«تحت ضل شجرة» فى قلب صينية ميدان التحرير.. كان جالسا بالامس.. يحمل ورقة وقلمين «رصاص وحبر».. يكتب شعرا.. «أنا مش قاعد كده زى التور ما تشوفوا لنا يا ناس دستور».
تقترب منه.. دون أن تسأل.. يقول لك: «أنا اسمى صبرى الوردانى سليم مراد محمد.. من بربا.. فى جرجا سوهاج.. عندى 52 سنة.. وشغال هنا نجار مسلح.. أقسم بالله من شهور ما اشتغلت.. لكن قاعد هنا فى ميدان التحرير من زمان».
تعرف - صبرى يتحدث - «أنا ماينفعش اصوت.. أنا ماليش صوت فى البلد دى.. صوتى هناك فى الصعيد لكن أسافر إزاى.. وأعمل إيه.. كان حق لجنة انتخابات الرئاسة تعمل لنا لجنة مغتربين.. لكن نفس الخطأ حصل فى انتخابات مجلس الشعب.. وصوتى كان لنفسى».
«أيوه.. أنا دخلت مدارس وطلعت وأنا فى الابتدائى.. بعد ما أبويا الله يرحمه مات.. مات محسور بعد ما جمال عبدالناصر مات سنة 1970.. هو كان بيحب عبدالناصر وابن خالته كان سواق الريس وكان قريب منهم وبيسمع حاجات عن أبوخالد».
«بصراحة إحنا أسرة بتحب السياسة.. أبويا كان عايش فى عابدين.. بس أنا رجعت سوهاج.. واتجوزت هناك وعندى 6 أولاد.. جدى كمان سليم مراد.. الله يرحمه مات فى ثورة 19 برصاص الإنجليز.. وأنا لما قامت الثورة هنا فى يناير قبل اللى فات قلت آجى وأشارك.. وجيت.. بس والله نفسى البلد ينصلح حالها».
صبرى لحيته طويلة.. لكنه ليس سلفيا أو «إخوان».. عاش فى العراق والأدرن من عام 1985 إلى 2004.. ليبحث عن فرصة عمل ويوفر حياة كريمة لأولاده وأسرته.. الأولاد 6 أكبرهم 26 سنة.. مزارع فى قرية بربا.. ويتحدث صبرى عن بلدته بأنها نموذجية وكبيرة.. وجرجا كانت هى عاصمة سوهاج فى يوم من الأيام وكانوا بيسموها «مديرية جرجا».. تجلس طويلا إلى جوار صبرى.. لا ترى ابتسامته.. تطالع فقط دخان سيجارته يغطى الوجه.