اختلف الفقهاء الدستوريون حول أهمية الإعلان الدستورى المكمل، ففى الوقت الذى رأى بعضهم أنه ضرورة لابد منه، لتنظيم سلطات رئيس الجمهورية المقبل، اعتبره الآخرون غير ضرورى، وأنه سيتسبب فى إيجاد إشكاليات كبيرة، حتى إنه قد يصنع «مبارك» جديداً، فى حالة إحيائه لبنود دستور 71.
قال الدكتور محمد نور فرحات، الفقيه الدستورى: «صدور إعلان دستورى مكمل يعتبر أمراً ضرورياً، لأن الرئيس الجديد الذى سيتم انتخابه خلال الأيام القليلة المقبلة، سيمارس الحكم وفقا للقواعد الدستورية النافذة حالياً، والمتمثلة فى الإعلان الدستورى وتعديلاته، وهى لا تكفى».
وأضاف: «المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى طريقه إلى إعلان دستورى تكميلياً فلعله من المناسب أن يتضمن هذا الإعلان نصاً تكميلياً للمادة 60 من الإعلان الدستورى، يحدد فيها معايير وإجراءات وضع الدستور، بالإضافة إلى وضع 3 تعديلات مهمة، وهى: إضافة نص يتيح لرئيس الجمهورية استفتاء الشعب، لحل البرلمان، وإضافة نص يقرر حق مجلس الشعب فى سحب الثقة من الحكومة بعد الاستجواب، بالإضافة إلى تنظيم حق اعتراض رئيس الجمهورية على التشريعات التى يصدرها مجلس الشعب، بأن تعتبر هذه التشريعات نافذة إذا اعترض عليها الرئيس وردها إلى المجلس وأجازها المجلس بأغلبية الثلثين.
ولفت «فرحات» إلى أن اختصاصات رئيس الجمهورية فى دستور 71 تم نقلها إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، فى الإعلان الدستورى المستفتى عليه فى 19 مارس، حيث وردت فى المادة 56 من الإعلان الدستورى، مؤكداً على أن الاختصاصات فى تلك المادة تكفى مؤقتاً ليباشر رئيس الجمهورية عمله، لحين وضع دستور جديد يليق بدولة مصر.
واتفق معه الدكتور رمضان بطيخ، أستاذ القانون الدستورى بجامعة عين شمس، الذى قال: إن الإعلان الدستورى المكمل سيكون من شأنه تعديل المادة 56 الخاصة بتحديد صلاحيات رئيس الجمهورية بما يتناسب والوضع الجديد، مضيفاً أنه يعتبر المخرج القانونى لتجاوز أزمة اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية واقتراب تولى رئيس جمهورية إدارة البلاد دون وجود مهام وصلاحيات محددة له فى ظل تأخر وضع الدستور الجديد.
بينما قال الدكتور حسام عيسى، أستاذ القانون الدستورى، من حق المجلس العسكرى صياغة إعلان الدستورى، لما يملكه من سلطة، وفقاً لما يرتئيه فى تحقيق مصالح البلاد، لافتا إلى أن الإعلان الدستورى المكمل ضرورة يحتمها الوضع الراهن، لأنه لا يمكن انتخاب رئيس للجمهورية دون أن نحدد له صلاحيات واضحة يكون قادراً من خلالها على إدارة البلاد، وليس من المعقول الانتظار لحين صدور الدستور الجديد لمعرفة صلاحيات الرئيس، متسائلاً: «فماذا لو استغرق وضع الدستور الجديد عامين».
أما الدكتور جابر نصار، أستاذ القانون الدستورى، قال: إن إصدار المجلس العسكرى إعلاناً دستورياً مكملاً، يعد خطوة خطيرة، لأنه يعد وسيلة للالتفاف على وضع دستور للبلاد، لافتاً إلى أن الإعلان الدستورى المكمل، ما هو إلا خطوة لعمل دستور مؤقت، ويؤدى إلى إيجاد إشكاليات كثيرة جداً وعدم نقل السلطة بصورة فعلية، وهو ما سيعطل عمل دستور جديد للبلاد، خاصة فى ظل تمتع الرئيس الجديد بنفس صلاحيات الرئيس المخلوع، وفقاً للصلاحيات المتاحة له فى دستور 71، التى ستضعنا فى موقف بالغ الخطورة، واصفاً عودة اختصاصات رئيس الجمهورية وفقاً له بالكارثة التى يجب منعها، لأنها ستصنع لنا نموذج «مبارك» جديداً.
وأضاف «الإعلان الدستورى الذى تم الاستفتاء عليه فى 19 مارس، يكفينا للخروج من المرحلة الانتقالية التى نعيشها، مؤكدا أن سلطات الرئيس المنتخب، تكفلها وتنظمها المادة 25 والمادة 61 من الإعلان، وأنه لا حاجة إلى إعلان دستورى مكمل.
واتفق معه الدكتور ثروت بدوى، الفقيه الدستورى، الذى قال: إن إعلان المجلس العسكرى عن إعلان دستورى مكمل قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة يحدد من اختصاصات رئيس الجمهورية غير جائز، وإنه يجب وضع دستور جديد كامل، وفقاً للإرادة الشعبية الحقيقية قبل انتخاب البرلمان أو رئيس الجمهورية، قائلاً «كفانا عبثاً».
ويكفينا عام ونصف العام من إعلانات وقرارات متضاربة أدت إلى كوارث متلاحقة، وعلينا أن نصدر دستوراً جديداً يحقق أهداف ثورة يناير العظيمة فى الديمقراطية والحرية وسيادة القانون ويخلصنا من مفاسد النظام السابق، فما نحن فيه من أوضاع لا يحتمل أى ترقيع أو تعديل أو إضافة، مشدداً على ضرورة انسحاب المجلس العسكرى إلى ثكناته «كفاية سنة ونص ضيع فيها البلد» - على حد وصفه.
من جانبه، قال الدكتور نبيل سالم، أستاذ القانون الجنائى جامعة عين شمس، إنه لا يجوز للمجلس العسكرى أو غيره أن يحدد سلفاً اختصاصات رئيس الجمهورية القادم، لأن ذلك فصل جزء من كل، وهو الدستور، مشيراً إلى أنه يجب أن نكف عن مثل هذه الإعلانات الدستورية التى كانت سبباً فى التخبط الذى تعيشه مصر فى هذه المرحلة الدقيقة من حياتها.