x

إحدى عشر مشهداً قبل وبعد نقل «مبارك» إلى «المعادى العسكرى»

الخميس 21-06-2012 12:25 | كتب: أحمد عبد اللطيف |
تصوير : محمد معروف

رصدت «المصرى اليوم» ساعات الليلة الأولى للرئيس السابق محمد حسنى مبارك من أمام مستشفى المعادى للقوات المسلحة، والتى وصفها البعض بـ«الساعات الحرجة» فى حياته، وتضمنت 11 مشهدا منذ خروجه من مستشفى طرة حتى دخوله غرفة 308 بالطابق الثالث فى المستشفى.

حالة الحزن والقلق بين أنصاره، الذين وقفوا أمام باب المستشفى، تزامنت مع الحيرة حول حالته الصحية، وهل توفى أم أن حالته مستقرة، فيما فرض رجال القوات المسلحة والشرطة كردونا أمنيا داخل وخارج المستشفى، ونشر ما يقرب من 3 آلاف ضابط فى المناطق المجاورة للمستشفى، وحول المحكمة الدستورية التى تقع على كورنيش النيل، وبين الزراعات والجراجات وعقارات تحت الإنشاء.

المشهد الأول

عقارب الساعة تشير إلى الثانية عشرة ظهر أمس الأول.. مبارك يصاب بضيق فى التنفس داخل مستشفى سجن طرة، ويدخل فى غيبوبة ويشهد المستشفى حالة من الكر والفر بين الأطباء ومديرى السجن، وبدأت الاتصالات تتناقل بين جهات الشرطة وجهات أخرى سيادية، وقال مصدر مطلع إن علاء وجمال كانا حاضرين بصحبة والدهما وأصيبا بحالة من القلق.

المشهد الثانى

طلب الطبيب المراقب لحالة مبارك حضور أطبائه الملازمين لعلاجه فى المركز الطبى العالمى، لم تمض دقائق وتجمع فريق الأطباء، وبدأت عمليات الفحص الطبى وهو مازال فى الغيبوبة. مضت 3 ساعات، وتوقفت حركة القلب، أمر الأطباء بسرعة نقله إلى مستشفى المعادى العسكرى لسوء حالته وإصابته بجلطة فى المخ، أبلغ مدير السجن وزير الداخلية، ثم أرسل تقرير الفريق المعالج إلى النيابة العامة التى وافقت على نقله لمستشفى المعادى لتحديد حالته الصحية وإمكانية حجزه بالمستشفى من عدمه.

المشهد الثالث

الثامنة مساء أمس الأول، حضرت سيارة «إسعاف» من المركز الطبى العالمى مجهزة لنقل مبارك، ومكثت ما يقرب من ساعتين ونصف داخل السجن، وتم نشر قوات الحراسة المكلفين بنقله وتأمينه حتى وصوله إلى مستشفى المعادى، وإرسال 8 تشكيلات من قوات الأمن المركزى إلى المستشفى وإيقاف السيارات خارج أسواره، مع كمائن مرورية بطريق الكورنيش.

المشهد الرابع

عقارب الساعة تقترب من العاشرة و25 دقيقة مساء، فتحت قوات التأمين بوابة السجن الرئيسية، وخرجت مدرعتان عسكريتان، ودراجة بخارية ثم مدرعة للشرطة وسيارتا شرطة «بوكس» وسيارتان جيب، تتوسطها سيارة الإسعاف المجهزة، توجه الموكب بالرئيس السابق عبر طريق الكورنيش، تحت استعدادات أمنية مشددة، وأغلقت الإشارات لمدة 5 دقائق حتى يتمكن فريق التأمين من فصل سيارات المواطنين عن موكب التأمين بمسافات آمنة، واستمرت الرحلة ما يقرب من نصف ساعة، ووصلت حتى الباب الرئيسى لمستشفى المعادى، ومنه إلى غرفة استقبال الحالات الحرجة.

المشهد الخامس

عند مبنى مستشفى المعادى للقوات المسلحة تجد لافتة مكتوباً عليها «ممنوع الاقتراب أو التصوير، منطقة عسكرية على مساحة ما يقرب من 5 آلاف فدان».

إذا أمعنت النظر لن تجد مبانى بجوار المستشفى إلا على اليمين من ناحية طريق الكورنيش، حيث المحكمة الدستورية العليا، ثم منطقة زراعية ومجموعة عقارات لمنطقة دار السلام، وفى جهة اليسار بالطريق المتجه إلى منطقة حلوان أول مدخل لمنطقة المعادى وخلفها منطقة حدائق المعادى، وفى جهة كورنيش النيل مهبط الطائرات وجزيرة المعادى التابعة للقوات المسلحة.

المشهد السادس

المنطقة يسيطر عليها الاستنفار الأمنى، حضرت 4 تشكيلات أمنية تابعة للجيش والشرطة تم نشرها حول المستشفى قبل حضور مبارك.

عند البوابتين الرئيسيتين على طريق الكورنيش تم وضع كمينين يتكون من سيارتى شرطة وضابط مباحث وآخر من العمليات الخاصة و8 مجندين فى كل كمين. وفى الطريق المؤدى لمدخل غرف الاستقبال بين المحكمة الدستورية وسور المستشفى وضعت 10 سيارات أمن مركزى، وسيارتان مصفحتان، و4 سيارات ملاكى و3 سيارات شرطة تقريبا، مع عناصر أمنية من ضباط ومخبرين من المباحث العامة والجنائية، ومن ضباط من جهاز الأمن الوطنى والأمن العام لجمع المعلومات خوفاً من وقوع أى حادث، خاصة بعد احتشاد الآلاف من المتظاهرين بالتحرير، وفى داخل المستشفى نشرت مدرعات عسكرية وضباط وجنود من فرق «مقاومة أحداث الشغب» بالشرطة العسكرية.

المشهد السابع

العاشرة و40 دقيقة ليلاً، مبارك بالمستشفى، امتد التوتر إلى باقى المرضى.. قوات التأمين الأمنية المتمركزة فى الخارج بدأت الدخول إلى فناء المستشفى، مع تعزيزات إضافية من 6 سيارات لورى مليئة بجنود الأمن المركزى يحملون أسلحتهم وفى حالة استعداد قصوى.

أجواء الاستنفار تهيمن على غرفة الاستقبال، ومنطقة توقف سيارة الإسعاف التى أقلت مبارك، لا فرق فى التوتر بين المرضى والأطباء بعد أن تم تكثيف الوجود الأمنى فيها، ونشر فريق من الشرطيين بملابس مدنية بجوار أسوار المستشفى، ويفصل كل منهم عن الآخر عدة أمتار.

المشهد الثامن

انتشرت شائعة وفاة مبارك إكلينيكياً، الأهالى يتوافدون على المستشفى وتجمعوا أمام بوابة غرفة الاستقبال، ما يقرب من 200 شخص، ثم احتشدت السيارات أمام بوابة المستشفى، وبدأ الجميع يترحم عليه، ووقعت مناوشات ومشادات بين البعض، وتكدست سيارات المواطنين مما أدى إلى ازدحام شديد أمام البوابة. قوات التأمين من الشرطة والجيش مستنفرة، فالعشرات من المواطنين تجمعوا للسؤال عن صحة مبارك والتأكد من خبر وفاته.

المشهد التاسع

فجأة يدخل مواطن منهار وهو يصرخ: «مبارك مات خلاص إحنا ولاده، هو أبويا اللى ربانا.. حرام عليكم ادعو له بالرحمة»، والتفت جميع الكاميرات حوله، ثم خرج لواء شرطة وطلب من المواطنين الهدوء لوجود مرضى آخرين، وتمكن من إخلاء البوابة وتهدئة الموقف، كما خرج عميد شرطة وضابط برتبة نقيب لتهدئة المواطنين، وبدأوا فى الحديث معهم وطالبوهم بالابتعاد عن المستشفى، خوفا من حدوث اشتباكات ومراعاة لحالة المرضى، واستجابت وسائل الإعلام والمواطنون لطلبات الأمن وتم إخلاء المكان، وفى تلك اللحظات بدأت السيارات تتوافد للدخول إلى مبنى المستشفى، ومنها سيارات ملاكى تابعة للجيش وجهات سيادية.

المشهد العاشر

مضت ساعات، وزاد عدد المواطنين الذين تجمعوا على الكورنيش، بينهم ربات بيوت وأطفال. وقال طفل فى الصف الخامس الابتدائى إنه حضر مع والده الذى كان يجلس بعيدا يراقب ما يحدث، ثم يتوجه لقوات التأمين للسؤال عن مبارك وصحته ويعود مرة أخرى إلى نجله، قال الطفل: «أنا جاى مع بابا علشان نطمن على صحة مبارك.. بابا بيقول إنه راجل كويس وهو بيحبه.. أنا جيت علشان أشوف اللى بيحصل هنا».

المشهد الحادى عشر

ربة منزل، بصحبة ابنتيها، تمسك بالسياج الحديدى للمستشفى تراقب صامتة ما يحدث وهى منهمرة فى البكاء، توجه إليها الشباب لتهدئتها، ثم تجمعت السيارات وأغلقت طريق الكورنيش على الجانبين، وقائد السيارات يسألون عما يحدث.. وعندما تجيب بأنه تم نقل مبارك تتفاوت التعليقات: أحدهم يطلب له الرحمة وآخر يردد هو لسه عايش، ثم حضر مجموعة شباب معارضين لمبارك، وكادت تقع اشتباكات، ولكن تدخل عدد من الحاضرين للفصل بين الفريقين، ثم بدأ الجميع فى الرحيل مع صلاة الفجر، ومع الساعات الأولى من صباح أمس.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية