بعد عام على مقتل زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، فى هجوم نفذته قوات أمريكية خاصة على منزله فى أبوت أباد بباكستان، تظهر تلك العملية كـ«ورقة انتخابية» يستخدمها معسكر الرئيس الأمريكى الديمقراطى باراك أوباما لتحقيق طموحه فى الفوز بولاية رئاسية ثانية، وتبديد أى اتهامات من جانب الجمهوريين بالضعف فى مجال الأمن القومى، على الرغم من تأكيد المحللين أن الاقتصاد سيكون هو القضية المحورية فى المعركة الانتخابية، وليس الأمن.
وبث فريق حملة أوباما الانتخابية الجمع الماضية شريط فيديو دعائياً ظهر فيه الرئيس الديمقراطى السابق بيل كلينتون وهو يشيد بأوباما الذى اتخذ، بحسبه، «أشرف وأصعب قرار» بتنفيذ عملية تصفية بن لادن، كما عرض الفيديو تصريحات سابقة لميت رومنى، الخصم المرجح لأوباما فى الانتخابات الرئاسية المقررة فى 6 نوفمبر، والتى عارض فيها الفكرة التى يدافع عنها أوباما منذ 2007 بالعمل داخل باكستان ضد «القاعدة»، مشككاً فى جدوى «إنفاق مليارات الدولارات لاعتقال شخص واحد». وجاء إطلاق الفيديو فى ذات اليوم الذى أعلنت فيه شبكة «إن. بى. سى» الأمريكية أن أوباما فتح «قاعة الأزمات» بالبيت الأبيض، التى تخضع لإجراءات أمنية مشددة، لإجراء مقابلة مخصصة للذكرى الأولى لمقتل بن لادن، فى خطوة غير مسبوقة.
وكان الرئيس الأمريكى أكد، فى 18 إبريل الحالى، على شعاره الانتخابى الذى أتاح له الفوز بفترة ولايته الأولى، وهو «التغيير»، قائلاً: «إن القاعدة أصبحت أضعف من أى وقت مضى وبفضل جنودنا الرائعين، لم يعد أسامة بن لادن موجوداً.. هذا هو التغيير»، فى حين لخص جو بايدن نائب الرئيس حصيلة ما أنجزه أوباما بقوله «لقد قتل بن لادن وجنرال موتورز لا تزال مستمرة»، داحضاً أيضاً مزاعم فشل أوباما على الصعيد الاقتصادى، ووجه نقداً لاذعاً لرومنى، مطالباً إياه بالاعتراف بأن أوباما «خلص الشعب الأمريكى من بن لادن وهو يقف على أبواب الجحيم».
ومع تركيز معسكر أوباما على إنجازاته فى ملف الأمن القومى، الذى يعد نقطة قوة تقليدية للجمهوريين، يرى مراقبون أن إدارة أوباما تحرص فى الوقت نفسه على ألا يظهر الرئيس بمظهر المستغل لذكرى مقتل بن لادن لتحقيق مكاسب انتخابية، وهو الاتهام الذى وجهه له بالفعل السيناتور الجمهورى جون ماكين، قائلاً: «إن الرئيس يهين مشاعر الأمريكيين الذين عانوا فى هجوم 11 سبتمبر 2001، عبر الزهو بمقتل بن لادن وتحويل الهجوم إلى دعاية انتخابية رخيصة»، كما أن القائمين على حملة أوباما يضعون فى الاعتبار أيضاً أنه برغم أن العملية تعد انتصاراً داخلياً يُحسب لأوباما، فإنها خلقت نوعاً من العداء لبلاده فى بعض أنحاء العالم الإسلامى، وخاصة باكستان.
وحول جدوى إثارة ذكرى عملية بن لادن فى تحقيق مكاسب انتخابية لأوباما، ذكرت مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية أن اصطياد الأعداء الذين وصفتهم بـ«الأشرار» يعد ركيزة جيدة تساعد الرؤساء الأمريكيين فى كسب تأييد مواطنيهم، مثلما سبق أن حدث مع بوش (الابن)، عقب نجاحه فى الإيقاع بالرئيس العراقى الراحل صدام حسين، وأكدت المجلة أنه فى الوقت الذى لا يتعين فيه على أوباما أن يتوقع من الناخبين إعادة انتخابه لنجاحه فقط فى القضاء على بن لادن، فإن كثيرين مازالوا ينظرون إلى هذا الأمر باعتباره أفضل إنجازاته.
لكن توماس مان من معهد «بروكينجز» للأبحاث استبعد أن يحسم الناخبون قرارهم بالنظر إلى مقتل بن لادن فقط «نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة» فى الولايات المتحدة، رغم تأكيده أن «كل المعطيات المتوافرة تشير إلى أن الشعب يحكم بشكل إيجابى على أوباما فى مجال الأمن القومى».