x

الفرنسيون صوّتوا لـ«إسقاط ساركوزي».. و«الرجل الثالث» مفاجأة الدور الأول

الإثنين 23-04-2012 13:02 | كتب: رامتان عوايطية |
تصوير : أ.ف.ب

«صدفت استطلاعات الرأي وإن كذبت» هذه المقولة تتأكد جليا من خلال نتائج الدور الأول للانتخابات الفرنسية التي جاءت مطابقة لتوقعات استطلاعات الرأي في الأسابيع الأخيرة والتي قدمت المرشح الاشتراكي فرانسوا هولاند على خصمه اليميني الرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي.

إلا أن الاستطلاعات نفسها لم تفلح في التنبؤ بأن «الرجل الثالث» في هذه الانتخابات سيكون امرأة من أقصى اليمين هي مارين لوبان، زعيمة حزب الجبهة الوطنية المتطرف، بينما كان الجميع يراهن على الزخم الذي بعثه جان لوك ميلانشان، زعيم الجبهة اليسارية الذي حل رابعا.

«الرجل الثالث» إذا هو مفاجأة الدور الأول في الانتخابات الرئاسية الفرنسية هذا العام بدون منازع. فلوبان حصدت ما لا يقل عن 18.48 % من الأصوات، وهو في حد ذاته رقم قياسي مقارنة بما حققه والدها الزعيم التاريخي لليمين المتطرف جان ماري لوبان. كما أن رصيدها في هذه الانتخابات يمثل نقلة نوعية بالنسبة لحزبها الذي كان بالأمس القريب هامشيا، وقد تبوأ بفضل نتائج هذا العام مرتبة ممثل المعارضة اليمينية على حساب يمين تقليدي هرم يمثله حزب ساركوزي الحاكم.

وفي جميع الأحوال يجمع المراقبون أن تصويت الفرنسيين بكثرة لليمين المتطرف هو في حد ذاته رفض مباشر للرئيس ساركوزي ولسياسته القائمة على «تجفيف منابع اليمين المتطرف» التي انتهجتها حكومته، فيما يخص ملفات حساسة، على رأسها الهجرة والأمن.

هذا ما يراه باتريك ميللر، المحلل السياسي والصحفي بجريدة لومانيتيه الفرنسية، الذي أشار إلى أن نتائج الدور الأول أعطت الصدارة لمرشح «مبتدئ» كما يصفه اليمينيون، ذلك أن هولاند الذي ترأس لسنوات طويلة الحزب الاشتراكي الفرنسي، يفتقد الخبرة والمراس مقارنة بخصمه اليميني ساركوزي.

ولم يتولى هولاند منصبا حكوميا واحدا ولا حقيبة وزارية كما أنه لا يتمتع بعلاقات ولا بخبرة في المجال الدولي وكلها نقاط ضعف ركز عليها ساركوزي للنيل من مصداقية غريمه اليساري. فلماذا صوت الفرنسيون بكثرة لهولاند، ولماذا منحوه الصدارة؟

يقول ميللر لـ «المصري اليوم» إن تصويت الفرنسيين كان بمثابة «تصويت ضد شخص ساركوزي، لأنه ومنذ وصوله إلى قصر الإليزيه عام 2007 أحدث قطيعة مع التقاليد الفرنسية الخاصة برؤساء الجمهورية. فهو لم يخف علاقاته الوطيدة بأصحاب المليارات. كما أنه جعل من حياته الشخصية مسرحا للعلن بما فيها طلاقه من زوجته الأولى سيسيليا وزواجه السريع من عارضة الأزياء كارلا بروني. ويضاف إلى ذلك نمط مخاطبته المبتذل للفرنسيين الأمر الذي أحدث قطيعة بين هيبة منصب الرئيس والفرنسيين».

وتابع ميللر «إضافة إلى كل ذلك، تشعر شريحة واسعة من الفرنسيين من ذوي الدخل المحدود أن  ساركوزي خدعهم عندما وعدهم في 2007 بحياة كريمة تقوم على ربح المزيد من المال مقابل تقديم المزيد من الجهود في إطار العمل، وقد تلاشى هذا الوعد بالإضافة إلى وعد تحسين القدرة الشرائية تحت وطأة الأزمة الاقتصادية العالمية تبعتها أزمة الديون الأوروبية وشبه إفلاس اليونان».

مغازلة ساركوزي لليمين المتطرف لم تنجح في جذب ناخبي أقصى اليمين إلى حظيرة اليمين التقليدي فحسب، بل إنها أبعدت الكثير من الفرنسيين ذوي الأصول المهاجرة عن الرئيس المنتهية ولايته على غرار «ثريا» وهي فرنسية خرجت تحتفل بتفوق المرشح الاشتراكي.

وأكدت ثريا لـ «المصري اليوم» أنها صوتت لصالح هولاند بهدف إبعاد ساركوزي عن الحكم ونزع صفة تمثيل كل الفرنسيين عنه، لأنه كما تقول «لا يمثلني أنا التي أحمل اسما عربيا، أنا التي أومن بفرنسا العدالة والأخوة والمساواة، فرنسا التي أحبها ليست فرنسا التي يجسدها ساركوزي».

هدف «إسقاط ساركوزي» يبقى التحدي الأكبر للدور الثاني أمام أحزاب اليسار مجتمعة التي التفت حول المرشح الاشتراكي، لا دعما لمشروعه ولكن «للتخلص من سنوات ساركوزي»، على حد تعبير ميلانشان، زعيم الجبهة اليسارية، الذي خاطب مؤيديه ليدعوهم إلى هزيمة ساركوزي دون أن يذكر لمرة واحدة اسم هولاند.

هذا لا يعني أن سنوات ساركوزي قد ولت للأبد وأن اللعبة قد حسمت بالفعل، لأن المرشح اليميني  «حيوان سياسي شرس»، كما يسميه الكثيرون هنا، ولأن تاريخ الانتخابات الفرنسية حافل بمفاجآت المشهد الأخير.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية