عندما يمتد الصراع بين طرفين على شىء طوال 40 عاماً ويتمسك كل طرف دون مرونة بحقه فى حيازته، فلابد أن هذا الشىء يتمتع بمزايا ومواصفات فريدة تدفع كل طرف لعدم التفريط فيه.. واكتسبت جزر أبوموسى وطنب الصغرى والكبرى هذه الأهمية والقيمة التاريخية والاستراتيجية فى منطقة الخليج فور انسحاب قوات بريطانية منها عام 1971، لتفرض إيران سيطرتها عليها وتبقى قواتها فيها منذ ذلك الحين مستندة فى ذلك إلى أن تبعية الجزر تعود لها لـ«أسباب تاريخية بحتة» ليبدأ صراع جديد مع الإمارات حول الجزر لم تكتب له كلمة النهاية بعد.
وعادة ما تحمل المناطق المتنازع عليها أهمية معينة، إما استراتيجية أو مجرد كونها غنية بالموارد الطبيعية، أو تعطى زخماً حدودياً لدولة ما، ومن هذا المنطلق أكد المحلل السياسى الإماراتى، أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبدالله عبدالخالق لشبكة «سى.إن.إن» الأمريكية الإخبارية أن أهمية الجزر الاستراتيجية تكمن فى وقوعها على مدخل الخليج الأمر الذى دفع إيران إلى التعجيل باحتلالها بمباركة بريطانية أمريكية فى السبعينيات، رغبة فى أن تكون شطرى المنطقة، وتتحكم فى المداخل والمخارج فى الخليج
وتبعد جزيرة «أبوموسى» نحو 80 كيلومتراً عن الإمارات، ونشرت إيران قواتها بكثافة فى الجزيرة، ونصبت صواريخ ومعدات عسكرية أخرى، وهو ما يشكل تهديداً للأراضى الإماراتية، بينما تؤكد طهران بشكل ثابت أن «نواياها» طيبة تجاه جيرانها فى دول الخليج، وتتمتع الجزيرة بالتربة الخصبة والمياه الجوفية العذبة ما انعكس على تنوع النشاط الاقتصادى لسكان الجزيرة من زراعة ورعى وصيد وملاحة واستخراج الثروات المعدنية.
ويعتبر الساحل الشرقى لـ«أبوموسى» أكثر صلاحية لرسو السفن من الساحل الغربى، ولهذا تقصدها السفن ذات الغاطس الكبير.
أما «طنب الكبرى» فتتحكم فى مضيق هرمز وتسيطر على مدخل المحيط الهندى إلى الخليج العربى، وأضفى سطحها المنبسط وارتفاعها الجبلى طابعاً خاصاً وجاذباً لفرض السيطرة على منافذها، وكانت الجزيرة مأهولة بالسكان.
وأصبحت «طنب الصغرى»، الغنية بالنفط، الضلع الثالث للمثلث موضع النزاع بين إيران والإمارات بتلالها الداكنة فى طرفها الشمالى وطبيعتها الصخرية، حيث يبلغ أقصى ارتفاع فى الجزيرة حوالى 116 متراً، ورغم موقعها الجغرافى المتميز لم تكن مأهولة بالسكان فى الماضى لانعدام الموارد المائية فيها.