x

القاضى.. الأمين على صناديق الأصوات ولا صوت له

الجمعة 25-05-2012 02:27 | كتب: ولاء نبيل |
تصوير : other

بخطى ثابتة غادر المستشار عبدالظاهر الجرف، رئيس محكمة جنايات القاهرة، منزله فى ساعة مبكرة من صباح اليوم الأول لانتخابات الرئاسة، متجها نحو لجنته الانتخابية فى مدرسة «عبدالعزيز السيد» بمدينة نصر.

الخطوات التى كان يخطوها «الجرف» نحو المدرسة لم تكن تقربه فقط من لجنته الانتخابية، بل كانت تقربه أيضاً من رسم الملامح النهائية لمستقبل مصر، حيث صندوق الانتخاب، الذى سيعلن لأول مرة وبشفافية عن أول رئيس لمصر بعد ثورتها المجيدة.

عقارب الساعة تشير إلى الثامنة إلا الربع، اجتمع «الجرف» مع موظفى اللجنة الانتخابية، وعددهم 6 موظفين، وبدأ فى توزيع كشوف أسماء الناخبين عليهم لتجنب الزحام، خاصة أن لجنته الانتخابية تضم قرابة 4 آلاف و600 صوت، وبدأ فى فتح مظاريف بطاقات التصويت. أنهى «الجرف» تعليماته للمتواجدين معه فى اللجنة رقم 57، ثم قام بتحرير محضر الافتتاح، ليبدأ فى إشرافه على أول عملية تصويت داخل لجنته الانتخابية فى تمام الساعة الثامنة والنصف بقوله: «بسم الله الرحمن الرحيم توكلنا على الله».

واحداً من جيل شباب الثورة كان أول من طرق باب لجنة المستشار «الجرف» للإدلاء بصوته، وكان ناخبا ومندوبا فى ذات الوقت لأحد المرشحين، بعد أن أظهر التوكيل للمستشار وبطاقة رقمه القومى. عقارب الساعة تشير إلى التاسعة صباحاً، تسلم المستشار «الجرف» كشفاً آخر للناخبين، لكنه هذه المرة كشف بأسماء المستبعدين من الانتخاب، وكان عددهم عشرة، موزعين بينه وبين اللجنة رقم 55 المجاورة له. بعدها ببضع دقائق دخل اللجنة رجل مسن، يبحث عن اسمه فى كشوف الناخبين، لكنه لم يجده، فتوجه على الفور لـ«الجرف»، وطلب منه أن يترك لجنته وأن يبحث له عن اسمه فى كشوف اللجان المجاورة، قائلا له: «اتصرف»، فابتسم له «الجرف»، وأكد له أنه لا يمكنه ترك اللجنة لأى سبب من الأسباب، كما أن دوره فى العملية الانتخابية لا يسمح له بالبحث عن أسماء الناخبين فى الكشوف، لكن المسن لم يقتنع بذلك، وأخذ يؤكد للقاضى أنه كان موظفا بدرجة مدير عام، وأن القاضى لابد أن يتولى بنفسه البحث عن اسمه فى الكشوف الانتخابية، الأمر الذى استدعى تدخل موظفى اللجنة، لإقناع الشيخ المسن بأن المستشار ليس من دوره القيام بذلك. اقتنع الناخب بعد دقائق من الجدل المستمر، وتقدم باعتذاره للقاضى، وخرج من باب اللجنة، للبحث عن اسمه فى لجنة أخرى، لكن «الجرف» فوجئ بعد خروج الناخب بعودته مرة أخرى للجنة، لتقديم الاعتذار مرة أخرى للقاضى.

مرت الساعة الثانية عشرة ظهراً، وزاد توافد الناخبين على اللجان ومرت الساعات، التى اختلس منها «الجرف» بضع دقائق، لأداء فروض الصلاة فى قلب اللجنة، مستعينا بسجادة الصلاة، التى اصطحبها معه من المنزل لهذا الغرض.

ثلاثة أميين ومعاق توافدوا على لجنة «الجرف» للإدلاء بأصواتهم، وهو ما استدعى تدخله، لمساعدتهم فى الإدلاء بأصواتهم، فكان يسأل كل أمى عن اسم المرشح ورمزه الذى يرغب فى انتخابه، وكان يشير له بأصبعه إلى مكان الرمز، كى يعلم أمامه الناخب.

وفى محاولة منه لاستعادة لياقة موظفى اللجنة ومندوبى المرشحين، داعب «الجرف» المتواجدين معه، بعد أن طلب منهم أن يختاروا واحداً منهم، كى يذهب لإحضار وجبة غداء لهم، فى حين فضل كعادته تناول المكسرات والحلوى التى جاء بها من منزله مع فنجان قهوة.

بدأ «الجرف» والعاملون معه إعداد أنفسهم لانتهاء العملية الانتخابية بحلول السابعة والنصف مساء، إلا أن مندوبى المرشحين أجروا عدة اتصالات بذويهم، ليعرفوا منهم مد موعد الانتخابات حتى التاسعة مساء، قبل أن يخطر ضابط الجيش مستشار اللجنة بتلك المعلومة. وأكد «الجرف» أن مد موعد الانتخابات زاد من حماس المواطنين للتوافد على اللجنة، التى أنهت عملها فى تمام الساعة التاسعة والنصف، وذلك بسبب تواجد نحو 12 ناخباً داخل حيز اللجنة الانتخابية، الأمر الذى أجبرهم على الاستمرار حتى الانتهاء من تصويت هؤلاء. بعدها أشرف «الجرف» على غلق الصندوق بنحو 5 أقفال بلاستيكية لا يمكن فتحها إلا بكسرها، مدونة عليها أرقام محددة مسجلة فى محضر الغلق، قبل أن يسلم الصندوق لضابط الجيش، المسؤول عن التأمين والحراسة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية