يرى خبراء أن مذبحة «الحولة» أشعلت غضب العالم، لكن من غير المرجح أن تنهى الموقف المتأزم منذ عام فى مجلس الأمن بين روسيا والصين حلفاء دمشق والقوى الغربية التى تدعو إلى الإطاحة بالرئيس السورى بشار الأسد.
ويقول ديفيد بوسكو، الأستاذ فى الجامعة الأمريكية فى واشنطن: إن الأزمة التى يشهدها المجلس ستظل قائمة مادام الأسد قادرا على تفادى جهود الإطاحة بحكومته.
وقال: «من المرجح ألا تتبدل أوضاع المجلس قبل تبدل الأوضاع فى الصراع السورى ذاته، ما دامت أمام الحكومة فرصة معقولة فى التمسك بالسلطة، أتوقع من روسيا والصين أن تعارض اتخاذ إجراءات مشددة لإضعاف سلطة النظام».
إذ إن موسكو لا تعتبر أن مذبحة الحولة ستغير قواعد اللعبة أو موقفها المساند للأسد، رغم ما تتعرض له موسكو وبكين فى مجلس الأمن من ضغوط لتغيير موقفيهما، فإنه لا بديل أمام الغرب فى الوقت الحالى سوى دعم خطة المبعوث الدولى العربى كوفى أنان.
وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية إن العامل الحاسم فى إمكانية بحث الخيار العسكرى هو موقف الرئيس باراك أوباما الذى سيخوض انتخابات الرئاسة المقبلة أمام منافسه الجمهورى ميت رومنى، وأن «الهدف الرئيسى لأوباما هو تجاوز الانتخابات دون الاضطرار مرة أخرى لاستخدام القوة العسكرية الأمريكية، واتهمت أوباما بأنه يتبع الأمم المتحدة، «التى أصبحت متواطئة مع الأسد».
حاولت الصحيفة أن تصور أوباما على أنه جبان ووجهت إليه سؤالا صريحا وهو: إلى متى سيظل هذا الرجل الذى يجلس فى البيت الأبيض على تردده؟ نعم، إنها أجواء المعركة الانتخابية.
وهناك مخاوف فى واشنطن من أن تدخل أمريكا عش دبابير إذا قررت التدخل عسكريا فى سوريا، وأن يكون لهذا التدخل تداعيات لا يمكن تقديرها، لأن سوريا «لاعب كبير» ونظرا لعلاقتها القوية بإيران وحزب الله.
وتقول الصحيفة إن دخول أمريكا فى حرب جديدة فى الشرق الأوسط المتفجر يمثل كابوسا لأى رئيس أمريكى، وتأكيدا لهذا الموقف رفض وزير الدفاع الأمريكى ليون بانيتا مؤخرا التدخل وقال: «لابد أن ندرك أن التدخل العسكرى سيزيد الوضع المتوتر توترا ومن شأنه أن يعرض المزيد من المدنيين للخطر».
ورغم أن رئيس أركان الجيش الأمريكى مارتن ديمبسى طرح خيار شن عمليات عسكرية، فإن الخيارات الممكنة تتمثل فى مراقبة الطرق البحرية وفرض مناطق حظر طيران وشن غارات جوية محدودة، ولكن تنفيذ تلك الخيارات يتطلب إجراءات معقدة، منها إقامة ممرات إنسانية، واستخدام قوات برية وهو ما استبعدته الولايات المتحدة فى ليبيا، كما أن الجنرال ديمبسى حذر من فرض مناطق لحظر الطيران قائلا إن ذلك سيتطلب عددا كبيرا من المقاتلات الجوية، وأنه لا يمكن الاستهانة بسلاح الدفاع الجوى السورى وأنه أقوى 5 مرات مما كانت عليه الدفاعات الليبية، مما يعنى عدم إمكانية استبعاد وقوع ضحايا بين الطيارين الأمريكيين.
وتزويد المعارضة السورية بأسلحة مشكلة، حيث هناك خطر من أن تقع الأسلحة فى أيد خاطئة مثل القاعدة، يعطى الأسد ذريعة للتعامل بوحشية أكبر مع شعبه.
وفى المقابل، يستغل الجمهوريون الأزمة السورية لمصلحتهم فى السباق الانتخابى وطالب السيناتور جون ماكين، بتوفير الأسلحة للمعارضة، بينما قال رومنى: منذ عام ونصف من المجازر، حان الوقت للولايات المتحدة لتأخذ زمام المبادرة ووضع حد لنظام الأسد.ومن ثم تظل خيارات التدخل العسكرى فى سوريا رهينة التوافق الدولى والموقفين الروسى والصينى والانتخابات الأمريكية.