«يسقط يسقط حكم العسكر»، هو الهتاف الذى وحّد القوى السياسية فى اعتصامهم بشارع الخليفة المأمون المؤدى إلى وزارة الدفاع، لحين الاستجابة لمطالبهم المتمثلة فى حل اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات الرئاسية، وتعديل المادة 28 من الإعلان الدستورى، وتسليم السلطة للمدنيين، وذلك بعد المسيرة التى انطلقت من ميدان التحرير حتى مقر الوزارة.
رصدت «المصرى اليوم» النقاش بين بعض المعتصمين وجنود قوات الأمن، الذين طالبوهم «بالعمل على تحقيق أهداف وطموحات الثورة وألا تتعرضوا لإخوانكم، فهم مصريون»، فرد عليهم الجنود: «سامحونا.. غصب عننا، إنتو عارفين إننا فى ميرى ومنقدرش نخالف الأوامر».
وقال عدد من أنصار حازم أبوإسماعيل للجنود: «يجب أن يرحل المشير، وأن يعود أعضاء المجلس العسكرى إلى ثكناتهم بعد أن أثبتوا فشلاً ذريعاً فى المرحلة الانتقالية»، فرد عليهم الجنود: «يا إخونا ابعدوا عننا علشان نقضى الخدمة على خير، عاوزين نرجع لأهالينا سالمين الله يرضى عليكم».
وشهد الاعتصام الذى شاركت فيه حركتا شباب 6 إبريل، والاشتراكيين الثوريين، وأنصار الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل، و«ألتراس أهلاوى»، إطلاق الألعاب النارية وإشعال الشماريخ من قبل بعض شباب الألتراس، وقاموا بترديد شعاراتهم وأغانيهم الخاصة أثناء هتافاتهم فى حلقات دائرية، حتى الساعات الأولى من الصباح، تذكروا خلالها أصدقاءهم وزملاءهم الذين قُتلوا فى مذبحة بورسعيد، مرددين هتافات: «قتلوا الألتراس الأحرار عشان وقفوا مع الثوار.. اكتب على حيطة الزنزانة حكم العسكر عار وخيانة.. اضرب نار اضرب حى يا مشير دورك جى.. يسقط يسقط حكم العسكر»، كما رفعوا علم مصر بطول 10 أمتار، بالإضافة لرايات سوداء مكتوب عليها «لا إله إلا الله.. يسقط حكم العسكر»، كما حملوا لافتات مكتوباً عليها «عسكر قاتلون وقضاة خائنون»، «نريد محاكم ثورية»، «مجلس العسكر حمى الثورة المضادة».
ونصب عدد من المتظاهرين خيمتين على رصيف الشارع المؤدى للوزارة، تعبيراً عن الاستمرار فى الاعتصام فترة طويلة أمام وزارة الدفاع حتى رحيل المجلس العسكرى - على حد قولهم، فيما افترش آخرون الأعلام على الأرصفة وعلى جانبى الطريق، واستلقوا عليها، واستعان بعضهم بالبطاطين من الأهالى المتواجدين بجوار الوزارة لمواجهة برد الساعات المتأخرة من الليل.
أما حركة المرور فتوقفت تماماً منذ وصول المسيرة إلى مقر وزارة الدفاع، واستعانت الشرطة العسكرية المتواجدة بتعزيزات أمنية إضافية لحماية الوزارة والمنطقة بكاملها، وقاموا بمد الأسلاك الشائكة فى محيط الوزارة، منعاً للاقتراب من الجنود أو الاحتكاك بهم.
وشكل بعض المعتصمين لجاناً شعبية كدروع بشرية، وقاموا بحراسة المبانى المجاورة لوزارة الدفاع منعاً للاقتراب منها، وتجنباً لمنع أى احتكاكات أو مشادات.
وحضر اللواء حمدى بدين، قائد الشرطة العسكرية، بصحبة عدد من معاونيه فى حوالى الساعة 3 صباحاً إلى المعتصمين، وتحدث إلى قادة الاعتصام من «أولاد أبوإسماعيل» لمعرفة سبب المسيرة والاعتصام أمام مقر وزارة الدفاع، وقال لهم: «نحن قمنا بتوصيل الرسالة للمشير، ونرجو عودتكم إلى مقر اعتصامكم فى الميدان»، وهو ما قوبل بالرفض من المعتصمين، وهتفوا «انزل انزل».
فى حين رفض اللواء حسن الروينى، عضو المجلس العسكرى، الدعوات التى طالب بها بعض أهالى منطقة العباسية بأن يأمر قوات الشرطة العسكرية بفض الاعتصام بالقوة، قائلاً: «هيقولوا إحنا بنضربهم وبنسحلهم».
كما تواجد بعض من سيارات الإسعاف بميدان العباسية، وذلك ضمن الإجراءات التأمينية للمسيرة والاعتصام تحسباً لوقوع أى إصابات أو احتكاكات أو اختناقات.
من جانبه، استنكر وليد حجاج، منسق حملة الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل، دور الإعلام بجميع توجهاته قائلاً: «إن الهدف الرئيسى من الاعتصام أمام وزارة الدفاع هو تطبيق شرع الله، وحل اللجنة العليا للانتخابات، وتفعيل دور البرلمان وإقالة جميع الفلول ورحيل المجلس العسكرى».
وقال إنهم على أتم الاستعداد لأن يقدموا أنفسهم شهداء من أجل أن يطبق «شرع الله فى الأرض»، بحسب تعبيره، رافضاً كل الدعوات التى وجهها اللواء «الروينى» إلى المتواجدين بشارع الخليفة المأمون المؤدى إلى وزارة الدفاع بفض الاعتصام حتى تحقيق جميع المطالب وتحقيق أهداف الثورة بغض النظر عن ترشح الشيخ حازم أبوأسماعيل للرئاسة.
وعلى الجانب الآخر كثفت قوات الشرطة العسكرية من تواجدها، فضلاً عن المدرعات التى تمركزت بطول الطريق تحسباً لوقوع اشتباكات جديدة، وطالبت المعتصمين بالهدوء.
وبعد أن فشلت المحاولات بفض الاعتصام من جانب اللواء حسن الروينى ردد المتظاهرون «الروينى بتاع إشاعات»، «هيلا وهيلا.. الروينى يمشى الليلة»، «هيلا وهيلا.. المشير يمشى الليلة»، «يااللى قتلتوا إخواتى فى محمد محمود.. هو شهيد وانت أمام رب العباد».
وقال عدد من المعتصمين إن اللواء حمدى بدين، قائد الشرطة العسكرية، عضو المجلس العسكرى، حاول التفاوض معهم منذ حضوره وإقناعهم بالعودة لـ«التحرير» وفتح الطريق، إلا أن المتظاهرين هتفوا ضده «ارحل ارحل.. امشى امشى»، وأكد المتظاهرون أنهم معتصمون فى جهة واحدة من الشارع ويمكن للشرطة العسكرية أن تفتح الجهة الأخرى لحركة السيارات إذا أرادت.
وفى تمام الساعة الثالثة فجر السبت حاول أيضاً أحد قيادات الشرطة العسكرية المتمركزة بشارع الخليفة المأمون التفاوض مع المتظاهرين لفض الاعتصام المفتوح الذى بدأوه والعودة إلى ميدان التحرير مرة أخرى، لكن المتظاهرين كرروا رفضهم المغادرة، حيث اعتبروا تلك المفاوضات مجرد مساومة وتهدئة للأوضاع دون أن تأتى بثمارها وتحقق مطالبهم المتمثلة فى حل اللجنة القضائية العليا المشرفة على الانتخابات الرئاسية، وتعديل المادة 28 من الإعلان الدستورى.
واستمرت هذه المفاوضات بين قيادات قوات من الجيش والشرطة العسكرية والمتظاهرين حوالى 15 دقيقة دون أن تأتى بنتائج إيجابية، بعد ذلك افترش المتظاهرون الأرض بشارع الخليفة المأمون أمام قوات الأمن، ورددوا هتافات منها «يسقط يسقط حكم العسكر» و«الجيش المصرى بتاعنا.. والمجلس مش تبعنا» و«يااللى بتسأل إحنا مين.. إحنا شباب 25» و«معتصمين والحق معانا ضد مجلس بيتحدانا».
وفى الثالثة والنصف أكد المتظاهرون أنهم لن يغادروا المكان لحين الاستجابة لمطالبهم المتمثلة فى حل اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات الرئاسية، وتعديل المادة 28 من الإعلان الدستورى، وذلك بعد فشلهم فى الوصول بمسيرتهم إلى وزارة الدفاع.
وفى الساعة الرابعة سادت حالة من الهدوء التام بشارع الخليفة المأمون بعد توقف الهتافات، حيث أدى العشرات صلاة الفجر بمقر اعتصامهم، فى حين ذهب البعض الآخر منهم إلى المساجد القريبة.
وأعلنت «حركة 6 إبريل - الجبهة الديمقراطية»، تضامنها مع الاعتصام، كما شارك عدد من أعضاء الحركة فى الاعتصام بشارع الخليفة المأمون، فيما تواجد عدد من النشطاء السياسيين من بينهم نوارة نجم وأحمد دومة.