عدد كبير من سيارات «التوك توك»، التى تعمل بوقود الغاز الطبيعى المضغوط، فى شوارعها.
وتشير دراسة أجراها باحثون بجامعتى «ييل» و«كولومبيا» فى يناير الماضى، إلى أن الهند سجلت أسوأ معدلات لتلوث الهواء على مستوى العالم، متخطية بذلك الصين. ولمعالجة تلك المشكلة، قامت الحكومة المحلية فى دلهى والمحكمة العليا فى البلاد برفع سقف عدد التراخيص، التى يتم منحها لعربات «التوك توك»، التى تعمل بالغاز الطبيعى، على أمل أن يسهم ذلك فى الحد من معدلات لجوء السكان إلى شراء سيارات خاصة، والتى تعتمد بشكل أساسى على البنزين.
وتشير صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأمريكية إلى أن هذه ليست المرة الأولى التى تستخدم فيها تلك العربات فى جهود حماية البيئة. فمنذ 15 عاماً، أطلقت المحكمة العليا حكماً بإلزام «التوك توك» الذى يسير فى العاصمة باستخدام محركات تعمل بالغاز الطبيعى المضغوط بدلاً من البنزين، لكن القرار حصر أعداد تلك السيارات بـ55 ألفاً فقط. والآن، وقد بلغ عدد السكان 16.7 مليون شخص، لايزال عدد سيارات «التوك توك» متوقفاً عند هذا الحد، بينما تنامى عدد السيارات الخاصة إلى أكثر من 6 ملايين. ويقول أميونيتا رويتشاودورى، المدير التنفيذى للأبحاث فى مركز «دلهى»، المتخصص فى العلوم والبيئة، إن «دلهى فقدت تقريباً كل المكاسب التى تحققت من برنامج الغاز الطبيعى المضغوط، نظراً لتزايد الاعتماد على السيارات الخاصة والافتقار لوسائل النقل العام».
وتوضح «كريستيان ساينس مونيتور» أن استخدام الحافلات والسيارات ينمو فى دلهى بمعدل يتراوح بين 5% و7%، فى حين أن الإقبال على السيارات الخاصة والدراجات النارية التى تعتمد على البنزين يرتفع بمعدلات تتراوح بين 12% و15%.
ويبدو أن المحكمة العليا قد تنبهت لتلك الأزمة مؤخراً، حيث أعطت فى نوفمبر الماضى الضوء الأخضر للترخيص لـ45 ألف عربة جديدة فى دلهى، «لتلبية الطلب المتزايد». وبينما رحب الخبراء بهذا التحول فى سياسات الدولة، رأى آخرون أنه مازال هناك المزيد مما يجب فعله.
فلتشجيع الهنود على الإحجام عن شراء المزيد من السيارات، يؤكد كشاى مانى، من مؤسسة «إيمبارك» الهندية للنقل، أنه لابد من تغيير السياسات الضريبية أيضاً. وأضاف: «لابد أن يدفع الناس الذين يختارون قيادة السيارة الخاصة ضرائب أعلى ورسوماً للوقوف فى ساحات الانتظار»، موضحاً أن «الحكومة تقوم بدلاً من ذلك بتقديم دعم كبير لوقود الديزل، الأمر الذى دفع المواطنين للإقبال على سيارات تعمل بواحد من أردأ أنواع الوقود»، فيما تشير الصحيفة الأمريكية إلى مشكلة أخرى، قائلة إنه «بفضل ثقافة الفساد المتأصلة فى البلاد، يدفع الكثير من السائقين آلاف الروبيات للحصول على تصريح، الأمر الذى ينعكس على ارتفاع قيمة الأجرة التى يدفعها الركاب».