أكد عمرو موسى، مرشح رئاسة الجمهورية، أن مصر تحتاج إلى ثورة تشريعية حتى يتم القضاء على الفساد الذى وصفه بأنه يكمن فى نصوص القوانين، وقال: «الفاسد يخرج زى الشعرة من العجين بالقانون».
وضح «موسى» أن زياراته للمناطق العشوائية والمقابر كشفت عن كذب تصريحات النظام السابق عن تقدم المؤشرات الاقتصادية، واصفاً مصر بأنها تعانى من خلل كبير، وقال: «حل مشكلاتنا يكمن فى تطبيق اللامركزية فى جميع القطاعات». يرى «موسى» أن الثورة حققت أهدافاً عديدة، لكنها تعانى من سوء تعبير بعض الأشخاص عنها، واصفاً الانتخابات الرئاسية بأنها لا تخضع لأنصاف الفرص، كما نفى ذكره لأى من منافسيه بسوء. وطالب «موسى» المجلس العسكرى بالوقوف على مسافة واحدة من جميع المرشحين، كما عبر عن سعادته بدعم حزب الوفد له فى الانتخابات باعتباره الحزب الذى وضع المنهج السياسى الذى تسير عليه مصر الآن.
وإلى نص الحوار..
■ كيف استقبلت تأييد حزب الوفد لك مرشحاً لرئاسة الجمهورية؟
- أسعدنى القرار خاصة أن «الوفد» حزب عريق وصاحب دور أساسى فى الحركة الوطنية المصرية، وهو من وضع المنهج السياسى الذى تسير عليه مصر الآن، والذى يعتمد على أن مصر دولة مستقلة لا تنضم إلى تحالفات، وهى السياسة التى تبناها الرئيس جمال عبدالناصر خلال فترة حكمه، كما أن رفض دخول مصر حروب إقليمية كان قراراً وفدياً، وكل ذلك يشكل فى ذهنى أساساً سياسياً وفكرياً يجعلنى أقدر حزب الوفد، وقد زارنى نائب رئيس الحزب للتشاور حول آلية دعمى.
■ لكن سبق للوفد أن أعلن تأييده لك، ثم تراجع لتأييد منصور حسن؟
- فى الحياة السياسية جزء من التفاعل مثل المناورات، والمهم عندى النتيجة النهائية.
■ لماذا توقعت فى بيان لك أن يدفع المجلس العسكرى بـ«عمر سليمان» مرشحاً للرئاسة؟
- ما ذكر على لسانى فى هذا الإطار لم يكن دقيقاً، فعندما سألنى البعض عن ترشح عمر سليمان قلت يبدو إن عليه ضغوطاً للترشح وإن هناك تفسيرات بأنه مرشح المجلس العسكرى، ولكننى فى الحقيقة لا أعتقد ذلك، ولا أعتقد أن يدفع المجلس العسكرى به للترشح.
■ هل تعتقد أن المجلس العسكرى سيقف على مسافة واحدة من كل المرشحين؟
- هناك أشخاص ذهبوا لـ«العسكرى» لإعلامه بترشحهم، وهؤلاء ممن يقال عنهم «الجامدين» فيقول لهم المجلس «تفضلوا الباب مفتوح للجميع»، وفى النهاية يجب أن يقف المجلس على مسافة واحدة من كل المرشحين حتى يعطى المصداقية للانتخابات.
■ لماذا عبرت عن دهشتك من ترشح الفريق أحمد شفيق للرئاسة؟
- أنا لا أتحدث بسوء عن أى من المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية، ومهما كان الخلاف بيننا يجب أن يكون بموضوعية، وبالتالى لا أطلق تعبيراً غير سليم فى مواجهة الآخرين.
■ تقصد أنك لست مسؤولاً عما ينشر على لسانك؟
- هناك شىء غريب الآن فى مصر وهو أنه دائماً هناك فرق بين ما تقول وما ينشر نقلاً عنك، وتلك الفروق من الممكن أن تكون صغيرة أو متوسطة أو كبيرة، لكن هناك فروقاً وعندما تقرأ ما فى بيانى المتعلق بترشح عمر سليمان ترى أن الأصل مخالف تماماً لما تم نشره.
■ هل هذا سوء نية أم عدم قصد؟
- من الواضح أن هناك سوء أداء ولا يوجد تدريب كاف لبعض الإعلاميين الذين تتركهم مؤسساتهم للتجربة والخطأ، لكن هناك أيضاً سوء النية فى بعض التناول.
■ لماذا تقدمت بهذا العدد القليل من التوكيلات إلى اللجنة الرئاسية؟
- جمعت أكثر من 100 ألف توكيل، وما أردته هو الالتزام بشرط تقديم 30 ألف توكيل من 15 محافظة، وعدد من التوكيلات الاحتياطية، إذا تم الحكم ببطلان بعض التوكيلات، وتقدمت بنحو 45 ألف توكيل لأننى أرى أننا لسنا فى مرحلة «الشو الإعلامى».
■ لذلك استبعدت توكيلات محافظة الأقصر؟
- استبعدتها بالكامل وشكرت أهالى الأقصر، لأنه إذا كان هناك خطأ فإن هناك بعض الصواب.
■ هل تعدد مرشحى تيار الإسلام السياسى يفيد عمرو موسى؟
- التعدد ليس لمرشحى تيار الإسلام السياسى فقط، لكن هناك تعدداً أيضاً لمرشحى التيارين الليبرالى واليسارى، والمهم أن يصارح المرشح نفسه هل توجد أمامه فرصة للفوز أم لا؟ فلا مجال للحديث عن أنصاف الفرص.
■ هل المشهد الحالى يطمئنك على المستقبل؟
- أنا متفائل بمستقبل البلد، مستنداً إلى وعى كل المصريين من البحر المتوسط شمالاً إلى الخطوط مع السودان جنوباً ومن العريش شرقاً إلى حدودنا مع ليبيا غرباً، فالشعب واع جداً حتى مع نسبة الأمية التى تقدر بـ30٪، وما أعلمه جيداً أن الوضع فى مصر الآن به خلل كبير ولا يكفى الحديث فى المستقبل بالمؤشرات الاقتصادية لأننا فى ظل النظام السابق لن نتحدث عن معدل نمو مرتفع وصل 7٪، ثم اكتشفنا أن 50٪ يعيشون عند خط الفقر، إذن، هناك سوء سياسة وسوء توزيع وسوء تخطيط.
■ وأين كنت من ذلك الخلل؟
- فى السنوات العشر الأخيرة لم أكن ضمن منظومة الحكم، ورغم ذلك كنت متابعاً للسياسة المصرية، وكانت لى تحفظات كثيرة كنت أقولها فى حينها، وبالطبع كانت متابعتى ناقصة قياساً بمتابعتى للعالم العربى وقضاياه وتحدياته من خلال جامعة الدول العربية. وعندما اطلعت على الوضع الداخلى انزعجت بشدة وتأكدت أن مصر فيها خلل كبير جداً يتطلب سياسة مختلفة عما سبق، ورسم سياسة اقتصادية تقر بأن توزيع العائد يكون فى صالح الفقراء، لأنهم عانوا كثيراً جداً، ولما ذهبت لرؤية الفقراء فى قرى محافظات الصعيد والوجه البحرى وسيناء وفى الصحراء الغربية والشمالية والعشوائيات والأحياء الفقيرة فى القاهرة، خاصة سكان القبور عرفت ماذا تعنى كلمة تراجع فى المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، فالخدمات والمشروعات تقريباً غير موجودة، فلا توجد وحدات صحية، والحالة السكنية سيئة جداً، وتلال القمامة فى كل مكان بصريح العبارة «الناس فى مصر مش مستريحة».
■ النظام السابق كثيراً ما أرجع سوء الخدمات إلى الزيادة السكانية؟
- الزيادة السكانية قوة بشرية لو أحسنت إدارتها تضيف إلى الاقتصاد، ويمكن تطويرها بالتعليم والتدريب وتأهيلها للعمل فى الأسواق العالمية كأحد أهم صادراتنا وبريدى الإلكترونى ملىء بالإعلانات عن الوظائف فى السعودية والكويت وغيرهما من الدول العربية الأخرى.. لماذا لا نركز على تصدير العمالة المصرية للخارج بدلاً من المشكلة الكائنة.
■ لو فزت بالرئاسة.. هل تستطيع التصدى لمنظومة الفساد الحالية؟
- الفساد فى مصر مضىء، وتستطيع أن تكسب بفسادك فى ظل القانون، وتخرج، كما يقولون «مثل الشعرة من العجين»، وبعض القوانين تقول مثلاً يحظر كذا وكذا وتليها مواد تقول ومع ذلك أو عبارة بموافقة الوزير، الفساد يكمن بين تلك العبارات.
■ نراك ترمى إلى ضرورة الاهتمام بإصلاح المنظومة التشريعية أولاً!
- على الرئيس القادم أن يبدأ أولاً بمراجعة القوانين، لأننا نحتاج- إذا جاز التعبير- «لثورة تشريعية» وبرنامجى الانتخابى يطبق اللامركزية، وستكون المحافظات صاحبة الفصل فى 80٪ من إدارة أمور المواطنين، وليس من الضرورى أن ترجع الإدارات التعليمية فى الأقاليم إلى الوزارة فى كل صغيرة وكبيرة، واللامركزية التى اقترحها تعتمد على انتخاب المحافظ والعمدة بمدة 4 سنوات تجدد لفترة واحدة، فى الوقت نفسه، ننتخب المجالس المحلية وندعم سلطاتها الرقابية.
■ هل تقبل أن تكون رئيساً للدولة بحكومة إخوانية؟
- الإخوان هم حزب الأغلبية، ولابد أن أتعامل معهم من هذا المنطلق، ولا يصح أن نتعامل مع حزب الأغلبية مثل أى حزب آخر، فالأغلبية لها ثقل يؤخذ فى الاعتبار، أما الحكومة وتشكيلها فتلك مسألة تتوقف على ما سينتهى إليه الدستور الجديد.
■ البعض يشير من وقت لآخر لعلاقتك بـ«مبارك» ومؤسسة الحكم لينال منك؟
- على من يحاول تشويه صورتى أن يقرأ مذكرات الرئيس السابق مبارك التى نشرتها إحدى الصحف القومية حتى يعرف كيف وقف عمرو موسى فى مواقف وطنية، فى وجه كل المؤسسات الموجودة ونجح فى تغيير بعض السياسات ورفض تنفيذ أى سياسة لم يكن مقتنعاً بها، وعموما أقول: كان يوجد فى مصر رجال يتصدون وقت الخطر.
■ هل صحيح أنك رفعت صوتك على الرئيس السابق وزوجته داخل قصر الرئاسة؟
- أنا أرفض الصوت العالى والشتيمة، ولم أرفع صوتى على أحد، ولكننى حددت موقفى بذوق فى الحوار، وبالتالى أرفض ما يشاع عن تطاولى على الرئيس السابق وزوجته.
■ كيف تنظر إلى الثورة بعد أكثر من عام على قيامها؟
- غيرت وجه مصر ولا يجب التفريط فيها، ولكن يوجد سوء تعبير عن الثورة الذى يجب أن يكون رصيناً وليس بالصوت العالى، ويجب أن يعبر عنها كبار النفوس ليكسبوها زخماً ومصداقية واحتراماً لأنها ليست ثورة فى قرية حتى يتنافس على رئاستها من لا علاقة لهم بمفهوم إدارة الدولة.
■ ما موقفك من إسرائيل عندما تكون رئيساً؟
- هو الموقف الذى اتخذته عندما كنت وزيراً للخارجية، وهناك ملفات كثيرة يجب أن نكثف التعامل معها وعلى رأسها ملف القضية الفلسطينية.
■ هل يتوقف التطبيع مع إسرائيل على موقفها الحالى من القضية الفلسطينية؟
- التطبيع سيستمر بالدرجة الحالية، بلا زيادة أو نقصان، ويجب أن نقدر عواطف الناس ومشاعرهم، خاصة أن الجانب الإسرائيلى غير ملتزم، وسياسته تتسم بالاستعلاء وعدم الاهتمام بالسلام.
■ وهل ستبقى على شكل العلاقة الحالية مع أمريكا؟
- لا يصح أن تكون العلاقة مهتزة، كما لا يصح أيضاً أن نخضع فيها للإملاءات، ويجب أن يسود تلك العلاقة الاحترام المتبادل، فأمريكا دولة عظمى فى العالم، وتعلم أن مصر مفتاح العالم العربى، ومن المفهوم أنه سيكون هناك صعوبة بالغة لإعادة صياغة تلك العلاقة، لكن لا يصح أن نتلقى اتصالاً يأتى بنعم لتسير الأمور وآخر بلا ليتوقف كل شىء.
■ وما موقفك من إيران ودول الخليج التى تعتبر طرفاً ثالثاً فى العلاقات المصرية الإيرانية؟
- لابد من الحوار مع إيران لبحث أسباب المشاكل والوصول لحل فى صالح البلدين، وهذا الحوار قد يكون لخدمة دول الخليج، لأن من موضوعات الخلاف العلاقة بين السنة والشيعة، والجزر الإماراتية، وموقف إيران من العلاقات العربية الإسرائيلية، ويجب أن نتحدث فى تلك الموضوعات بمنتهى الصراحة.