x

بالصور.. «المصري اليوم» بين الناخبين الفرنسيين أثناء التصويت في حي «كليانكور» الشعبي

الأحد 22-04-2012 16:03 | كتب: رامتان عوايطية |

بحركة سريعة متكررة، يضع يده على فتحة الصندوق، ويعلن «أفوتيه»، وتعني بالفرنسية «لقد انتخب»، ثم يعيد الكرة ثانية وثالثة ورابعة.

«إنها البداية، لا يزال اليوم طويلا»، قالها «سيدريك»، الذي استيقظ باكرا على غير عادته أيام الأحد ليترأس عملية الاقتراع في مكتب التصويت رقم 19 الواقع في شارع «كليانكور» أعالي باريس، وهي منطقة شعبية تتركز فيها غالبية السكان المهاجرين والأقل دخلا.

مخاوف من عزوف السكان في الأحياء الشعبية

«سيدريك» الأستاذ ذو الأصول الأفريقية يتخوف من ارتفاع نسبة المقاطعة في مكتبه، نظرا لعزوف الفرنسيين في الأحياء الشعبية عن السياسة «مع أنهم أول من سيتأثر بالتحولات السياسية في هذا البلد»، على حد قوله، ويضيف: «كل ما أرجوه ألا يتكرر سيناريو انتخابات 2002 عندما حملت نسبة المقاطعة مرشح اليمين المتطرف إلى الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية».

10 مرشحين يتنافسون على مقعد الرئاسة هذا العام أبرزهم الرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي وخصمه الاشتراكي فرانسوا هولاند، إضافة إلى بزوغ نجم مرشحي أقصى اليمين واليسار، مارين لوبان، رئيسة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف، وجان لوك ميلانشان رئيس جبهة اليسار، الذي أعاد إلى الواجهة زخم الشيوعيين الفرنسيين وجمع تحت رايته كل الساخطين على سياسة رأس المال والنظام الاقتصادي العالمي المترنح تحت وقع الأزمات المتعاقبة.

انتخابات الرئاسة في فرنسا هذا العام تختلف عن سابقاتها، نظرا للسياق الفرنسي المتأثر بالأزمة الاقتصادية الأوروبية، ونظرا كذلك للتحديات الكثيرة التي  تنتظر الرئيس المقبل.

«الفرنسيون يريدون رئيسا للجميع»، قالها «لوران» الذي جاء يدلي بصوته معتبرا أنه سيعيد التصويت لصالح الرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي، لأنه الأقدر على تولي الحكم والأكثر خبرة في الشؤون الدولية. ويوضح: «فرنسا ليست جزيرة منقطعة عن محيطها، يجب أن يمتلك الرئيس بعدا أوروبيا وعالميا لكي يحسن التعامل مع تحديات الأزمة العالمية التي تهددنا جميعا».

الاقتصاد والبطالة يتصدران أولويات الناخبين بدلاً من الأمن

الأزمة الاقتصادية، البطالة، أزمة السكن، غلاء المعيشة هي الأولويات بالنسبة لعدد كبير من الفرنسيين هذا العام، فيما تراجعت مطالب احتلت الصدارة في الانتخابات الأخيرة، على غرار مطلب الأمن، خاصة في الأحياء الفقيرة التي تنتشر فيها الاعتداءات بهدف السرقة أو السطو.

وقد جعلت الحكومة اليمينية من هاجس الأمن رأس حربة برنامج المرشح ساركوزي الذي أرسل رسالة حزم تجاه الخطر الإسلامي بعد أحداث «تولوز ومونتوبان» الأخيرة والتي اكتشف فيها الفرنسيون وجها جهاديا فرنسيا من أصول جزائرية يكن العداء لقيم الجمهورية الفرنسية ويعلن الولاء لتنظيم القاعدة.

«ساركوزي فرّق بين الفرنسيين ولعب على وتر العنصرية»

«محمد» المقيم في فرنسا منذ 10 سنوات، يصوت هذا العام للمرة الأولى بعد أن حصل على الجنسية الفرنسية، ويقول إنه سيصوت للمرشح الاشتراكي لأنه لم يستعمل أحداث «تولوز ومونتبان» لأغراض انتخابية. ويضيف لـ«المصري اليوم»: «لا أريد أن أنتخب ساركوزي لأنه فرق الفرنسيين ولعب على وتر الشعور بالخوف لا بل إنه غذى عنصرية البعض ومعاداتهم لكل ما هو أجنبي ومختلف».

بدوره، اعتبر «جيرار» أن طريقة الحكم التي انتهجها اليمينيون طيلة السنوات الأخيرة غريبة عن التقليد الفرنسي القائم على مبادئ حقوق الإنسان، ويقول جيرار: «لا أفهم هذه الحكومة، لم نر هذا من قبل، لم نتعود على رئيس يستعرض حياته الشخصية ويفاخر بقربه من أرباب المال وأصحاب الملايين، لم نعرف رئيسا يؤلب الفرنسيين على بعضهم ويريد أن يسحب الجنسية من بعضهم لإرضاء قسم من ناخبي اليمين المتطرف، المسلمون يعيشون بيننا منذ سنوات طويلة، والإسلام ديانة مثل باقي الديانات، لا يعقل أن تستغل الحكومة اليمينية جنون شخص مريض اسمه محمد مراح لبث سموم عنصرية في بنية المجتمع الفرنسي».

من جهته يرى «مامادو» المتحدر من أصول سنغالية أن الحكومة اليمينية كسرت البنية الاجتماعية بإهمالها للتعليم وللأحياء الفقيرة وبذلك عززت فرص النجاح أمام طبقة من المحظوظين وقطعت طريق التقدم الاجتماعي أمام الطبقات الاجتماعية الأكثر فقرا.

لكن مامادو، الذي سيصوت لصالح الاشتراكي هولاند، يقول إنه يفعل ذلك مجبرا لا مخيرا: «لا يوجد هناك بديل حقيقي ومقنع، ولا ينفع أن أصوت لبقية المرشحين لأنهم في كل الأحوال لن يجتازوا الدور الأول وبالتالي يجب أن يكون التصويت مفيدا وفعالا لإخراج ساركوزي من الإليزيه».

إلا أن إخراج ساركوزي من الإليزيه هو آخر ما يسعى إليه «العم منصور» الذي لا يخفي أنه سيصوت لمرشح اليمين: «سأصوت لساركوزي على عيوبه لأنني تاجر وأخاف أن أخضع إلى زيادة الضرائب التي يريد المرشح الاشتراكي فرضها علينا، هو يريد أن يأخذ مجهود عرقنا ليوزعه على الكسالى من الفرنسيين».

رغم تباين توجهات الناخبين في حي كليانكور الباريسي الشعبي، إلا أن استطلاعات الرأي تتفق غالبيتها على تقدم حظوظ المرشح الاشتراكي فرانسوا هولاند على الرئيس المنتهية ولايته ساركوزي، إلا أن المتتبعين للسياسة الفرنسية لا يستبعدون حدوث مفاجأة ما قد تخلط الأوراق قبل الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، الأحد المقبل.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية