x

من الفلاحين إلى الرئيس: الحرية عليك والخبز علينا

الأحد 10-06-2012 07:38 | كتب: اخبار |
تصوير : حسام دياب

«عيش حرية عدالة اجتماعية» هذا الشعار لم ينطلق فقط فى شوارع المدن، وسط أبناء الطبقة المتوسطة، لكنه انطلق بقوة أكبر من الفلاحين وأبنائهم، لا تمنعه سوى السماء.

هذه المطالب هى حلم كل فلاح يحلم باليوم الذى يعمل فيه ابنه فى وظيفة يحصل منها على حد الكفاف والحياة الكريمة فى أبسط صورها، قبل الثورة تزايدت أعداد أبناء الفلاحين الذين انضموا إلى طابور البطالة الطويل، والمتيسرون منهم اشتروا الوظائف فى بورصة التعيينات التى وصل سعر أقل وظيفة فيها إلى 20 ألف جنيه يتم دفعها لسماسرة الوظائف.

هكذا يقول إبراهيم برجل، الذى رافقنا إلى عزبة برجل بمحافظة البحيرة، لنلتقى مع مجموعة من الفلاحين الذين جاءونا بعد أن عرفوا أننا نرصد مشاكل فلاحى مصر وآمالهم من الرئيس القادم.

ومع أولى خطواتنا داخل المنزل الصغير الذى يعيش فيه الرجل مع مواشيه، لم تستمر حميمية الترحيب كثيراً بعد أن قطعها مرافقنا قائلاً: «لندخل فى الموضوع ببساطة، لابد من الاهتمام بالتعليم ووضع المدرسة فى القرية فى الدائرة نفسها، والاهتمام بقريتنا فى المدينة، إذ إن الاهتمام بالتعليم فى القرية متدنى ويتم تعيين الحاصلين على دبلومات ومؤهلات متوسطة كمدرسين لأبنائنا وهم لا علاقة لتخصصاتهم بالعملية التعليمية، وكمثال كانت نتيجة امتحانات الشهادة الابتدائية فى مدرسة العزبة «صفر»، بسبب الإمكانيات المتواضعة للناظر والمعلم والمناهج».

وقال شعبان برجل، فلاح من عزبة كينج عثمان: «لابد أن تغطى مظلة التأمين الصحى كل الفلاحين وأن يتم بناء الوحدات الصحية فى كل قرية مراعاة للزيادة فى عدد السكان، فقرية كوم القناطر وهى قرية أم يتبعها أكثر من 30 عزبة ليس بها أو بالقرب منها إلا وحدة صحية واحدة تم إنشاؤها فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر».

التقط طرف الحديث محمد إبراهيم، فلاح من قرية الدراوية قائلاً: «نحن ننكوى كل يوم من نار بنك التنمية والائتمان الزراعى الذى يقتل الفلاح ويستبيح أرضه وبيته، ورسالتنا للرئيس القادم واضحة وصريحة، وعلى بلاطة فلابد أن يتغير نشاط هذا البنك من الطابع التجارى الذى استمر طوال 30 عاماً فى مص دماء الفلاحين، إلى نشاط خدمى يهدف إلى خدمة الزراعة والمزارعين وألا تزيد فوائد القروض الزراعية على 1٪ وفوائد القروض الاستثمارية على 5٪ وأن يتم تقسيط القروض القديمة على 5 سنوات بعد رفع الفائدة وغرامات التأخير».

قاطعه، أسامة محمد، فلاح من قرية أبوحمص، قائلاً: «يعنى أنت نسيت الجمعية الزراعية ماهى كمان بتمص دمنا، طيب البنك وقولنا دى شغلته أنه يكسب فلوس، لكن الجمعية دى بتاعتنا ومن حقنا والنظام اللى ربنا يحرقه حرق قلبنا بالجمعية الزراعية اللى تحولت إلى سوبر ماركت تبيع المبيدات والأسمدة للفلاح بأسعار تزيد فى بعض الأصناف على أسعارها لدى التجار، وتوقفت عن مد الفلاح بالأسمدة والمبيدات بالآجل، ولو مدت الفلاح بأحد الأصناف غالباً ما يكون السبب ركود هذا الصنف وعدم الإقبال وليس لخدمة الفلاح، لذا لابد من اختفاء الطابع التجارى للجمعيات الزراعية والعودة إلى النظام التعاونى الذى أثبت فائدته للمزارعين».

هنا عادت دائرة الحديث مرة أخرى إلى فلاحنا الفصيح «إبراهيم برجل» ليقول: قصة الفلاح مش بس فلوس وأكل وطين وغيط، الفلاح عصب البلد ولابد من وجود جهة أو تنظيم أو نقابة تدافع عن مصالحه وتساعده على حل مشاكله، ونحن نذكر على سبيل المثال المعاناة فى تسويق محصول القطن العام الماضى، إذ تدخلت الجمعيات الزراعية فى وقت متأخر جداً لشراء المحصول بقيمة 1200 جنيه للقنطار، كما قرر وزير الزراعة وقتها، وبعد 4 شهور كاملة سلمت الفلاح ثمن المحصول وتم خصم 70 جنيهاً من ثمن كل قنطار ولم تدفعها إلى الآن، ولو أن الفلاح لديه نقابة قوية أو حزب سياسى أو رابطة أو تنظيم ما، لم يكن أحد يجرؤ على مرمطته كما يحدث الآن».

علت ضحكة تملؤها المرارة فى أرجاء المنزل أطلقها فؤاد فرج، فلاح من قرية الزين، ليقول: «بعدما الجمعية الزراعية ذلت أنفاسنا على فلوس القطن عملوا حاجة غريبة فأثناء تسلمنا لثمن المحصول المنتقص منه وبعد طول تأخير من الجمعيات الزراعية فى السداد، ذهب الفلاح إلى نفس الجمعية لسداد ديونه، ففوجئ بأنها فرضت عليه غرامة تأخير هى نفسها كانت السبب فيه لمدة 4 شهور متواصلة».

وقبيل أن ننطلق إلى الأراضى الزراعية لنرصد عملية جمع محصول القمح استوقفتنا كلمات على كحيل، فلاح من قرية كوم القناطر، الذى قال: «لابد أن يقضى الرئيس القادم على الأمية المرتفعة بين الفلاحين وأبنائهم بعمل جاد وليس دعائياً وإنشاء فصول لمحو الأمية فى كل قرية، مع دعم أسعار المحاصيل الزراعية لتصبح محاصيل مجزية يهتم الفلاح بزراعتها».

ويستكمل رسائل الفلاحين للرئيس رجب زكريا، فلاح من قرية أبوالمطامير، قائلاً: «يجب منع استيراد محاصيل تزرع فى مصر وتحقق شهرة عالمية كالقطن الذى نستورده من أمريكا لما فى ذلك من ظلم للفلاح ودعم لنظيره الأمريكى بسبب العمولات ومكاسب المستوردين التى تتم على حسابنا».

واستكمل غازى غيث، فلاح من قرية المغيتة: «إحنا المبيدات موتتنا ولازم الريس اللى جاى يمنع استيراد المبيدات المسرطنة من إسرائيل، واللى زودت الأمراض وتفشيها بين الشعب ومنع جلب خبراء زراعة من إسرائيل ليعلموا الفلاح أصول الزراعة، رغم أنها حرفته منذ 7 آلاف عام».

ومع أولى خطواتنا خارج منزل «إبراهيم برجل» رفع يده مشيراً إلى أحد الحقول الزراعية التى شوهها عقار مبنى بالطوب الأحمر ليقول: «لابد من التصدى بصرامة وحسم للاعتداءات على الأرض الزراعية وإزالة المبانى والتعديات عليها».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية