x

يوسف داوود.. المُحب العجوز (بروفايل)

الأحد 24-06-2012 12:39 | كتب: محمد المصري |
تصوير : other

بعد عرض فيلم «في شقة مصر الجديدة» عام 2007، كان هناكَ احتفاء بالكثير من تفاصيل العمل، كلاسيكية محمد خان وشاعريته المُفرطة، غادة عادل في أحد أفضل الأداءات لممثلة في هذا الجيل، صوت ليلى مراد الذي كُتِبَ عليه سيناريو الفيلم كاملاً، وإلى جانب كل هذا كان هناكَ احتفاء خاص بدور «يوسف داوود» في الفيلم، الرجل العجوز والمحب الذي ظل منتظراً لكلمة من حبيبته مُدرّسة الموسيقى «تهاني»، وحينما أتت أرسل لها شريطاً عليه أغنية أم كلثوم «فات الميعاد».

ولحسن الحظ أن محمد خان قد لحق يوسف داوود بدورٍ كهذا قبل أن يفوت الميعاد، وهو الممثل الذي بدأ مسيرته بعد سن الأربعين، شغوفاً بالسينما، رغم حصرها له في وجه واحد مهما تعددت الأدوار، ويبقى الشيء الوحيد الذي يُذكر من تلك الأدوار هو ضحكة داوود الشهيرة، ومحبة الجمهور، له ولها، رغم شعور دائم أن الميعاد قد فات على أن يُقدم شيئاً مختلفاً.

الاحتفاء بدور داوود في فيلم خان الأخير كان لهذا السبب، لأول مرة يرى الجمهور الممثل الذي أحبه دون سبب في دورٍ يحتمل كل تلك الطاقة الإنسانية، ولأول مرة يستطيع الممثل الذي قارب على السبعين أن يخرج طاقته الفنية التي دفعته لطرق باب السينما بالأساس.

وفي أحد البرامج التي استضافت فريق الفيلم بعد عرضه، كانت كلمات داوود معبَّرة تماماً عما يعنيه هذا الدور بالنسبة له وعن الصورة التي يرى نفسه عليها: «إن دِبِل الورد ريحته فيه، وكل ما بيقدم بيزداد أصالة».

يوسف داوود الذي تخرَّج في كلية الهندسة عام 1960، ظل 25 عاماً يعمل مهندساً دون أن يُحقق نفسه، وفي قرارٍ ثوري استقال من عمله الأساسي كي يبدأ مسيرته السينمائية عام 1985، وهو في سن السابعة والأربعين، لذلك لا يذكره الناس دون صلعته المُميزة، الشخص الطويل الغاضب الذي يخلق الضحك من التناقض بين مظهره الضخم والجاد وبين المواقف التي يجد نفسه بها كضحية لبطل الفيلم، عادل إمام في أغلب الأفلام الأولى وآخرين بعد ذلك.

وبين الحين والآخر كان يُقدم نفس الصورة بشكل أكثر تميزاً، مع رأفت الميهي في «سمك لبن تمر هندي» أو «سيداتي آنساتي»، ومع خيري بشارة في «كابوريا»، قبل أن يجعله دور «يوسف بيه» في سلسلة «يوميات ونيس» أكثر ألفة وقرباً من الناس، ولكن مع ذلك ظل بانتظار شيئاً آخر يجعله متأكداً من قراره بترك الهندسة والاتجاه إلى السينما، وهو ما حققه له تعاونه مع محمد خان لأول مرة 2007، وأشعره بالرضا، رغم خمس سنوات لاحقة لم يظهر فيها إلا على استحياء، كان أهمها في دور «عم هلال» بفيلم «عسل أسود».

رَحَل يوسف داوود، في عُمر الرابعة والسبعين، بعد أن تقاتل مع المرض طوال ثلاثة أشهر، ورغم مشاركته في أكثر من 100 عمل، بين المسرح والسينما والتليفزيون، إلا أن الأغلبية لن يتذكروا أدواره بقدر ما سيذكرونه هو، بضحكته العالية وطوله الفارع وصلعته المميزة، وسيشعرون بالحزن على رحيل الجد العجوز الطيب الذي لم نره منذ مدة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية