«لا أحمد شفيق ولا محمد مرسى يعرف إن فيه بلد اسمها طرة، وفيها بنى آدمين عايشين كأنهم مش فى مصر اللى بنشوفها فى المعادى والأحياء الغنية اللى بنجيب منها أكلنا كل يوم، من أكوام الزبالة». هذا الحديث للشقيقين وليد وجدى «25 عاما»، وجمال وجدى «26 عاما» من سكان طرة، واللذين يعملان منذ أكثر من عشرة أعوام فى جمع القمامة وبيعها لصاحب «فرش» فى طرة البلد، لتكون حصيلة يومهما 50 جنيها، يقتسمانها بالتساوى. «وليد» متزوج منذ أربعة أعوام، ويعول طفلين، ويؤمن بأن صوته لن يفيد، «لأنه مجرد عدد»، لذا لم ولن يخرج للانتخابات، فاليومية التى يحصل عليها هو وشقيقه «أفضل ألف مرة من الجرى وراهم»، يقصد المرشحين، سواء فى الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية الحالية. يرى «جمال» أنه لولا خيرات القمامة لما استطاع أن يتزوج، «اتجوزت وخلفت عيل، أربيه من شغلى، أحسن من المرمطة فى الشوارع، لحد ما ألاقى وظيفة نضيفة، ولو بـ700 جنيه فى الشهر». على الرغم من البؤس والشقاء الذى يحفر تقاسيم وجهيهما، يعشش فى صدرى الشقيقين أمل كبير بإمكانية الحصول على وظيفة بدبلومى التجارة والصنايع اللذين يحملان شهادتيهما، ولو فى هيئة تجميل ونظافة القاهرة، «والله لو فيه حد فى الهيئة بيفهم، ليطلع من الزبالة دهب لمصر». ويشرح «وليد» هذا الافتراض بأنهم يبيعون حمولة السيارة الـ«نص نقل» بخمسين جنيها (الكيلو بعشرة قروش)، لأن السيارة مملوكة لصاحب «الفرش»، فإذا كانت ملكهما يتضاعف السعر، وبعد تفريغها تخضع للفرز والتوزيع، لتباع حسب الصنف لمصانع الورق، والكرتون، والبلاستيك، ومنها ما يتم تصديره. يشكو الشقيقان من صعوبة العيش فى طرة البلد، حيث لا تصلها مياه الشرب إلا يوما واحدا فى الأسبوع، «وطبعا الميه موجودة باستمرار فى سجن المزرعة، لأن الحكومة ما تعرفشى إن فيه بلد اسمها طرة، هم يعرفوا إنها سجن ومصنع أسمنت بس»، بينما وصف المحمدى عبدالمقصود النائب البرلمانى عن دائرة حلوان التى تضم طرة، المكان: «طرة البلد ليست منطقة عشوائية بالمعنى الشائع للكلمة، لكنها تأتى ضمن منطقة تعرضت لظلم كبير على أيدى النظام السابق، بسبب التلوث البيئى الذى جعل نحو نصف سكانها مصابين بالأمراض الصدرية والأورام السرطانية، والنصف الآخر معرض للإصابة أيضا بهما»، بل يؤكد «المحمدى» أن طرة يسكنها كبار تجار المحاجر، «معظمهم أثرياء»، أما الفقراء فقد دخلوها أخيرا بحثا عن الأعمال الهامشية، وعلى الرغم من ذلك فهناك مخطط حضرى سوف يشمل منطقة حلوان كلها بإعادتها كمحافظة مرة أخرى.