أكد العالم الدكتور أحمد زويل، مبعوث الرئيس الأمريكى للعلوم والتكنولوجيا للشرق الأوسط، أن التعليم يعد قضية أمن قومى، مشدداً على أن مصر ليست بلداً فقيراً بعكس كلام المسؤولين، معتبراً أن مشكلة العالم الإسلامى، هى أنه «يتجه أكثر فأكثر نحو إغلاق العقول».
وبدأ زويل محاضرته أمام أعضاء غرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة أمس، بالإعلان عن هذه المخاوف، وقال: «كلنا قلقون على مصر وعلى مستقبل التعليم فيها، والأمهات لديهن قلق من نوعية التعليم الذى سيحصل عليه أبناؤهن»، مشيراً إلى أن مصر كانت من أعظم الدول، واليوم أصبحت دولة نامية.
وأضاف زويل أنه «تلقى أفضل تعليم فى مصر، فى وقت كانت الجامعات المصرية فيه هى الأفضل»، مشيراً إلى أنه «لم يكن ليدخل الجامعة الأمريكية فى تلك الفترة، حتى لو دفعوا له أموالا مقابل ذلك».
وأشار إلى أنه ذهب إلى الولايات المتحدة فى الوقت الذى وصل فيه أول إنسان إلى القمر، مؤكداً أنه كان «محظوظاً» بتوقيت وجوده فى القاهرة وواشنطن، وأيضاً بالجامعة التى درس فيها وهى «كالتاك»، التى تعد على حد قوله «مكة العلم».
وقال: «شعرت كشاب يدرس فى (كالتاك) أن السماء ليس لها حدود، وكانت لدىّ حرية فى البحث والتفكير دون أن أحتاج إلى توقيع رئيسى فى الجامعة، ونجحت هناك لأن المناخ والنظام ساعدانى على ذلك، والجميع كان يسعى لجعلى ناجحاً بدلاً من السعى لإفشالى».
وأشار زويل إلى أنه كان فى عشاء أمس الأول، مع رئيس جامعة القاهرة، وقال له إن «كالتاك» التى تضم عدداً من الفائزين بجائزة نوبل، بها 280 باحثاً فقط، فكان رد رئيس الجامعة أن القسم الواحد بجامعة القاهرة به 3 أضعاف هذا العدد.
وأكد أن العلم لا يمكن أن يفرض بالقوة، وأن الأستاذ عليه أن يسعى لإخراج أفضل ما فى تلاميذه بدلاً من أن يديرهم، مشدداً على أهمية وجود حلم ومشروع وطنى للنجاح، ودون ذلك لن تستطيع تحقيق الكثير. وأوضح العالم المصرى أن العلم «لغة عالمية»، مشيراً إلى وجود سوء فهم لدى البعض بأن هناك علماً خاصاً لكل دولة، وقال: «السوق واحدة ولو لم تكن الدولة مستعدة لدخولها فلن تكون قادرة على المشاركة فى العالم».
وضرب زويل المثل بكوريا الجنوبية، التى استطاعت فى 10 سنوات أن تصبح سابع أو ثامن اقتصاد فى العالم،على الرغم من ظروفها التى لم تكن تختلف كثيراً عن مصر، وقال لو ذهبت هناك ستجد أحلاماً لا تصدق، فالكوريون يتحركون بسرعة للوصول إلى اللغة العالمية.
وأضاف مبعوث أوباما: «العلم يتحرك بسرعة ولو بقيت متأخراً ستبقى نامياً»، مؤكداً أهمية وجود أساس علمى قوى لتحقيق التقدم، منوهاً بأن المسألة ليست بناء منشآت وتجهيزها بأحدث الأجهزة دون أن تنتج شيئاً، ونحن نحتاج إلى نظام داخلى لتطوير قاعدة علمية حقيقية.
وأكد زويل أن مصر ليست فقيرة وأنها تمتلك الموارد البشرية للنمو، وقال: لا يمكن لأحد أن يقنعنى بأن هناك نقصاً فى الموارد البشرية فى مصر، «لأننى ألقى محاضرات (دمها تقيل)، يحضرها الآلاف ويشاهدها الملايين من المصريين»، مشدداً على أن «الشعب المصرى يقدر الإنتاج العلمى، وملىء بالأذكياء».
وأضاف أنه يسمع الكثير من المسؤولين يتحدثون عن أن مصر دولة فقيرة، وهى ليست كذلك، مقارناً بين مصر والهند «التى تشهد تنمية كبيرة فى العلوم والفضاء، رغم أنها أكثر فقراً من مصر».
وتابع: «فوجئت عندما التقيت رئيس الهند بأنه يرتدى (شورت وصندل)، فقلت له (هذه لحظة تاريخية، أنا عايز صورة معاك علشان آخذها معايا مصر).
وواصل: «كنت أتوقع أن أرى فى مكتب رئيس الهند أريكة مريحة وزهوراً، وكتباً أنيقة، لكنى وجدت مكتبه مثل مكتب أى رئيس جامعة ملىء بالكتب»، مشيراً إلى أن الرئيس الهندى أخرج كتاباً من المكتبة وقال له أريد أن أهديك هذا الكتاب، وهو «الهند 2020»، لافتاً إلى أن «الهند لديها رؤية وحلم تسعى لتحقيقه رغم مشاكلها وفقرها».
وعبّر زويل عن فخره باختياره مستشاراً للرئيس الأمريكى، وأن يزور 12 دولة فى الشرق الأوسط لوضع رؤية لكيفية جعلها دولاً ناجحة وتهيئتها للبداية الجديدة التى دعا إليها أوباما، مشيراً إلى أن تحركات الدول عادة ما تبنى على المصلحة الوطنية، «فالولايات المتحدة تساعد العالم الإسلامى لأن ذلك من مصلحتها، ومصر عليها أن تتعامل مع هذه المبادرة باعتبارها تحقق مصلحة وطنية لها».
وأكد أن التحدى الكبير الذى تواجهه مصر هو تحديد الرؤية حول ما تريده، وقال: «التعليم قضية أمن قومى لمصر ولابد من تطوير التعليم، وتنمية الشخص وحرية العقل، إضافة إلى وجود مشورع وطنى»، مشيراً إلى أنه يتذكر أغنية كان يتم ترديدها فى فترة سابقة وهى «قلنا هنبنى وأدى احنا بنينا السد العالى»، وأضاف: «قد لا نتفق على السياسة فى تلك الفترة لكن كان هناك حلم ومشروع قومى».