«عايزين الريس يعدل بين الناس ويعاملهم زى بعض دون تمييز بين مسلم ومسيحى»، جملة تكررت فى معظم لقاءاتنا داخل قرى الصعيد، رغم تأكيد الناس على عدم وجود خلافات طائفية، لكن المطلب الأول على لسانهم كان ضرورة عدم التمييز.
فى قرية «صنبو» إحدى القرى التابعة لمركز ديروط بمحافظة أسيوط، والتى تعد من أفقر قرى المحافظة سمعنا نفس الطلب، وقد يعود ذلك إلى أن سكان القرية من الأقباط كانوا ضحايا لهجمات الجماعات المتشددة فى التسعينيات، وتعتبر قرية صنبو أقدم بقعة تم تعميرها فى نطاق شمال مراكز محافظة أسيوط وتقع جنوب مركز ديروط وشمال مركز القوصية، ويشاع أن العذراء مريم أطلقت عليها هذا الاسم أثناء زيارتها لمصر، لأن السيد المسيح كان قد بلغ عمر سنة عندما وصلت إليها فسميت «سنة بو»، ويقول المؤرخون فى موسوعة الأقاليم المصرية القديمة إن صنبو قرية فرعونية قديمة سميت بذلك نسبة للأمير «سنبى» رئيس الكهنة فى العصر الفرعونى وكان اسمها «سنبو»، وبها آثار لم يكشف عنها النقاب حتى الآن، وفى عام 1317 تقريبا تحول اسمها إلى صنبو.
وتعتبر القرية من أهم الأماكن فى مركز ديروط حيث يأتى إليها السياح لزيارة كنيسة مار جرجس الأثرية ودير القديس مار مينا ودير القديس تاوضروس المشرقى، ومجموعة من المساجد الأثرية وأشهرها مسجد النجار أبو على ومسجد الشيح حمد، ويوجد بها أحد أقدم المساجد والذى يقال إن من أمر ببنائه هو عمرو بن العاص ويسمى المسجد العمرى.
ورغم عراقة القرية وقدمها فإنها تفتقر إلى جميع الخدمات، فالمنازل قديمة قدم القرية نفسها، والشوارع ضيقة وترابية، والخدمات تكاد تكون منعدمة، وتقول سعدية نظير، سيدة من القرية لديها 4 بنات و5 أولاد، إن الصرف الصحى من أكبر مشاكل القرية وكذلك البطالة، ولا تطلب سعدية من الرئيس المقبل سوى أن يعدل بين الناس ولا يميز بين المسلمين والأقباط، وتقول: «إحنا إخوات مافيش فرق بيننا».
ومثلها طالب رومانى، الرئيس المقبل بعدم التمييز بين المسلم والمسيحى والغنى والفقير.
وعلى باب منزله جلس حسن عبدالجليل، سائق، يدخن الشيشة، ويقول إن شباب القرية «عواطلية» بلا عمل، والوحدة الصحية بلا دكاترة أو ممرضين، والمطافئ على بعد 8 كيلومترات فى مركز ديروط، ولو اشتعلت النيران فى أحد المنازل لن تصل المطافئ إلا بعد تصفيته.
«عايزين رئيس يريحنا».. صرخ عبدالجليل، وهو رب أسرة من 8 أفراد، قائلا: «مستعدين نشتغل ولو فى الصحرا المهم نجيب اللقمة».
ويقول مراد: «رئيس مصر لا ينظر إلا للوجه البحرى، ويعطينا ظهره، عايزين رئيس يمشى بين الناس ويشوف أحوالهم، ويرجع الأمن ويوفر لنا لقمة العيش وأنابيب البوتاجاز».
أما مجدوب زكى، فيقول: «للأسف الصعيد كله خارج نطاق الخدمة، ولا يوجد أحد يهتم بنا، إحنا مش موجودين فى الدولة، ومش محسوبين من أولادها، فى عهد حسنى مبارك شربنا المر، والوضع مش هيختلف مع اللى جاى».