يُعرف أحمد جابر ذو السبعة عشر عاما نفسه كرجل قانون، ليس القانون الذى نعرفه جميعا ويدرسه الطلاب فى كلية الحقوق، إنما قانون أطفال الشوارع، ذلك العالم الذى أدرك قوانينه وتنظيماته حين كان عمره لا يتجاوز السابعة.
غادر أحمد البيت فى عمر مبكر، فبعد انفصال والديه وزواج كل منهما بآخر لم يعد له مكان فى أى من المنزلين، مما دعاه إلى اصطحاب أخيه الذى يصغره بعامين والنزول إلى الشارع ليختبر الكثير من المواقف التى أثرت على نفسيته وأصابته بداء «التأتأة».
بعد الثورة مباشرة، شعر أحمد بأن هناك أملاً كبيراً فى تغيير الأحوال وهو ما دفعه إلى العودة إلى البيت مرة أخرى ليتحمل المطالبات اليومية لوالده بإيجاد أى وسيلة للحصول على المال: «أنا قلت لازم أغير من نفسى وأرجع البيت واستحمل كلام أبويا وأشتغل أى حاجة عشان أجيبله فلوس».
وبعد مضى أكثر من سنة ونصف السنة على الثورة، وصدور حكم ضد مبارك بالمؤبد، بدأ يشعر بأن الأوضاع لم تتغير بأن الرئيس السجين مازال يحكم «مبارك كان لازم ياخد إعدام لإنه أذى أجيال فاتت وأجيال لسه حاتيجى، وهو السبب فى انتشار ظاهرة أطفال الشوارع، لأنه المسؤول الأول عن الفساد والأزمات فى البلد».
«أنا شفت أطفال من كتر اليأس كانوا بينتحروا، واحد رمى نفسه فى النيل والتانى شرب سم فران»، قال أحمد: «إن الأطفال الذين عاشوا فى الشوارع لسنوات تحولوا إلى مجرمين يقودون اليوم الجيل الجديد من أطفال الشوارع»، وأضاف: «الأطفال بيوصلوا لمرحلة إنهم يبقوا أعداء لنفسهم ويحاولون إيذاءها بأشكال مختلفة، سواء بتعاطى المخدرات وبيبقوا مستعدين يتعاملوا مع الحيوانات وميتعاملوش مع البنى آدمين اللى بيخلوهم يبيعوا دمهم وأعضاءهم».
مطالب أحمد تتلخص فى: «أنا كطفل شوارع عاوز حرية وعدالة اجتماعية وعاوز أتعلم وأشتغل وأشيل قرش عشان أعرف أتجوز ويبقى لى مستقبل وكيان، لكن لو فضلت الناس تواجهنى طول عمرى بإنى طفل شارع عمرى ماهعرف أتغير»، ويرى أن الحل الأمثل للأطفال هو جمعهم فى بنايات خاصة وإعطاؤهم مصروفاً يومياً بشرط أن يتم توجيههم من قبل إخصائيين كانوا فى الأصل من أطفال الشوارع.
«أنا أصلا رافض كلمة (أطفال الشوارع)» قال أحمد مطالبا باستبدالها بالأطفال ضحايا النظام أو ضحايا الفساد السياسى وأكد أنه غير مهتم بالانتخابات أو المظاهرات: «لو ولعوا فى البلد أنا مش فارق معايا، البلد دى مبتحبنيش».