إن أفضل شىء فى كرة القدم الآن هو أننا تأكدنا من أن المنتخب الإسبانى مازال ماكينة لعب مذهلة. فهو مازال حازما فى تنفيذ مبدئه باللعب من أجل الفوز، بتقديم كرة جميلة، بالاستحواذ على الكرة والحفاظ عليها وبالاستمتاع بوقته.. رغم كل المجازفات التى يحملها هذا الأمر فى طياته. بكل جرأة وحب للعبة، كعادتهم.
وفى الحى الذى أسكن فيه يقول الناس: أمام هذا المنتخب لا تستطيع أن تلعب كرة القدم لأن إسبانيا لا تترك لك الكرة أبدا. فبإمكانك أن تلعب كرة القدم أمامهم، لكنها ستكون كرة مختلفة تماماً، وهذا ما استوعبه المنتخب الإيطالى جيداً.
ويختلف منتخب إيطاليا الحالى عن المنتخبات الإيطالية السابقة. فهو ليس مؤمنا للغاية بالهدف الأساسى الذى اعتادت منتخبات إيطاليا السابقة أن تحمله معها إلى الملعب ألا وهو «عدم الخسارة».
فهذه المرة لعبت إيطاليا باحترام حقيقى للعب وللكرة وكان أداؤها أكثر حكمة وتفصيلاً، وهذا ما وضح جيداً فى مباراة الاحد.. عندما كانت إسبانيا تسمح بذلك. وانتهجت إيطاليا منهجا أوسع نطاقا فى اللعب وقدمت مجهودا جماعيا مستغلة القوة البدنية الكبيرة، وهى تعلم أنها لم تعد لديها المهارات الفردية المذهلة التى كانت تتمتع بها فى الماضى، لقد لعب الإيطاليون بحماس ودون أى أنانية، باستثناء قرب نهاية المباراة «التى انتهت بتعادل الفريقين 1/1».
على الجانب الآخر، توجد إسبانيا! لم نشاهد فريقا كهذا منذ وقت طويل، فقد ظهر القليل من الفرق التى تمكنت من اللعب بهذا المستوى فيما مضى وهذا ما أكدته إسبانيا، فهذا الفريق يتمتع بقناعات واضحة.
فماذا حدث إذن هذه المرة؟ إن القوة التى عادة ما يتسم بها أداؤه الفنى وتمديد اللعب إلى أطراف الملعب كانا من الأمور المفتقدة هذه المرة، وهو ما بات جليا عندما نزل خيسوس نافاس الملعب كلاعب بديل فى شوط المباراة الثانى. كانت إسبانيا مفتقدة هذه القوة وربما أيضا افتقدت صمودها المعتاد فى الدفاع، خاصة فى مواقف الرجل لرجل.
لقد ذكرت هذا الأمر عدة مرات سابقة، وهذا ما أكدته إيطاليا الاحد من جديد. إن إسبانيا مثل برشلونة لكنها تفتقد قوة «ميسى». فلو كان النجم الأرجنتينى موجودا بصفوف إسبانيا الاثنين، لانتهت المباراة بنتيجة كارثية بالنسبة لإيطاليا، لو كان «ميسى» موجودا لأحرزت إسبانيا أربعة أو خمسة أو ستة أهداف بسهولة.
كما أن الدفاع الإسبانى كان ضعيفا. لم يكن يلعب بتناغم كبير ولم يكن منظما إلى حد كبير. وهذا ما لاحظته إيطاليا واستغلته لخلق نوع من التوتر فى خط الدفاع الإسبانى.
ومع إدراكها حجم قدراتها جيداً. احتفلت إيطاليا بتعادل الاحد كما لو كان فوزا، أما إسبانيا فقد اعتراها الحزن مع أنه لا يوجد سبب يدعوها لذلك. بل بالعكس من المفروض أن يحتفل الإسبان بأنفسهم.