بعد نحو عام ونصف العام على نجاح ثورة 25 يناير في الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، مازالت الثورة مستمرة، ومازالت دماء المصريين المطالبين بالتغيير والتطهير والديمقراطية تسيل في الشوارع على يد الشرطة أحيانًا، والجيش أحيانًا أخرى، وفي أحيان ثالثة على يد «مجهولين» تمت تسميتهم بـ«الطرف الثالث» أو «المواطنين الشرفاء» أو «البلطجية».
9 مارس 2011: أول الاعتصامات
بدأ استخدام القوة ضد حركة الشارع بعد أقل من شهر على «التنحي»، ففي ساعات الفجر الأولى من يوم 9 مارس داهمت الشرطة العسكرية ميدان التحرير لفض اعتصام مئات النشطاء المطالبين بإقالة حكومة الفريق أحمد شفيق بالقوة، مستخدمة العصي الكهربائية التي ظهرت لأول مرة في يد الجيش وقتها، ومع اعتقال 171 متظاهرًا تعرضت 7 فتيات لكشوف عذرية داخل السجن الحربي، وتحت ضغط الجهات الحقوقية تم تحويل الضابط الطبيب الذي قام بكشف العذرية لإحدى الفتيات (سميرة إبراهيم) إلى محاكمة عسكرية بتهمة القيام بفعل يخدش الحياء العام، وهي التهمة التي يعدها القانون المصري جنحة. لكن تمت تبرئة الضابط من التهمة بعد مثوله أمام القضاء العسكري.
9 أبريل 2011: اعتصام «جمعة التطهير»
بعد مرور شهر واحد على حادثة 9 مارس، وفي الفجر أيضا، داهمت الشرطة العسكرية ميدان التحرير يوم 9 أبريل لفض اعتصام مئات المواطنين ممن قرروا المبيت في الميدان بعد انتهاء «جمعة التطهير» إلى حين تحقيق مطالبهم بمحاكمة مبارك ورجال نظامه، هذه المرة استخدمت الشرطة العسكرية القوة المفرطة ضد المعتصمين، فوقع أول شهداء اعتصامات ما بعد التنحي، حيث استشهد مواطنان اثنان تأثرًا بجراح ناجمة عن أعيرة نارية، وأُصيب 18 آخرون.
15 مايو 2011: أحداث «السفارة الإسرائيلية»
في الذكرى الثالثة والستين للنكبة الفلسطينية، نظمت الائتلافات الثورية مظاهرة أمام السفارة الإسرائيلية، وفي المظاهرة التي شارك فيها آلاف الشباب والمواطنين طالب المشاركون قوات الجيش والشرطة المتواجدة بكثافة في محيط السفارة بإنزال العلم الإسرائيلي، وهددوا باقتحام السفارة في حال عدم تنفيذ مطلبهم، وهو ما تسبب في اندلاع اشتباكات دامية بين الطرفين استخدم فيها الأمن القنابل المسيلة للدموع فضلا عن إطلاق أعيرة الخرطوش بكثافة مما أسفر عن سقوط نحو 353 جريحا، كانت هذه هي المرة الأولى التي تظهر فيها قوات الداخلية في مواجهة مباشرة مع الثوار منذ جمعة الغضب (28 يناير 2011).
28 يونيو 2011: أحداث «مسرح البالون»
بعد أكثر من أربعة أشهر على إسقاط رأس النظام السابق لم يحصل أهالي شهداء الثورة على أي تعويضات مادية أو معنوية. وفي 28 يونيو 2011، وبينما كانت تتم وقائع احتفالية بمسرح البالون لتكريم أهالي الشهداء، وقعت أعمال شغب بالمسرح ادعى البعض أنها من قبل بعض أسر الشهداء احتجاجا على تجاهلهم في الاحتفالية، تطورت أعمال الشغب إلى اشتباكات بين أهالي الشهداء ومئات ممن تضامنوا معهم من جهة وأفراد الشرطة من جهة أخرى، ثم امتدت إلى ميدان التحرير ومنه إلى محيط وزارة الداخلية، مستمرة حتى صباح اليوم التالي، مما أسفر عن سقوط مئات المصابين، وعن بدء اعتصام يوليو الشهير الذي كانت واحدة من نتائجه البدء في محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك.
23 يوليو 2011: أحداث «العباسية»
في الذكرى التاسعة والخمسين لثورة يوليو 1952، توجهت مسيرة سلمية من ميدان التحرير نحو مقر وزارة الدفاع بالعباسية احتجاجا على تسويف المجلس العسكري في تنفيذ مطالب الثورة، وتعرضت المسيرة في طريقها لهجوم من قبل مجموعة من الأشخاص الذين تم الزعم بأنهم من أهالي العباسية، وتبادل الطرفان التراشق بالحجارة مما أسفر عن إصابة 143 شخصًا واستشهاد شاب بنزيف في المخ بعد رشقه بحجر ضخم على الرأس، وشهدت تلك الأحداث ظهور طرف جديد في المواجهات بين المتظاهرين والأمن تم وصفه بحسب بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة بـ«المواطنين الشرفاء»، وهو الأمر الذي شكك فيه كثير من المتظاهرين الذين رأوا أن الحادث مدبر وليس عفويًا.
9 سبتمبر 2011: السفارة الإسرائيلية مرة أخرى
قام مئات من الشباب بهدم الجدار الخرساني الذي كانت القوات المسلحة قد شيدته لحماية السفارة الإسرائيلية بعد أحداث 15 مايو، منفعلين بحادث استشهاد جنود مصريين على الحدود برصاص إسرائيلي، وعلى إثر ذلك اندلعت اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين. والجديد في هذا اليوم هو ظهور طرف جديد في المشهد أطلق عليه البعض «البلطجية» الذين قال البعض إنهم هم المسؤولون عن محاولة اقتحام مديرية أمن الجيزة التي رد رجال الشرطة عليها بإلقاء القنابل المسيلة للدموع بكثافة، وكانت النتيجة اعتقال نحو 76 ممن كانوا في محيط الأحداث، ولم يتم الإعلان عما إذا كانوا هم من قاموا بأعمال الشغب أم أن التهمة هي التواجد فقط في مسرح الحدث.
9 أكتوبر 2011: «مذبحة ماسبيرو»
كانت أحداث ماسبيرو هي أعنف المواجهات المباشرة بين القوات المسلحة والحركة الجماهيرية حتى تاريخه، ففي يوم 9 أكتوبر 2011 تجمهر الآلاف من الأقباط ومعهم أعداد من المسلمين أمام مبنى ماسبيرو، احتجاجاً على هدم كنيسة بإدفو في الصعيد على يد مسلمين متشددين، وتحولت التظاهرة إلى اشتباكات بين المتظاهرين ورجال الجيش المكلفين بتأمين المبنى، وتم الادعاء بأن ما فجر العنف هو إطلاق رصاص حي من ناحية المتظاهرين صوب المجندين، لكن الحدث الأهم في ذلك اليوم هو قيام مدرعات الجيش بدهس المتظاهرين مما أسفر عن سقوط 24 شهيدًا وإصابة 213 آخرين، وقد برر المجلس العسكري هذا العنف غير المسبوق بأنه كان رد فعل من الجنود حيال ما قام به المتظاهرون.
19 نوفمبر 2011: أحداث «محمد محمود»
بعد غياب، وربما بسبب صدمة مذبحة ماسبيرو، عادت الشرطة للظهور في المواجهات مع المتظاهرين بدلا عن الجيش، إذ داهمت قوات الشرطة ميدان التحرير في ظهيرة يوم 19 نوفمبر، قبل أيام من بدء انتخابات مجلس الشعب، لفض اعتصام العشرات من أهالي الشهداء ومصابي الثورة المطالبين بالتعويضات والقصاص، وقامت الشرطة بهدم الخيام وملاحقة المعتصمين لإجبارهم على فض الاعتصام، وهو الأمر الذي أثار غضب أعداد كبيرة من شباب الثورة الذين قرروا النزول إلى الميدان للتضامن مع المعتصمين، وكانت النتيجة: اتساع الاعتصام واحتلال الميدان، مع استمرار الاشتباكات في محيط وزارة الداخلية لنحو أسبوع، وهو ما أسفر عن استشهاد 42 شخصًا وإصابة أكثر من ألف شخص، وجاءت معظم الإصابات في العيون، الأمر الذي اعتبره النشطاء والحقوقيون مقصودًا لا سيما مع انتشار فيديو لأحد ضباط الأمن المركزي وهو ينشن رصاصه على عيون المتظاهرين.
16 ديسمبر 2011: أحداث «مجلس الوزراء»
بعد أيام من قرار المعتصمين في التحرير نقل اعتصامهم إلى أمام مجلس الوزراء للمطالبة بإقالة حكومة الجنزوري، وبينما كانت انتخابات مجلس الشعب تجرى، اعتلى جنود الجيش ومجموعة أخرى ترتدي ملابس مدنية مبنى مجلس الشعب الملاصق لمجلس الوزراء ورشقوا المعتصمين بالحجارة وبعض الأدوات المنزلية والأثاث، فاندلعت المواجهات بين الطرفين، وأسفرت عن سقوط العشرات من الشهداء والمصابين، ولم تكتف قوات الجيش التي عادت مجددا إلى مواجهة المعتصمين بذلك، وإنما تدافعت نحو شارع مجلس الوزراء لفض الاعتصام باستخدام القوة، فاعتدت قوات الصاعقة على المعتصمين بالضرب وسحلت فتيات مما أدى إلى تعرية إحدى الفتيات، أطلق عليها النشطاء اسم «ست البنات»، أمام عدسات كاميرات الصحفيين.
2 فبراير 2012: مذبحة «بورسعيد»
في الذكرى الأولى لـ«موقعة الجمل»، حين هاجم البلطجية اعتصام التحرير الأول الذي أفضى إلى سقوط مبارك، وقعت مذبحة جديدة، ولكن هذه المرة في استاد بورسعيد، حيث هاجم مسلحون من بين المتفرجين جماهير الأهلي (ألتراس أهلاوي) في مدرجات استاد بورسعيد بعد نهاية مباراة الأهلي والمصري وسط «حياد» رجال الشرطة الذين أكد شهود عيان أنهم لم يتحركوا لحماية الجماهير، وانتهت تلك الأحداث باستشهاد 71 من ألتراس أهلاوي فضلا عن مئات المصابين.
2 مايو 2012: «العباسية» مرة أخرى
بعد هدوء نسبي طويل وفي يوم 2 مايو 2012 هوجم أنصار الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، المستبعد من سباق الرئاسة، ونشطاء متضامنين معهم، الذين كانوا معتصمين أمام وزارة الدفاع للمطالبة بسقوط حكم العسكر وعدد آخر من المطالب، من قبل عشرات «البلطجية» الذين تكرر ظهورهم في المواجهات مع المعتصمين والمتظاهرين، وقعت اشتباكات مسلحة بين الطرفين أسفرت عن مقتل 9 أشخاص وإصابة 169 آخرين، ومع استمرار الاعتصام وحشد عدد من القوى لـ«جمعة النهاية» في 4 مايو في ميدان العباسية، تجددت المواجهات في هذا اليوم لتسفر عن إصابة 373 شخصًا ومقتل شخص واحد بالرصاص الحي فيما فرض الحاكم العسكري حظراً للتجول بميدان العباسية لنحو ثماني ساعات.
4مايو: «جمعة النهاية».. العباسية من جديد
في تجدد لمواجهات العباسية، نظم المحتجون جمعة احتجاجية في ميداني العباسية والتحرير. غير أن مظاهرة العباسية تحولت لاشتباكات دامية، أسفرت تلك الاشتباكان عن إصابة 373 ومقتل شخص برصاص حي فيما فرض الحاكم العسكري حظراً للتجول بميدان العباسية لنحو ثماني ساعات.