x

«المصري اليوم» في «أبو دباب».. بين جمال الطبيعة وهيبة الجبال

الأحد 06-05-2012 23:32 | كتب: لبنى صلاح الدين, أميرة صالح |
تصوير : نمير جلال

بعد أن تتمتع عيناك بجمال مياة البحر الأحمر في مرسى علم والتي لا يضاهي لونها الأزرق أي مكان آخر،  وفي طريق القصير وتحديداً عند الكيلو ١٠٠ تخرج من الطريق الرئيسي لتدخل وسط الجبال حيث الطريق إلى شركة «تنتالم إيجيبت»، وهي الشركة العربية الاسترالية، صاحبة حق امتياز التنقيب واستغلال الثروات المعدنية في منطقة «أبو دباب» بمدينة مرسي علم.

تمر الفترة التي تقطعها السيارة في هذا الطريق وكأنها دهر كامل.. ينتابك شعور مخيف بأن المدق الذي تسير فيه ليس له نهاية، إلا أنك تفاجأ مع وصولك إلى موقع عمل الشركة بأن ساعة يدك لم تتجاوز الـ٢٠ دقيقة عن توقيت خروجك من الطريق الرئيسي.

قد يكون السبب فى الإحساس بطول الوقت هو السكون المخيف والمهيب لمنظر الجبال من حولك التي لا تعكس أي شكل من أشكال الحركة، حتى إن اصفرار الشجيرات البرية القليلة أسفلها يؤكد الإحساس بتوقف دورة الحياة في تلك المنطقة ولا ينفيه.

وسط هذا «الموت الإكلينيكى للطبيعة»، يحيا ١٠٠ عامل مصري ما بين مهندس وجيولوجي وسائق وفني ماكينات داخل موقع الشركة، التي تساهم فيها هيئة الثروة المعدنية بنسبة ٥٠% مقابل ٥٠% لشركة جيبس لاند الأسترالية.

وتختص شركة «تنتالم» إيجيبت التي حصلت على عقد استغلال المنطقة في ٢٠٠٧ لاستخراج واستغلال خام التنتالم، وهو خام نادر يستخدم في صناعة محركات الصواريخ والطائرات ويدخل في أجهزة التليفون المحمول والكومبيوتر.

 ويعتبر منجم «التنتالم» بمنطقة أبودباب الثالث على مستوى العالم من حيث الاحتياطي، كما أن الشركة لديها حق استغلال خامات معدنية أخرى، منها الفلسبار والقصدير، والتي بدأت بالفعل مراحل انتاج هذا الأخير، ومن المنتظر بدء تصديره نهاية الشهر الجاري من ميناء العين السخنة.

بوصول محررتي «المصري اليوم» إلى موقع عمل الشركة، بمنطقة أبودباب في قلب صحراء مرسى علم، وجدوا أن الموقع مقسم إلى ٣ أجزاء تتوزع فيها مراحل إنتاج خام القصدير، تبدأ عند أسفل جبل أبودباب، أو كما يطلق عليه الجيولوجيون «الوادي»، وهو وادي صخري، تبدأ من عنده مراحل الإنتاج الأولى، حيث تقوم كراكات برفع التربة التي سجلت احتمالات عالية في تركيزات ثاني أكسيد القصدير بها، والتي تم تحديدها من خلال الآبار التي حفرتها الشركة في المنطقة خلال عدة أشهر قبل الانتاج.

بعد ذلك، تقوم الناقلات بنقل المواد التي تم رفعها من الوادي إلى كسارة عملاقة على بعد بضعة كيلومترات، تم اختيار موقعها بعد تحديد اتجاه الرياح ليحمل سحب الغبار الكثيفة التي تولدها عملية تفتيت التربة المنقولة من الوادي داخل الكسارة، وتحويلها إلى ثلاثة أحجام، أكثر من ١٢.٥ملي، وأكثرمن ٦ ملى، وأقل من الـ 6 ملي، والأخيران هما اللذان يتم التعامل معهما في مراحل الإنتاج التالية، بينما يتم إعادة الأحجام التي تزيد على الـ١٢.٥ ملى، مرة أخرى إلى أرض الوادي لردم الفراغات التي أحدثتها الكراكات لعدم تشويه طبيعة المكان.

أما الأحجام أقل من ٦ ملي، فيتم نقلها إلى مرحلة الغسيل، والتي تتم من خلال ماكينة تضخ ماء به نسبة ملوحة قليلة لغسل التربة المحملة بثاني أكسيد القصدير، ثم تتم تصفيتها في مصفاة ملحقة بالماكينة ويتم رفعها بعد ذلك من المصفاة لتجفيفها، تمهيدا لنقلها إلى آخر مرحلة للفصل النهائي لخام القصدير.

ويُلاحظ أن جميع مراحل الانتاج لا تعتمد بشكل كلي على الآلة، وإنما دائما هناك تدخل يدوي في التعامل مع الخام.

بجوار ماكينات غسل التربة، تتوزع ٤ أحواض مائية، ويتم تمرير المياة المستخدمة في عملية الغسيل على الأحواض لإعادة تدويرها وإزالة الشوائب العالقة بها وإدخالها على ماكينات الغسيل مرة أخرى.

وعلى الرغم من ضخامة حجم الصخور التي يتم رفعها من الوادي، وما تنتجه الآلات من كميات هائلة من الغبار بالدرجة التي تجبر العاملين على ارتداء كمامات وقاية، يتم تغييرها في بعض الأحيان كل عدة ساعات لانسدادها، إلا أن نسبة خام القصدير المستخرجة من تلك الأطنان من الصخور في نهاية اليوم لا تتجاوز عدة كيلو جرامات، يتم تجميعها لنقلها إلى المرحلة النهائية للإنتاج في المنطقة الحرة، التي تخضع لإشراف هيئة الاستثمار، والتي يتم فيها إدخال الخام على مرحلة غسيل أخرى لتنقيته من جميع الشوائب ثم تعبئته في عبوات التصدير ووزنه وشحنه إلى الميناء.

وبحسب جون ستيوارت، المدير التنفيذى للموقع، فإن الشركة ستقوم بإنتاج نحو ١٢٠٠ طن من القصدير على ١٨ شهرا، ويتوقع «ستيوارت» أن يصل الانتاج في الشهر الأول، وهو مايو  الجاري، نحو ٢٠ طناً، موضحا أن سعر طن القصدير المصري يبلغ بالسوق العالمية نحو ١٠ آلاف دولار.

من جانبه، قال هاني الزهيري، مدير الشركة، إن القصدير يعد باكورة إنتاج الشركة من تلك المنطقة، لافتا إلى أن تأخر انتاج الشركة كان نتيجة وجود عدة معوقات، منها صعوبة إقناع مؤسسات التمويل العالمية بضخ أموالها حاليا في البلاد في ظل حالة الاضطراب السياسي وعدم الاستقرار، مشيرا إلى تكلفة المشروع تقدر بنحو ٢٥٠ مليون دولار.

وقال «الزهيري» إن مد المياة للمصنع استغرق ٣ سنوات، وأن نقص السولار يؤدى فى بعض الأحيان إلى وقف الماكينات والآلات التي تعمل جميعها بالسولار، مشيرا إلى أن الشركة تسعى للتعاقد مباشرة مع شركات نقل وتوزيع المنتجات البترولية للحصول على كميات ثابتة من السولار. ويختتم «الزهيري» حديثته بالتأكيد على أن استهلاك الآلات والسيارات في الموقع للسولار يقدر بنحو ٥٠ ألف طن شهريا، وأنه جار التفاوض مع شركة «شيفرون» لتوريد السولار مباشرة إلى الشركة بالسعر الصناعي بدلا من الاعتماد على توفير المنتج من محطات البنزين.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية