x

ولو أن الشوق موجود تركت حبيبتى الرومانية

الجمعة 08-01-2010 00:00 |

«أنا» أوائل العشرينيات من عمرى.. «هى» تقريبا من نفس سنى.. رأيتها أول مرة فى الأتوبيس وأنا فى طريقى إلى سيوة.. لم يشغلنى حينها سوى طريقة أتعرف بها عليها.. وبعد طول تفكير توقفت الحافلة فى استراحة بمنتصف الطريق.. كان معها شاب و3 فتيات.. نزل الشاب إلى الكافتيريا فأسرعت ونزلت وراءه وساعدنى الحظ لأتعرف عليه، وأخبرنى أنهم من رومانيا.. وعندما عدنا للحافلة ذهبت إليه مع شلته لأتحدث معه فى أى شىء..

وبمجرد أن وقعت عينى فى عينها ارتبكت ولم أستطع تكملة الحوار وعدت إلى مقعدى.. وظللت مكتفياً بمراقبتها حتى وصلنا.. ولكنها أخبرتنى بعد ذلك أنها فى ذلك الوقت كانت تفكر كيف تتعرف علىّ، لدرجة أنها قررت أن تذهب لتجلس بجوارى ولكن منعتها صديقتها، لأنهم ليسوا فى رومانيا وسأفهمها غلط لأن ثقافتنا مختلفة.

وعندما وصلنا دعوتهم للعشاء فى الفندق الذى كنت فيه.. تقابلنا فى المساء وتحدثنا عن مصر ورومانيا وعن نفسى وعنها.. ولكن كان أكثر شىء إيلاما لى عندما قالت لى: إن مصر جميلة ولكنى لا أستطيع أن أبقى هنا أكثر من ذلك.. لدرجة أنى لا أستطيع المشى فى الشارع، فمعظم الرجل يعاكسوننى، والباقى يكتفى بالنظر إلى جسمى كله بشكل خال من الاحترام وعندما أتعرف على أحد يلمح إلى بإنجليزية ركيكة أنه يريد منى ماهو أكثر!

اعتذرت لها وأخبرتها أننا مجتمع ثقافته مختلفة، وقد يحدث مثل هذه الأشياء لأنك مختلفة عنه والمختلف دائما يجذب العيون- وإن كنت غير مقتنع بردى عليها ولكن لم أكن أملك ردا غيره- واتفقنا أن نتقابل فى اليوم التالى لنزور معبد الإسكندر الأكبر.

انجذبت لها بسرعة وكنت أستعجل الوقت حتى يأتى الغد سريعا لأقابلها .. تقابلنا عند معبد الإسكندر، وكنت معجباً بانبهارها بالآثار المصرية وجنونها بتصوير كل شىء.. ثم انتقلنا معا إلى عين كليوباترا وهناك وبدون مقدمات سألتنى: هل من الممكن أن تتزوج من بنت غير عذراء؟! لم أتعجب من سؤالها لأننا تكلمنا فى مواضيع كثيرة وبصراحة، ولكنى تعجبت من ردى السريع: «لا» قلتها دون تردد وبعد انقضاء اليوم دعتنى لأذهب معهم إلى الصحراء.. فوافقت.

هناك انبهرت أكثر عندما وجدتها تتحدث مع كل شخص بلغته.. فكانت تتحدث الرومانية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية وقليل من العربية.. قالت لى إنها لكى تتخرج من المدرسة يجب إتقان لغتين غير اللغة الأم.. ولكنها تعلمت 4 لغات. فى المساء كانت تجالس أحد أصدقائها عندما هم بالانصراف حضنها ثم قبلها، أوجعنى المشهد وأدركت أننى وقعت فى حبها، لم أظهر لها عواطفى وأخذت أتحدث إليها فى كل شىء وأى شىء.. فهى تحولت إلى المؤنس الوحيد فى رحلتى حتى نهايتها .

عدت إلى القاهرة وأنا متيم بها، وتمنيت أن تكون حياتى كلها كتلك الرحلة.. أعجبت بكل ما تفعله.. جرأتها.. ثقافتها.. حنيتها.. صراحتها.. تكررت المقابلات حتى أصبحت جزءاً من برنامجى اليومى. كانت تصرفاتها غريبة بالنسبة لى، عندما ندخل مطعم كانت ترفض أن أحاسب بالنيابة عنها وتصر مهما حاولت أن أشرح أن الذوق يحتم أن يحاسب الرجل، كانت ترد بسخرية بأن بنات مصر يستغلون الأولاد..

وتصر على أن تدفع لنفسها.. وعندما أحضر لها هدية كانت فى اليوم التالى تحضر لىهدية بنفس القيمة تقريبا.. كانت لا تعترض أبدا على أى شىء.. معظم جملها تنتهى بكلمة «كما تحب» أو «ليس عندى مانع» أو «اختار أنت» مواقف كثيرة كلها أدهشتنى حتى صارحتها فى يوم بأنى وقعت فى حبها فقالت بسرعة «زين» أى

«وبعدين».

لم أكن أملك ردا.. وهى لم تكن تنتظره وقالت لى: «لن أقول لك إنى لا أحبك.. ولكننا لا يمكن أن نكون أكثر من ذلك.. أنت تحب كى تتزوج.. وأنا أحب كى أحب.. ثانيا أنا لا أحب فكرة الزواج.. ثالثا أنت لن تتزوج بنت ليست عذراء وأنا لست عذراء، لا أريد أن أخرجك من حلمك سريعا.. ولكنى أفضل أن أخبرك الآن... لقد تحدثنا فى كل شىء عدا ميعاد سفرى.. أعذرنى لأنى من المفترض أن أغادر مصر نهاية الشهر الحالى.. فأنت كما تعلم لا أطيق أن أبقى هنا أكثر من ذلك».

لم أرها منذ ذلك الحين، ولكننى دائما أتذكرها بحنين وأقول لنفسى: «فى كل الأحوال الحكاية شكلها مش هينفع!».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية