لفظ إمام مسجد مصري في اليونان يُدعى «محمد سلام» أنفاسه الأخيرة، الجمعة، بعد غيبوبة استمرت 15 يوما إثر الاعتداء عليه من قبل رب عمله (يوناني الجنسية)، وسط «تجاهل تام من مسؤولي القنصلية المصرية في أثينا»، على حد قول أبناء الجالية الذين نظموا وقفة احتجاجية أمام مقر السفارة، فور سماع نبأ وفاته.
وندد المتظاهرون وبينهم أعضاء في حركة «6 أبريل»، بما وصفوه «تجاهل» مسؤولي السفارة للواقعة رغم إبلاغهم بها قبل 15 يوما، ورددوا هتافات قالوا فيها: «محمد فقد حياته من أجل حياة كريمة لابنته.. فهل من مجيب؟!».
وأثناء الوقفة التي بدأت 5 عصرا، وقعت بعض المشادات مع رجال الأمن اليوناني، عندما حاول المتظاهرون الاعتصام خارج مقر البعثة، على اعتبار أن التصريح الصادر لوقفة سلمية محددة بمدة زمنية معينة، على حد تأكيد مصدر أمني.
وخلال الوقفة، قال محمود أبو حامد، من أبناء الجالية المصرية، إنه اكتشف الواقعة قبل أسبوعين بالمصادفة عندما اتصل بمحمد (32 عاما) ليؤم صلاة الجمعة، فتم إبلاغه بأنه محتجز في أحد المستشفيات بعد تعرضه لاعتداء غامض وأن حالته خطيرة.
وأكد أبو حامد أنه أبلغ السفارة المصرية بالواقعة فورا يوم 5 أبريل لتتابع الحالة ولتقوم بالإجراءات القانونية اللازمة، علما بأن محمد «لم يكن وضعه قانونيا في اليونان التي وصل إليها بطريقة غير شرعية منذ عامين فقط، ومن ثم لا يحمل تأمينا طبيا يسمح له بالعلاج على نفقة الدولة».
كانت حالة من الغضب قد انتابت أبناء الجالية على مدار الأسبوعين الماضيين، بسبب «عدم تحرك أي جهة» لمعرفة المعتدي وسبب الاعتداء، وهو ما دفع بعضهم للتحري بنفسه.
ويقول أحمد ذكي، منسق حركة 6 أبريل، وأحد الداعين للوقفة، إنه طوال الفترة الماضية «لم يكن لدينا معلومات عن مكان سكن أو عمل محمد»، وأضاف أنه عندما توجه البعض إلى السفارة للاستفسار عنه، أجاب أحد المسؤولين بأن «شغل الاستخبارات هذا من شأن الشرطة وليس من شأن المواطنين المصريين العاديين».
وأوضح «عندما لم نجد استجابة من السفارة أو البوليس، قررنا البحث بأنفسنا، فتوجهنا إلى حديقة يجتمع فيها الأجانب (عمال اليومية) حتى وصلنا إلى شخص تعرف على محمد، وبالتدريج توصلنا إلى مكان سكنه وهو بيت مهجور ليس به مياه أو كهرباء».
لكن أبو حامد قال: «توصلنا إلى مكان سكن محمد بعدما ساعدتنا السفارة في استخراج تقرير مفصل عن مكان وساعة نقله للمستشفى، وبالفعل تم استخراج التقرير، وبناء عليه، تم التوصل لمكان عمل محمد». وأضاف: «بعد ذلك اشتبهت السلطات اليونانية في صاحب العمل (يوناني الجنسية) وألقت القبض عليه وأنكر في البداية معرفته بمحمد، إلا أن مواطنا يونانيا آخر أثبت العكس، فجرى حبس صاحب العمل 4 أيام على قيد التحقيق».
وفي حديثه لـ«المصري اليوم»، قال إبراهيم سلام، شقيق الإمام الذي جاء من إيطاليا لتسلم جثمان المجني عليه، إنه سيصل إلى القاهرة، الثلاثاء 6 مساء.
وبدوره، أكد القنصل المصري في أثينا محمد المهدي أن «جثمان محمد سيتم إرساله إلى القاهرة على نفقة الدولة، ونظرا لعدم وجود جواز سفر له، سيتم استخراج وثيقة سفر باسمه، وسيتم التنسيق الآن مع وزارة الصحة في القاهرة لاستكمال الإجراءات».
وقال لـ«المصري اليوم» إن تأخر الإجراءات في معرفة مكان سكن محمد جاء بسبب خطأ ورد في بيانات التقرير الأولي للإسعاف، وعلق على الوقفة قائلا: «من حق الناس التعبير عما يدور حولها، ونحن نقدر موقفهم وألمهم بسبب موت محمد، خاصة أن أخلاقه كانت عالية وتمتع بسمعة طيبة بين أبناء الجالية، لكن هناك لبسا في المعلومات لدى البعض، فالسفارة لن تترك حق محمد ولا حق أي مصري موجود في أثينا».
وأوضح القنصل: «نحن راضون عن إجراءات الشرطة اليونانية حتى الآن، خصوصا أنه يتم التنسيق مع إدارة شرطة الأجانب التابعة لوزارة حماية المواطن، بما يعني أن الجريمة اتخذت بعدا سياسيا.. سنتابع التفاصيل باستمرار وسنقوم بإرسال التقارير أولا بأول إلى وزارة الخارجية في مصر كي لا يضيع حق محمد».