يرجع الكثيرون سبب تقدم الفريق شفيق فى الانتخابات إلى حشد الكنائس له وقد أشيع أن جميع المسيحيين الذين صوتوا فى المرحلة الثانية قد أعطوه أصواتهم، ولكن الحقيقة أن عدداً من الأقباط حلق خارج السرب فى اتجاه محمد مرسى، ولم يرد معظم هؤلاء الإعلان عن رأيهم خوفاً من عوامل كثيرة مثل الوصم بحصولهم على أموال من حملة مرسى، بسبب ضيق ذات اليد أو أن تتهاوى عليهم الألقاب المهينة مثل أن يناديهم أحد بالذميين أو يسخر منهم بمطالبتهم بدفع الجزية، حسب قول عدد منهم مبررين رفضهم الحديث لـ«المصرى اليوم».
شىء مختلف حدث فى أحد منازل حى عين شمس، شقة بالدور الثالث تمثل ملتقى مسيحياً إسلامياً يضم أفراد أسرته وجيرانه لمناقشة الانتخابات ودعم الدكتور محمد مرسى ضد الفريق شفيق، يجلس الدكتور ممدوح متكئا على عصاه بيد وباليد الأخرى على كتف جاره وصديق عمره المحامى «إبراهيم معتوق» وبجواره ولداه ماجد ومدحت ومعهما على الكنبة المجاورة أصدقاؤهما من أبناء الجيران محمد سمير وأحمد فارس.
ممدوح حنا وهبة (63 سنة) استشارى الطب النفسى والأمراض العصبية ومن مؤسسى حركة «مصريون ضد الطائفية» التى أنشئت قبيل ثورة 25 يناير، الأحد أدلى بصوته لصالح الدكتور محمد مرسى، سنوات عديدة قضاها الطبيب النفسى ممدوح حنا بمستشفى الأمراض العقلية بالخانكة، مر عليه آلاف المرضى النفسيين رأى كيف يعامل المصرى حين يفقد عقله أو تدمر أعصابه جراء ضغوط الحياة المتواصلة عليه فى ظل نظام لا يرحم، على حد وصفه، ثم يطلب العلاج دون أن يكون فى جيبه 600 جنيه فلا يجده، بينما كانت تسافر زوجات الوزراء لعمل عمليات تجميلية على نفقة الدولة فى الخارج، حسب قوله.
يقول «ممدوح»: «صوتت للدكتور مرسى لأن الموضوع ليس قضية طائفية بل قصة شعب تم تعذيبه وتجرع المر على مدار 30 سنة، هذه ليست انتخابات طائفية فنحن لسنا فى لبنان أو غيرها.. أول ما أعلنت أنى هاعطى مرسى نزلت عليا المكالمات «ما الذى تفعله ولماذا وكيف تعطى لمرسى»، وكان ردى «اللى ماتوا فى الثورة دول ماتوا بالنيابة عنى وعن أولادى، وأنا قاعد فى مكانى فى عين شمس، ثم يشير إلى أصدقاء أبنائه من الجيران وعن محمد وأحمد فهم أولادى أيضاً، ويشير إليهم قائلاً: «هؤلاء الشباب هم أمل مصر». ثم يميل على صديقه إبراهيم قائلاً: «أما نحن فقد تاخرنا كثيراً» فيجيبه «ولكننا لحقنا السبنسة فى قطار ثورة الشباب».
بكلماته الحماسية وابتسامته التى لا تفارقه أبدا ينطلق صوت «ممدوح» عاليا بصوت يكاد يسمع سكان الشارع بكامله يقول «مصر أتغيرت خلاص والمسيحيون شريحة وطنية من شرائح المجتمع المصرى ولكن خانة الديانة مسيحى وذلك ليس معناه التحزب أو الطائفية أو إلغاء الآخر، الإخوان من أول ما دخلوا مجلس الشعب إلى أن تم حله لم يصدروا قانوناً أو لائحة ضد مصلحة الأقباط، لم يتطاولوا على الأقباط هيبدو حسن نية تجاهنا إيه أكثر من أن نائب رئيس حزب الحرية والعدالة دكتور رفيق حبيب قبطى، بالإضافة إلى 90 شاباً مسيحياً فى حملتهم الانتخابية، باستثناء بعض الهنات من السلفيين أو غيرهم بسبب عدم الخبرة السياسية وهو شىء موجود فى المسلمين والمسيحيين على حد سواء منذ متى كان من حقنا ممارسة السياسة فى النظام السابق؟ جميعنا جدد على ممارسة السياسة لازم يبقى فيه هفوات». يوضح دكتور ممدوح دعوته للمسيحيين بنفس الحماس: «أدعوهم للتحرر من القوالب الجامدة، لماذا لا نعطى لأنفسنا فرصة كى نتعرف على الآخر حتى يتسنى لنا الحكم عليه، لماذا لا ننتخبهم لقد عملت فترة طبيباً فى السجون ورأيت الإخوان يدفعون ضريبة آرائهم وهم يعذبون هناك وإذا صدرت منهم أى انحرافات نحاسبهم وميدان التحرير موجود لم ولن يمت، مصر استيقظت ولن تنام مرة أخرى». وعن أكثر المواقف المؤثرة فى قراره بالتصويت لصالح مرسى، يقول ممدوح: «عالجت فى ميدان التحرير لمدة 5 أيام بالمستشفى الميدانى بنات وسيدات ضربوا بالخرطوش، رأيتهن بعينى وهن يضربن به دون النظر لكونهن مسلمات أو مسيحيات، وشعرت كيف كان ألمهن وكيف كان القناصة يستهدفون ذلك إمعانا فى أذى النساء بالميدان، فكيف أنتخب واحداً من هذا النظام».
«مدحت ممدوح حنا وهبة» (24سنة) حاصل على بكالوريوس خدمة اجتماعية، يقول: «أدليت بصوتى لمرسى، لأن دى قناعتى وأنا مقتنع بيه، أنا نفسى مشروع النهضة يتم حتى نجد فرص عمل، لأن أكيد أيام شفيق هتكون مثل مبارك فيها بطالة».
يلتقط الأب ممدوح الكلام من ابنه ثانية «أنا لست متعصباً حتى لمن ادعو له أو اقتنع به فأنا أشجع الأهلى ولكنى أعلم جيداً أن الزمالك والإسماعيلى وغزل المحلة جميعها بها لاعبون على درجة عالية من الكفاءة، لذا فمنذ عدة أيام قررت أن أحضر مؤتمر عقده الفريق شفيق بفندق الميريديان وسط أحبائه ومريديه وأخذ يتحدث عن محاولات تشويهه معنويا وماديا، وكان المؤتمر أشبه بـ«زفة الخليفة»، لم يقل كلمة واحدة عن برنامج أو خطة عمل، أو ماذا سيفعل بينما اطلعت جيدا على مشروع النهضة للدكتور مرسى، رغم أن لى العديد من التحفظات على جماعة الإخوان، إلا أن الرجل يقدم برنامجا جديرا بالاحترام والتقدير فأنا لا أنتخب شخصا باسمه أو دينه ولكن ببرنامجه فأنا أعطى صوتى لبرنامج يمكن أن أحاسبه عليه إن لم يطبقه.
أما نادر ناظم ناجى (37 سنة) محاسب، وأحد أصدقاء الدكتور ممدوح، يقول «أدليت بصوتى لمحمد مرسى، لأنه يملك برنامجا جيدا يتحدث فيه عن كل القضايا، العشوائيات والفقر وأطفال الشوارع والبطالة ولديه آلية لتنفيذ ما يقول فلن يكون كلامه مجرد وعود فى الهواء، وأرى فيه دماً جديداً وقد سبق وصرح أن الأقباط لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين، وأنا أرى أن هذه العبارة مطمئنة، وأنا لا أرى أن الفريق شفيق فاسد لأن القضاء لم يثبت عليه شيئا من هذا، ولكنى أرى أن الرجل ليس لديه جديد كى يقدمه فهو نفسه قال إن مبارك مثله الأعلى، فماذا فعل مبارك بنا طوال 30 سنة، اقتصاد على حافة الانهيار وفقر وأمراض، بل وتمييز واضح ضد الأقباط، لذا فماذا سيقدم لنا شفيق أكثر مما قدم مبارك؟».
وعن خوف بعض الأقباط من النزعة الدينية لدى المرشح محمد مرسى يتساءل ناظم: «لما الخوف من بعض الإشاعات التى تخرج من قمقمها كل فترة لتخيف الناس، أنا ضد أن يقال إن الأقباط كلهم هيدوا لشفيق، لأنه ذلك يعطى انطباعاً بأن الأقباط تملى عليهم إرادتهم، ولكنى أعرف عدداً من الأقباط سوف يعطون لمرسى، فلماذا نضع الأقباط جميعهم فى سلة واحدة، فلنفرض أن مرسى كسب، فسوف يكون هناك عداء مسبق».