وصفت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، انتخاب الرئيس المصري الجديد محمد مرسي، بأنه خطوة أخرى «عرجاء» تخطوها مصر نحو تحقيق الديمقراطية وتجنب الوقوع في فخ الفوضى.
ورأت الصحيفة أنه بانتخاب مرسي نجح المجلس العسكري في النأي بنفسه عن الخلافات الداخلية التي فلتت من عقالها مؤخرا، ومن جهة أخرى فإن إحجام المجلس عن التلاعب بنتائج الانتخابات أو إلغائها أخرجه من تحت المجهر الذي كان مسلطا عليه من قبل المجتمع الدولي لمراقبة تحركاته.
وأضافت: «لأول مرة في تاريخها، مصر تنتخب رئيسها بحرية، وهذا التطور يمكن أن يكون نقطة انطلاق وحجر الأساس لمستقبل ديمقراطي واستقرار تنعم به مصر، أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، وكل ذلك يعتمد على قدرة الإسلاميين والمجلس العسكري على إيجاد صيغة ناجحة للتفاهم فيما بينهم فيما يخص إدارة البلاد».
وعلقت الصحيفة في هذا الصدد بالقول إنه «لسوء الحظ لم يبرهن أي من الطرفين بعدُ على وجود إرادة للتوصل إلى كلمة سواء»، وعندما يتعلق الأمر بالإخوان، فقد سبق أن صرحوا بأنهم لن يسعوا إلى تحقيق الأغلبية البرلمانية، وصرحوا كذلك بأنهم لن يتنافسوا على منصب الرئيس، لكنهم خالفوا ما تعهدوا به في الأمرين، وبعد أن حقق الإخوان الأغلبية في البرلمان سعوا بكل جهدهم ليسيطروا على عملية اختيار لجنة كتابة الدستور، الأمر الذي أفسد العملية برمتها.
وشددت على أن المجلس العسكري «فشل في إحلال الأمن وحماية الأقليات مثل الأقباط، وتخبط في إدارة الاقتصاد، وقمع العلمانيين والليبراليين وحتى منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية التي تموّلها الولايات المتحدة»، مضيفة أنه مع اقتراب موعد انتخاب الرئيس، أصدر المجلس حزمة من القوانين التي تحدّ من سلطات أي رئيس مقبل للبلاد، في حين أصدر قضاة معينون في عهد الرئيس مبارك قرارا بحل البرلمان، وأُعيد العمل بقانون الطوارئ من خلال منح الضبطية القضائية للشرطة العسكرية والمخابرات الحربية.
وقالت الصحيفة إن الكثير من المصريين خشوا أن يستمر العسكر في انقلابهم المخيف ويمنحوا الرئاسة لرئيس الوزراء السابق الفريق أحمد شفيق رغم الأدلة الواضحة على فوز مرسي في الانتخابات.
ورأت أن عدم حدوث ذلك يعني أن هناك ترتيبات حدثت خلف الستار، ولم تستبعد أن تكون الإدارة الأمريكية مشتركة في الإعداد والتنسيق عن طريق حثّ المجلس العسكري على احترام نتائج الانتخابات وأيضا استخدام ورقة المساعدات الأمريكية للجيش.
وطالبت الصحيفة الإدارة الأمريكية على الضغط على المجلس العسكري لتسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب يوم 30 يونيو كما هو متفق عليه، وأن تكون سلطاته كاملة غير منقوصة من ضمنها ولايته على الجيش، وعلى المجلس أن يكف عن قصّ أجنحة الرئيس المنتخب.
من جهة أخرى، رأت الصحيفة أن الرئاسة المصرية بحاجة إلى هيئة مدنية تضم كل الأطياف المصرية، لتبدأ فورا العمل على كتابة دستور وتفعيل مؤسسات الحكم الديمقراطي من ضمنها سيطرة الحكومة المدنية على الجيش.
والأهم من ذلك كله، برأي الصحيفة، أن يبدأ الرئيس المنتخب فورا مدّ جسور التحالف مع القوى الديمقراطية وطمأنة الأقباط والعلمانيين، وأن ينحي جانبا أجندته العقائدية.
وختمت الصحيفة بالقول: «لا تزال أمام مصر فرصة للانتقال نحو ديمقراطية حقة، ولكن ذلك يتطلب سياسة واعية من جميع الأطراف وتشجيعا قويا من الولايات المتحدة».