اختار مروان شاهين مراسل صحيفة ليبراسيون الفرنسية سائقاً للتاكسى يدعى كريم لينقل من خلاله ما اعتبره التباساً يعانيه المصريون مع اقتراب لحظة الانتخابات الرئاسية. سائق التاكسى هذا ضربه الحنين إلى أيام مبارك: «كان على حق حين قال: أنا أو الفوضى»، ويتطلع إلى أمر واحد: «العودة إلى النظام»، يقول وهو ينظر إلى مجموعة من شباب الثوار «أيدت الثورة لكن الآن أترحم على زمن مبارك، الدولة لم تتقدم وأنا فى حاجة لإطعام عائلتى».
لا نعلم لماذا ركز شاهين على مصدر من هذه العينة، ربما لأنه أراد أن يؤكد ما ذهب إليه فى بداية قصته الخبرية (ليبراسيون عدد 17 مايو الجارى) من أن الوضع السياسى فى مصر يشبه تماماً حركة المرور فى شوارع القاهرة: اختناق، سائقون يريدون أخذ مكانهم بأى ثمن، وفى النهاية يوجد عدد لا بأس به من الحوادث. إذن، هو يتكلم عن الفوضى. فوضى جعلت 50% من الناخبين المصريين، حسبه، فى حالة حيرة فهم لم يستقروا بعد على رأى واضح فيمن سيختارونه رئيساً لهم. وهنا تحديداً يذكر مراسل الصحيفة عمرو موسى وعبدالمنعم المفتوح. موسى يبدو، كما كتب، أنه يستحوذ على نسبة 20 إلى 40% من النوايا الانتخابية والآخر أبوالفتوح هو الأقرب له فى المنافسة هو الذى يجتهد ليكون معبراً عن مختلف قوى الثورة المصرية من السلفيين إلى الليبراليين. ويشير شاهين إلى أن الوضع يثير القلق خاصة أن الرئيس المنتخب ربما سيحكم بلا دستور ولا أحد يعلم حتى الآن هل سيكون الحكم رئاسياً أم برلمانياً. يكتب: «بعد عام ونصف من سقوط حسنى مبارك لا يوجد أى اتفاق فى أى مجال سياسى حيث الكل يلعب بورقه الخاص». ويبدو حضور سائق التاكسى طاغياً فى سياق القصة الخبرية، يكتب شاهين: يرى رب العائلة الشاب هذا أن الجميع مسؤول عن الوضع الحالى: الجيش والإخوان «اللذين لا يبحثان إلا عن مصلحتهما الخاصة»، والسلفيون والثوار «اللذين يثوران لأجل لا شىء». ويواصل: كريم واحد من الـ50% من هؤلاء الناخبين الذين لم يستقروا على رأى بعد. ثم ينقل على لسانه: «كنت سأنتخب عمر سليمان لو كان موجوداً فهو رجل قوى. الآن أنا متردد بين موسى وأبو الفتوح. الأول له (خبرة سياسية)، والثانى أقدر صرامته فى مواجهة إسرائيل».
ويعلق الصحفى على رأى كريم فيعتبره غريباً عن التوجه السائد بين خبراء السياسة فى مصر الذين قسموا حياتها السياسية الحالية بين الثوريين ومن هم ضد الثورة أو بين ليبراليين وإسلاميين. ثم يختم مراسل ليبراسيون فى القاهرة قصته بدس رأى آخر لمن وصفه بالباحث الشاب الجالس على أحد المقاهى حيث يحتدم النقاش حول انتخابات الرئاسة: «هى الفوضى، لا أحد يعلم جيداً إلى أين تسير الأمور ولا ماذا سيحدث، لكن على الأقل أصبح الجميع يتكلم فى السياسة».