اختلف خبراء سياسيون حول أحداث العباسية، فمنهم من رأى أنها مدبرة لتحدى سلطة الدولة وإثارة القلاقل فى هذا الوقت الحرج، ومنهم من رأى أنها تطور طبيعى لوجود مندسين وسط أنصار حازم أبوإسماعيل، فيما رأت «الجبهة السلفية» أن الأحداث ضمن مخطط من «المجلس العسكرى» لـ«إجهاض الثورة وتفتيت الوطن».
رأى الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن تلك الأحداث مدبرة من قبل الشيخ حازم أبوإسماعيل وأنصاره، لاختبار مدى قوة الدولة وسكوتها عن إثارتهم للفوضى، «وليس أدل من ذلك وجود أسلحة مع المعتصمين» - حسب قول «ربيع» - الذى طالب بالقبض على «أبوإسماعيل» وتقديمه للمحاكمة فوراً، بتهمتى تحدى سلطة الدولة والتحريض على إثارة الشغب والقلاقل.
كما وصف ربيع «أبوإسماعيل» بأنه «رأس الأفعى»، والمحرض الأساسى على تلك الأحداث الدامية التى أدت إلى إسالة دماء المصريين.
فيما استبعد الكاتب الصحفى صلاح عيسى أن تكون تلك الأحداث والاشتباكات مدبرة من قوى بعينها، «بل هى جزء من الارتباك والتشوش فى المناخ الذى نعيش فيه»، حسب قوله.
وقال «عيسى»: «فى اعتقادى أن كل ما حدث هو تطور لفكرة الاعتصام الذى قام به أنصار أبوإسماعيل وتدخلت فيه فئات ثورية أخرى لكى تطرح مطالب غير معقولة أو قابلة للتنفيذ فى هذا الوقت، مثل إلغاء المادة 28 وتسليم السلطة فى 30 يونيو، وعدم إجرإء الانتخابات الرئاسية فى ظل حكم المجلس العسكرى». وأضاف: «وهى مطالب غير عملية وغير منطقية، ولا تلقى تأييداً واسعاً بين بقية فصائل الثوار، وحرضت هذه الفصائل أنصار أبوإسماعيل على التوجه باعتصامهم إلى وزارة الدفاع سعياً منهم للتصعيد والصدام مع المجلس العسكرى واستفزازه فى مثل هذا الوقت الحرج».
ولا يشك حسين عبدالرازق، أمين عام حزب التجمع، فى وجود مؤامرة لــ«إجهاض» محاولات وضع الدستور وإنهاء الفترة الانتقالية الحالية واستمرار الوضع المتوتر فى مصر، موضحاً أنه قد يكون وراء تلك الأزمة المجلس العسكرى أو التيارات الإسلامية أو فلول النظام السابق «فلكل منهم مصالح معينة لتأجيج الوضع ولكننا لا نستطيع توجيه اتهامات بدون أى دليل».
وأشار إلى أنه على المجلس العسكرى بما يملكه من سلطة تنفيذية أن يتدخل لإنهاء هذه الأزمة وحقن الدماء وتقديم الحماية الكاملة للمعتصمين السلميين من هجوم البلطجية والتفاهم حول مطالبهم وتنفيذها.
من جانبه، قال الدكتور خالد سعيد، المتحدث باسم الجبهة السلفية، إن الحوار الوطنى الدائر الآن بين المجلس العسكرى والقوى السياسية هو حوار يخصهم وحدهم ولا يخص الشعب أو القوى السياسية الفاعلة فى الشارع، وإن ما يحدث فى العباسية الآن هو «مخطط» من المجلس العسكرى نفسه، مشيراً إلى أن هناك شهود عيان رأوا عساكر يأتون بزى مدنى لقتل وسحل المعتصمين.
وأضاف: «إن الحوار الذى يجرى الآن هو تغطية على تورط المجلس فى تلك الأحداث، لأنه لا يريد نجاح أى حوار ولا يعنيه تشكيل لجنة تأسيسية للدستور»، متهماً المجلس بالتخطيط لإجهاض الثورة كلها وتفتيت الوطن.
وقال: «كان الأحرى بالمجلس العسكرى أن يعلق الجلسات وأن يقوم بوقف حمامات الدماء فى العباسية، التى لن تقف إلا بتحقيق مطالب الشعب وإلغاء المادة 28 المشبوهة التى تعتبر عربوناً للتزوير».